الصفحات

الجمعة، 29 يونيو 2018

الأصل عدم اختصاص مجلس الدولة بمنازعات بيع أملاك الدولة الخاصة لتعلقها بالملكية .


القضية رقم 3 لسنة 39 ق " تنازع " جلسة 2 / 6 / 2018
الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر (ط) في 6 / 6 / 2018 ص 91
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من يونيه سنة 2018م، الموافق السابع عشر من رمضان سنة 1439 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو
والدكتور طارق عبدالجواد شبل      نواب رئيس المحكمة
وحضور  السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبوالعطا رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع    أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
 في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 39 قضائية " تنازع ".
المقامة من
1- محافظ القاهرة
2- مدير عام ادارة أملاك الدولة بمحافظة القاهرة
3- مدير عام الإدارة العامة لإيرادات محافظة القاهرة
4- رئيس اللجنة العليا لتثمين الأراضى بمحافظة القاهرة
ضد
عبدالفتاح عبدالمقصود سيد أحمد عمر
الإجراءات
      بتاريخ الرابع من مارس سنة 2017، أقام المدعون الدعوى المعروضة، بإيداع صحيفتها قلم كتاب هذه المحكمة، طلبًا للحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 26/4/2016 في الدعوى رقم 8072 لسنة 62 قضائية، لحين الفصل في النزاع المعروض. وفى الموضوع: الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 31/5/2000 في الدعوى رقم 6451 لسنة 1999 مدنى كلى، والمؤيد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة الصادر بجلسة 27/9/2006 في الاستئناف رقم 5310 لسنة 4 قضائية، دون الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري السالف بيانه.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليه كان قد أقام الدعوى رقم 6451 لسنة 1999 مدنى كلى ، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ، ضد المدعيين الأول والثاني، بطلب الحكم أولاً: بإلزامهما بتحرير عقد بيع له عن قطعتي الأرض رقمي 19 و37 تقسيم المنطقة الصناعية بجسر السويس، على أساس سعر المتر جنيه    مصري واحد مع اعتبار الثمن مسدد بالكامل. ثانيًا: ببراءة ذمته من أى مستحقات مالية كمقابل انتفاع عــن قطعتي الأرض سالفتي الذكر. ثالثًا: إلزام المدعى عليهما - المدعيان الأول والثاني في الدعوى المعروضة - بأن يؤديا إليه ضامنين متضامنين مبلغًا قدره 17485 جنيهًا مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة حتى تاريخ السداد. وذلك على سند من أن المدعى في تلك الدعوى يضع يده على قطعتي تلك الأرض ويحوزهما حيازة هادئة ومستقرة وأقام عليهما مصنعين مرخصين، وأنه بتاريخ 20/1/1980 تقدم إلى المدعى الثاني بطلب شراء هاتين القطعتين، وتأشر على طلبه بالدراسة، إلا أن طلبه قد التُفتْ عنه دون مبرر، رغم سداده مبلغ 20800 جنيه للإدارة العامة لأملاك محافظة القاهرة بموجب شيكين مصرفيين، بما يجاوز ثمن قطعتي الأرض بمبلغ قدره    17485 جنيهًا ، الذى يطلب استرداده مع فوائده القانونية. وبجلسة 31/5/2000 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المدعى عليه في الدعوى المعروضة ذلك الحكم، أمام محكمة استئناف القاهرة، بالاستئناف رقم 5310 لسنة 4 قضائية، التي اندبت خبيرًا في الدعوى انتهى في تقريره إلى أن أساس شغل المستأنف عيني النزاع - قطعتي الأرض المذكورتين - هو محضر استلام كل منهما، للانتفاع بها واستغلالها بمقابل لحق الانتفاع، وأن محافظة القاهرة باعت عددًا من قطع الأراضي الكائنة بالتقسيم الواقع به عيني النزاع نفاذًا لقرار رئيس مجلس الـوزراء رقم 1107 لسنة 1995، إلا أن تلك البيوع لم تشمل قطعتي الأرض محل الدعوى المستأنفة، على النحو الذى تبين من مطالعة إضبارتيهما بالإدارة العامة لأملاك محافظة القاهرة، وتضمن تقرير الخبير أن المستأنف لم يقدم ما يؤيد موافقة الجهة المستأنف ضدها على بيع قطعتي الأرض السالف ذكرهما إليه. وبجلسة 27/9/2006 حكمت تلك المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف على سند من أن "المستأنف عليهما - المدعيين الأول والثاني في الدعوى المعروضة - لم يعلنا بداءة عن رغبتهما في البيع رغم انعقاد لجان التثمين، وعلى الجانب الآخر لم يعلنا قبولهما إيجاب المستأنف الراغب في الشراء والتصديق عليه بقبول البيع ممـــــن يملكه، الأمر الذى يكون معه شرط انعقاد العقد - غير متوافر - وهو وجوب تلاقى إرادة طرفيه على إبرامه". لم يرتض المدعى عليه ذلك القضاء وطعن عليه بالتماس إعادة النظر، المقيد برقم 10009 لسنة 11 قضائية، وبجلسة 23/2/2011 قضى برفض الالتماس. ومن جهة أخرى ، كان المدعى عليه قد أقام الدعوى رقم 8072 لسنة 62 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ، مخاصمًا المدعين الأربعة في الدعوى المعروضة ، بطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محافظة القاهرة بتقدير سعر المتر للقطعتين رقمي 19 و37 بتقسيم المنطقة الصناعية بالنزهة الجديدة، وتحرير عقد بيع بواقع أربعة جنيهات للمتر، وبراءة ذمته من المبالغ المطالب بها، استنادًا إلى الأسباب ذاتها التي أقام عليها دعواه أمام جهة القضاء العادي سالفة الذكر، وبجلسة 26/4/2016 قضت تلك المحكمة بإلغاء تقدير جهة الإدارة المدعى عليها لسعر المتر بأرض القطعتين رقمي 19 و37 بتقسيم المنطقة الصناعية بالنزهة محافظة القاهرة بواقع 1440 جنيهًا للأولى و1500 جنيه للثانية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إلزام هذه الجهة بتحرير عقد بيع لصالح المدعى عن هاتين القطعتين بواقع 150 جنيهًا للمتر. وشيدت تلك المحكمة قضاءها على سند من أن "الثابت من الأوراق - خاصة مذكرة مدير عام إدارة أملاك محافظة القاهرة المؤرخة 20/1/2008 - أن المدعى - المدعى عليه في الدعوى المعروضة - يضع يده منذ عام 1977 على أرض القطعتين رقمي 19 و37 بتقسيم المنطقة الصناعية بالنزهة محافظة القاهرة - حيث تبلغ مساحة الأولى 1000 متر مربع والثانية 1315 مترًا مربعًا ، وأقام على الأولى مصنعًا لصناعة الجلود، والثانية ورشة لتصنيع البلاستيك، وقــــدم عدة طلبات لتملكها اعتبارًا من عام 1997، وقد وافقت المحافظة على التصرف بالبيع له، إلا أنها قدرت سعر المتر بالقطعة الأولى بواقع 1440 جنيهًا، والثانية بواقع 1500 جنيه ، فتظلم المدعى من هذا التقدير خاصة أنه سبق أن سدد عام 1999 مبلغ 10000 جنيه على ذمة ثمن القطعة الأولى، ومبلغ 10800 جنيه على ذمة ثمن القطعـة الثانية، بموجب شيكين - حسبما ثبت من مستندات المدعى -، وأن السعر السائد بذات المنطقة الواقع بها الأرض محل التداعي عام 2006/2007 لواضعي اليد في التاريخ المعاصر لوضع يد المدعى هو ما بين 100 جنيه و150 جنيهًا للمتر.

      وإذ ارتأى المدعون أن ثمة تناقضًا بين الحكم النهائي في الاستئناف رقم 5310 لسنة 4 قضائية، الصادر من محكمة استئناف القاهرة، المؤيد للحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 6451 لسنة 1999 مدنى كلى شمال القاهرة، الذى قضى برفض إلزام المدعيين الأول والثاني تحرير عقد بيع للمدعى عليه عن قطعتي الأرض رقمي 19 و37 تقسيم المنطقة الصناعية بجسر السويس النزهة محافظة القاهرة، وبين الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 8072 لسنة 62 قضائية ، الذى قضى بإلزام المدعين جميعًا بتحرير عقد بيع لصالح المدعى عليه عن قطعتي الأرض المذكورتين بواقع مائة وخمسين جنيهًا للمتر، وأنه يتعذر تنفيذ هذين الحكمين معًا، أقاموا الدعوى المعروضة بغية فض ذلك التناقض.
      وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقًا للبند ثالثًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أى جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما موضوع النزاع في جوانبه كلها أو بعضها وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا. متى كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن حكم محكمة استئناف القاهرة المؤيد لحكم محكمة شمال القاهرة الابتدائية المشار إليهما قضيا برفض إلزام جهة الإدارة تحرير عقد بيع للمدعى عليه عن قطعتي الأرض السالف بيانهما، وأن حكم محكمة القضاء الإداري بالقاهرة قضى بإلزام جهة الإدارة بتحرير عقد بيع للمدعى عن قطعتي الأرض ذاتهما، ومن ثم فإن الأحكام المشار إليها تكون قد اتحدت نطاقًا، وتعامدت على محل واحد، وتناقضت بحيث يتعذر تنفيذها معًا، وتحقق بالتالي مناط قبول طلب فض التناقض المعروض بينها.
      وحيث إن قضاء هذه المحكمة، قد جرى على أن المفاضلة التي تجريها بين الحكمين النهائيين المتناقضين، لتحدد على ضوئها أيهما أحق بالاعتداد به عند التنفيذ؛ إنما تتم على أساس ما قرره المشرع من قواعد لتوزيع الولاية بين جهات القضاء المختلفة.
      وحيث إنه من المقـرر قانونًا أن العقـود التي تكون الإدارة طرفًا فيها، لا تعتبر جميعها من العقود الإدارية، وإنما مرد الأمر في تكييفها القانوني، إلى مقوماتها، وبوجه خاص إلى ما إذا كانت شروطها تدل على انتهاجها لوسائل القانون العام.
      متى كان ذلك، وكانت المادة (31 مكررًا) من قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 والمضافة بالقانون رقم 148 لسنة 2006 قد أجازت التصرف في العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة بطريق الاتفاق المباشر لواضعي اليد عليها الذين قاموا بالبناء عليها، وذلك وفقًا للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المالية، بالشروط التي يلزم توافرها لإجراء التصرف، وتحديد السلطة المختصة بإجرائه واعتماده، وأسس تقدير المقابل العادل له وأسلوب سداده . وكان قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2041 لسنة 2006 قد صدر نفاذًا لذلك القانون، ناصًّا في مادته التاسعة على أن "يكون التعامل على أملاك الدولة بالبيع أو التأجير أو الترخيص بالانتفاع أو بالاستغلال في الحالات سالفة البيان وفقًا لشروط عامة على النحو الآتي: ألا يكون العقار محل طلب التعامل مخصصًا لمنفعة عامة، وأن تكون الحيازة محل وضع اليد ظاهرة وهادئة ومستقرة، ويحظر على الأسرة الواحدة (الزوج والزوجة والأولاد القصر) الاستفادة أكثر من مرة من أحكام هذا القرار في غير حالة التعامل على زوائد التنظيم. وفى حالة الإخلال بأي شرط من الشـروط التي تم التعامل على أساسها يكون العقد مفسوخًا من تلقاء ذاته دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو حكم قضائي أو اتخاذ أى إجراء قانوني آخر...."، فإن مـؤدى ما تقدم أن التنظيم القانوني للتعامل على أملاك الدولة الخاصة بالبيع وغيره من صور التعامل الأخرى - بحسب الأصل - لا تظهر فيه جهة الإدارة بمظهر السلطة العامة، كما لا يتصل هذا التنظيم بتسيير مرفق عام، بالنظر إلى أن هذه الأموال تُشَبَّهُ في خصائصها ونظامها القانوني بالملكية الخاصة، وتدار بأساليب القانون الخاص التى تلائم أغراض استخدامها واستثمارها؛ ولا يعدو استعمال جهة الإدارة لحقها في الفسخ أن يكون إعمالاً من جانبها لنص المادتين (157 و158) من القانون المدني التي تجيز أحكامها الاتفاق في العقــــــود الملزمة للجانبين، على أن يعتبر العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه. ومن ثم فإن منازعة المدعى عليه جهة الإدارة في قبول بيع قطعتي الأرض سالفتي البيان إليه، إنما ينضبط الفصل فيها بقواعد القانون الخاص التي تحكم بيع العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة، ومن بينها نصوص قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، والذى تساند الحكمان المتناقضان إلى أحكامه؛ إذ شيد حكم محكمة استئناف القاهرة قضاءه بعدم قبول جهة الإدارة إيجاب المدعى عليه، على النتائج التي خلص إليها تقرير خبير الدعوى المار بيانها، في حين أقام حكم محكمة القضاء الإداري بالقاهرة قضاءه فيما ذهب إليه من قبول جهة الإدارة لإيجاب المدعى عليه، على حجية بيانات المحرر الرسمي الصادر عن المدعى الثاني السالف الإشارة إليه.
      ومقتضى ما تقدم أن المنازعة بشأن قبول جهة الإدارة بيع العقارين سالفي البيان إلى المدعى عليه - غير المقترن بشروط استثنائية غير مألوفة في روابط القانون الخاص والتي تدل على انتهاجها وسائل القانون العام - تعد من قبيل المنازعات التي تدور حول بيع أملاك الدولة الخاصة، والتي تختص جهة القضاء العادي بنظرها، بحسبانها صاحبة الولاية العامة في نظر المنازعات المتعلقة بالملكية، ومن ثم يكون الحكم الصادر من جهة القضاء العادي - دون الحكم الصادر من جهة القضاء الإداري - هو الأحق بالاعتداد به في مجال التنفيذ.
      وحيث إنه بالنسبة لطلب وقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه فإن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن طلب وقف تنفيذ أحـــــــــد الحكمين المتناقضين - أو كليهما - فرع من أصـل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ تهيأ ذلك النزاع للفصل في موضوعه - علـى ما تقدم - فإن قيام المحكمة بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب يكون قد صار غير ذى موضوع.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 31/5/2000 في الدعـوى رقم 6451 لسنة 1999 مدنى كلى ، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 27/9/2006 في الاستئناف رقم 5310 لسنة 4 قضائية، دون حكم محكمة القضاء الإداري بالقاهرة الصادر بجلسة 26/4/2016 في الدعوى رقم 8072 لسنة 62 قضائية.

عدم توافر المصلحة الدستورية في الطعن المباشر على نصوص قانون الضريبة على العقارات دون ارتباطها بمنازعة موضوعية


القضية رقم 20 لسنة 38 ق " دستورية " جلسة 2 / 6 / 2018
الجريدة الرسمية العدد 22 مكرر (ط) في 6 / 6 / 2018 ص 78
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من يونيه سنة 2018م، الموافق السابع عشر من رمضان سنة 1439 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمـــد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبدالجواد شبل   نواب رئيس المحكمة
وحضور  السيد المستشار / طارق عبدالعليم أبوالعطا رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 20 لسنة 38 قضائية " دستورية ".
المقامة من
1- السيد أحمد راشد السيد شحم
2- نجوى فـؤاد عبدالله
3- محمد أميـن أميــن
4- محمد سليمان إبراهيم الأعصر
ضــــــد
1- رئيس مجلس الـــوزراء
2- وزيـر الماليـة
3- رئيس مصلحة الضرائب العقارية
الإجراءات
      بتاريخ 27 فبراير سنة 2016، أقام المدعون هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم دستورية نصوص المواد (8، 12، 28) من قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008، وسقوط باقى مواده للارتباط.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وبجلسة 5/5/2018 قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بتقديم مذكرات في خلال أسبوع، ولم يقدم أى من الخصوم مذكرات في الأجل المشار إليه
المحكمــــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
    حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعين كانوا قد تقدموا بتاريخ 9/12/2009 إلى وزير المالية بطلب ضمنوه اعتراضهم على اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008، الصادرة بقرار وزير المالية رقم 493 لسنة 2009، فيما تضمنته من إلزامهم بتقديم الإقرار الضريبي حتى نهاية ديسمبر سنة 2009، لما يترتب على فرض هذه الضريبة من نشوء حالة ازدواج ضريبي مع أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، الذى يفرض ضريبة على العقارات التى تدر دخلاً، ولمخالفة قانون الضريبة على العقارات المبنية لأحكام المواد (4، 34، 38، 39، 61، 64، 65، 119) من الدستور الصادر سنة 1971، لفرضه ضريبة على العقارات التي لا تدر دخلاً، لتضحى هذه الضريبة مفروضة على الملكية. وبتاريخ 22/2/2010، أخطر رئيس الإدارة المركزية للشئون الضريبية بمصلحة الضرائب العقارية المدعى الثالث بأن قانـــــون الضريبة على العقارات المبنية المشار إليه لا يفرض ضريبة جديدة، وأن تقديم الإقرارات حتى 31/3/2010 مرتبط بعملية الحصر العام، وأن ذلك القانون لا يترتب عليه ازدواج ضريبي، إذ يتم خصم ما يسدد من الضريبة على العقارات المبنية من الوعاء الضريبي في مجال تطبيق قانون الضريبة على الدخل المشار إليه، كما أن قانون الضريبة على العقارات المبنية لا يخالف أحكام الدستور بفرضه ضريبة على العقارات المشغولة بعوض أو بغير عوض، إذ يمنح صاحب العقار الخيار في استغلال ملكه، دون أن يغير طبيعة المال ذاته وما أعد له من أن يكون مصدرًا للدخل، سواء تحقق هذا الدخل فعلاً أو حكمًا. وبتاريخ 28/2/2010، أقام المدعون أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 20082 لسنة 64 قضائية، ضد المدعى عليهما الثانى والثالث، طعنًا على قرار رئيس الإدارة المركزية للشئون الضريبية سالف الذكر، بطلب القضاء أصليًّا: بوقف تنفيذ وإلغاء هذا القرار، واحتياطيًّا: دفع المدعون بعدم دستورية المواد (8، 12، 28) من قانون الضريبة على العقارات المبنية المشار إليه، وسقوط باقى مواده للارتباط، وذلك على سند من مخالفة هذا القرار لنص المادة (63) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، لعدم عرض قانون الضريبة على العقارات المبنية المشار إليه على مجلس الدولة، وللخطأ في تطبيق القانون وإساءة استعمال السلطة، إذ فرض القانون ضريبة على العقارات المبنية بغض النظر عن تحقيقها دخلاً من عدمه، كما أخضع القانون المسكن الخاص للممول وأسرته للضريبة، ومنح وزارة المالية الحق في تقدير قيمة العقارات وإعادة تقييمها، وهو ما يؤدى إلى الاعتداء على الملكية الخاصة ويؤثر سلبًا على الاستثمارات الداخلية والخارجية في هذا المجال، فضلاً عن عدم دستورية المواد (8، 12،28) من ذلك القانون لمخالفتها للمواد (4، 34، 38، 39، 61، 64، 65، 119) من الدستور الصادر سنة 1971، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم الدستورية، وصرحت للمدعين برفع الدعوى الدستورية، أقاموا دعواهم المعروضة.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى الدستورية ينبغي أن تؤكد - بماهية الخصومة التي تتناولها - التعارض بين المصالح المثارة فيها، بما يعكس حدة التناقض بينها، ويبلور من خلال تصادمها ومجابهتها لبعض، حقيقة المسألة الدستورية التى تدعى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيها، فكان لزامًا بالتالي أن يكون للخصم الذى أقامها مصلحة واضحة في استخلاص الفائدة التي يتوقعها منها باعتبارها الترضية القضائية التي يرد بها عن الحقوق التي يدعيها مضار فعلية أصابتها أو تهددها من جراء إعمال النص التشريعي المطعون عليه، وترتيبه لآثار قانونية بالنسبة إليه، ومرد ذلك أن الحقوق الدستورية ليس لها قيمة مجردة في ذاتها، ولا يتصور أن تعمل في فراغ، وإنه أيًّا كان دورها أو وزنها أو أهميتها في بناء النظام القانوني للدولة ودعم حرياته المنظمة، فإن تقريرها تغيا دومًا توفير الحماية التى تقتضيها مواجهة الأضرار الناشئة عن الإخلال بها، يستوى في ذلك أن تكون هذه الحقوق من طبيعة موضوعية أو إجرائية. ومن ثم كان شرط المصلحة - وتندمج فيه الصفة - من الشروط الجوهرية التى لا تقبل الدعوى الدستورية في غيبتها، وهو بعد شرط تقرر بقانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 بما نص عليه في مادته الثامنة والعشرين من أنه "فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل، تسرى على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحكمة، الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها". متى كان ذلك، وكان نص المادة الثالثة من قانون المرافعات المدنية والتجارية مؤداه ألا تقبل أية دعوى لا يكون لرافعها فيها مصلحة قائمة يقرها القانون أو مصلحة محتملة بالشروط التي بينها. وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن الدستور الحالي أفرد هذه المحكمة بتنظيم خاص في الفصل السابع من الباب الخامس الخاص بنظام الحكم، حين ناط بها في المادة (192) مباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، مستهدفا بذلك أن يفوض المشرع في أن يحدد القواعد الموضوعية والإجرائية التي تباشر المحكمة الدستورية العليا - من خلالها وعلى ضوئها - الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية. وكان قانون هذه المحكمة قد نظم بالمادتين (27 و 29) منه الطرائق التي لا تقبل الدعوى الدستورية إلا بولوجها، وكان البين من هاتين المادتين أن كلتيهما لا تخولان الأشخاص الاعتبارية أو الأشخاص الطبيعيين الطعن في النصوص التشريعية بالطريق المباشر، ذلك أن أولاهما ترخص للمحكمة الدستورية العليا، حين يعرض لها بمناسبة ممارستها لاختصاصها نص في قانون أو لائحة يتصل بالنزاع المطروح عليها، أن تحكم بعدم دستوريته بعد اتخاذ الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى الدستورية، وعملا بثانيتهما يجوز لمحكمة الموضوع أن تحيل إلى المحكمة الدستورية العليا من تلقاء نفسها نص تشريعي لازم للفصل في النزاع المعروض عليها، إذ تراءى لها مخالفته للدستور، ولها كذلك أن ترخص لخصم دفع أمامها بعدم دستورية نص تشريعي لازم للفصل في النزاع المطروح عليها وقدرت جدية دفعه، بإقامة دعواه الدستورية خلال أجل لا يجاوز ثلاثة أشهر، وبذلك يكون قانون المحكمة الدستورية العليا قد استبعد بدلالة هاتين المادتين الطعون المباشرة التي تقدم إليها من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين عن طريق الدعوى الأصلية، التي لا تتصل المسألة الدستورية التي تطرحها بأية منازعة موضوعية بل تستقل تمامًا عنها، هادفة من وراء ذلك إلى إبطال النصوص التشريعية المطعون عليها إبطالاً مجردًا توجبه المصلحة النظرية الصرفة، وهى مصلحة لا يجوز الارتكان إليها لقبول الدعوى الدستورية التي يجب أن تتمثل محصلتها النهائية في اجتناء منفعة يقرها القانون.
      وحيث إنه متى كان ذلك، وكان استبعاد الدعوي الأصلية بعدم الدستورية مؤداه أن شرط المصلحة في الدعوى الدستورية مازال قائمًا ومتطلبًا لقبولها، وهو يُعد شرطًا لا يناقض طبيعة الرقابة القضائية على الدستورية التي تحركها هذه الدعوى ولا يتعارض والأوضاع المقررة في شأنها أمام المحكمة الدستورية العليا، بل هو أكثر ما يكون التصاقًا بها استصحابًا للصلة الحتمية التي تقوم بين الدعويين الموضوعية والدستورية، وقوامها أن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازما للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو في شق منها في الدعوى الموضوعية، فإذا لم يكن قضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن صحة أو بطلان النصوص المطعون عليها بذي أثر على النزاع الموضوعي، انتفت المصلحة في الدعوى الدستورية، وهى مصلحة تتحراها المحكمة الدستورية العليا في سعيها للتثبت من توافر شروط قبول الدعاوى المطروحة عليها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها هذا الاختصاص أو أن تحل محلها فيه.
      وحيث إنه على مقتضى ما تقدم، لا يجور قبول الدعـوى الدستورية إلا بتوافر الشروط اللازمة لاتصالها بالمحكمة الدستورية العليا وفقًا للأوضــــاع المنصوص عليها في قانونها، ويندرج تحتها شرط المصلحة التي حددتها المحكمة الدستورية العليا بأنها المصلحة الشخصية المباشرة التي لا يكفى لتحققها أن يكون النص التشريعي المطعون عليه مخالفًا للدستور، بل يجب أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعى - قد ألحق به ضررًا مباشرًا، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة ـ- وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - إنما يتحدد على ضوء عنصرين أوليين يحددان مضمونها، ولا يتداخل أحدهما مع الأخر أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن بعضهما بعضًا لا ينفى تكاملهما، وبدونهما مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة أن تباشر رقابتها على دستورية القوانين واللوائح، أولهما: أن يقيم المدعى - وفى حدود الصفة التي اختصم بها النص التشريعي المطعون عليه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا - اقتصاديًّا أو غيره - قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا مستقلاًّ بعناصره ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً، بما مؤداه أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها، ثانيهما أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعى أصلاً أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها، ومن ثم يكون زمام إعمال هذا الشرط - بعنصريه - بيد المحكمة الدستورية العليا وحدها، وإليها دون غيرها يعود أمر التحقق من توافره، وليس لجهة أخرى أن تفرض عليها مفهومًا معينًا لمضمونه.
      وحيث إنه متي كان ذلك، وكان المدعون قد توخوا بطلباتهم التي ضمنوها صحيفة دعواهم الموضوعية - محددة في الإطار المتقدم - وبحسب التكييف القانوني الصحيح لها، ألا تكون نصوص قانون الضريبة على العقارات المبنية المشار إليه ولائحته التنفيذية نافذة في حقهم والمخاطبين بها، توقيًا لتحميلهم بضريبة يرون أنها تفتقر إلى مقوماتها الدستورية، فإن دعواهم هذه تنحل إلى نزاع يتناول النصوص المطعون عليها في ذاتها، بقصد إيقافها دفعًا لإجراء مقتضاها في حق المشمولين بأحكامها، وليس لها بالتالي من صلة بأية حقوق موضوعية ذاتية وشخصية يدعيها رافعوها، وتستقل في مضمونها عن مشروعية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، وهو ما يفيد بالضرورة الطعن في النصوص محل التداعي بالطريق المباشر من خلال الدعوى الأصلية بعــــدم الدستوريـة، التي تتوخى الفصل بصفة مجردة ولمصلحة نظرية في دستوريــــــة نص تشريعي، بقصد إبطال سريانه إبطالاً مجردًا، ولا يجوز قبولها بالتالي لتعارضها وقانون المحكمة الدستورية العليا والأوضاع المقررة أمامها على ما سلف البيان، وتنقصها الصلة الحتمية بين الدعويين الموضوعية والدستورية، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 1827 لسنة 80 ق جلسة 14 / 4 / 2014


باسم الشعب
محكمـة النقـض
الدائـــرة الجنائيــة
دائرة الاثنين ( ج )
-----
        برئاســة السيد القــاضـي/ محمد ناجــــــي دربــالــــة     نائب رئيـس الــمـحــكــمــة
       وعضوية السادة القضاة / مـــــهــــــــاد خليـــفـــــــــة   و  علي نور الدين الناطوري
                                 وحــــمـــــودة نصـــــــــار     و   مــحـــمـــود عـــــــــاكـــــف 
                         نـواب رئيـس الـمــحـكـــمـة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / تامر الجمال .
وأمين السر السيـد / حنا جرجس .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الاثنين 14 من جمادى الآخرة سنة 1435 هـ الموافق 14 من إبريل سنة 2014م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 1827 لسنة 80 القضائية .
المرفوع من
..........                                                 " محكوم عليه"
ضــــــد
 النيـابــة العـــامــــة  
ومنهـــا ضــــــده

" الوقــائــع "

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين في قضية الجناية رقـم ... لسنـة 2009 مركز منوف (المقيدة بالجدول الكلي برقم .... لسنة 2009 شبين الكوم) بأنهم في الفترة من 8 من ديسمبر سنة 2008 وحتى 20 من ديسمبر سنة 2008 - بدائرة مركز منوف - محافظة المنوفية:
أولاً: المتهم الأول: عرض رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن عرض على .... - ملازم أول بوحدة مباحث مركز منوف - مبلغ مليون جنيه على سبيل الرشوة مقابل استغلال وظيفته بضبط واحتجاز .... بدون وجه حق لتمكينه وآخرين من إجراء أعمال حفر أسفل منزل سالف الذكر وتأمين تلك الأعمال للتنقيب عن قطعة أثرية ولكن الموظف العمومي لم يقبل الرشوة منه.
ثانيًا: المتهمون جميعًا: أجروا أعمال الحفر الأثري دون ترخيص من المجلس الأعلى للآثار بأن حفروا أسفل منزل .... الكائن بعزبة الكوم الأحمر مركز منوف محافظة المنوفية بغرض البحث والتنقيب عن قطع أثرية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا في 3 من نوفمبر سنة 2009 عملاً بالمادة 109 مكرر/1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه خمسمائة جنيه عما هو منسوب إليه والعزل من الوظيفة لمدة عامين عن التهمة الأولى ، وببراءته وباقي المتهمين من التهمة الثانية .
فقرر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 5 من نوفمبر سنة 2009 وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في ذات التاريخ موقع عليها من .... المحامي .
كما قررت النيابة العامة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 30 من ديسمبر سنة 2009 وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في ذات التاريخ موقع عليها من رئيسٍ بها .
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونًا.
        أولاً: الطعن المقدَّم من الطاعن الأول: ......:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
        ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عرض رشوة على موظف عام لم تقبل منه ، جاء مشوبًا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال واعتراه الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه دفع ببطلان إذن النيابة العامة
بالتسجيل لإنشائه على تحريات غير جدية ، ولصدوره من غير مختص ، وعن جريمة لم تقع ، وبطلان التسجيلات لعدم قيام المأذون له بالتسجيل بمهر شريط التسجيل ببصمة صوتية أو كتابية وعدم بيان وسيلته في التسجيل، إلا أن الحكم التفت دون رد على الدفع الأول، وقصر في الرد على باقيها ، والتفت عن الدفع بطلان الإذن بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، ولصدوره عن جريمة مستقبلة ، وتساند في الإدانة على أقوال شاهد الإثبات الأول التي تناقضت بتحقيقات النيابة العامة والتحقيق الإداري الذي أجرته وزارة الداخلية ، والتي فات على المحكمة ضمَّه ، كما تساند إلى أقوال النقيب .... التي لم تتصل بواقعة عرض الرشوة ، وقعدت النيابة عن طلب بيان المكالمات الصادرة والواردة على هاتفي الطاعن والمبلِّغ وتحريز هاتف الأخير وهو ما غاب على المحكمة تداركه ، وأخيرًا فإن الشاهد الأول لم يكن جادًا في قبول الرشوة ومن ثم فإن أركان الجريمة لا تكون متوافرة في حقه ، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
        من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت بما يكفي لحمل قضائه . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الإذن بالتسجيل كان استنادًا إلى بلاغ الشاهد الأول الملازم أول .... ولم يستند إلى التحريات كما ذهب إلى ذلك الطاعن ، فإن دفعه ببطلان الإذن بالتسجيل لعدم جدية التحريات يكون ظاهر البطلان ، ولا وجه للنعى على الحكم عدم الرد عليه ، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد على دفع ظاهر البطلان وبعيدًا عن محجة الصواب . لما كان ذلك ، وكات المادة 206 مكررًا من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 95 لسنة 2003 قد نصت على أنه " ... يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل - بالإضافة إلى  الاختصاصات المقررة للنيابة العامة - سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات في الأبواب الأول والثاني والثاني مكررًا والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات . ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة المبينة في المادة "143" من هذا القانون في تحقيق الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه . ويكون لهؤلاء الأعضاء من تلك الدرجة سلطات قاضي التحقيق فيما عدا مدد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في المادة "142" من هذا القانون ، وذلك في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات " . ونصت المادة 95 من ذات القانون " ... لقاضي التحقيق أن يأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والـطـرود لــدى مـكـاتــب البـريـد وجـمـيـع الـبــرقــيـات لــدى مكـاتب البـرق وأن يأمـر بـمـراقـبة الـمحـادثـات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو في جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر ". ومفاد النصين المتقدمين أن القانون خوَّل أعضاء النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل سلطات قاضي التحقيق في أمور معينة من بينها الأمر بإجراء التسجيلات في الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات - ومنها جناية الرشوة موضوع الدعوى الماثلة ، وكان البين من المفردات المضمومة أن الإذن الصادر من النيابة العامة بالتسجيل ، صدر من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة - خلافًا لما ذهب إليه الطاعن بأسباب طعنه - فإن تلك التسجيلات تكون قد تمت وفقًا لصحيح القانون ، ويكون الدفع ببطلان الإذن الصادر بها قائم على غير سند . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن إذن النيابة العامة بالتسجيل قد صدر بعد أن عرض الطاعن على الشاهد الأول مبلغ الرشوة، فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من الطاعن ، لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة ، وإذا انتهى إلى ذلك الحكم المطعون فيه في معرض رده على دفع الطاعن في هذا الصدد فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانونًا أن لمأموري الضبط القضائي - إذا ما صدر إليهم إذن بتسجيل الأحاديث - أن يتخذوا ما يروه كفيلاً بتحقيق الغرض من الإذن دون أن يلتزموا في ذلك طريقة معينة ، ماداموا لا يخرجون في إجراءاتهم على القانون - كالحال في هذه الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان الإذن الصادر من النيابة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، ولصدوره عن جريمة مستقبلة ، فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ، لأنهما من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقًا موضوعيًا مما لا شأن لمحكمة النقض به . هذا فضلاً عن أنه لا جدوى من النعى على الحكم بالقصور لعدم الرد على هذا الدفع مادام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى  دليل مستمد من القبض والتفتيش المدعى ببطلانهما . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات الأول وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد إنما ينحل إلى  جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى ، لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض . فضلاً عن ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لم يستند إلى أقوال شاهد الإثبات الأول بالتحقيق الإداري ولم يـشـر إليها في سياق أسبابه ، ومن ثم فإن دعوى التناقض التي أثارها الطاعن تكون على غير سند . وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب ضم التحقيق الإداري الذي أجرته وزارة الداخلية مع الشاهد الأول ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن ضمه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعوِّل في إدانة الطاعن على أقوال النقيب نبيل مسلم، ولم يشر إليه في مدوناته ، فإن ما يثيره بشأنها يكون على غير محل . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن طلب بيان بالمكالمات الصادرة والواردة على هاتفي الطاعن والمبلغ وتحريز هاتف الأخير ، لا يعدو أن يكون تعييبًا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح سببًا للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم في حق الطاعن من أنه عرض رشوة على شاهد الإثبات الأول ضابط الشرطة بمركز منوف لحمله على الإخلال بواجبات وظيفته بضبط محمد أنس مقداد واحتجازه بديوان المركز دون وجه حق لحين إتمام أعمال الحفر بمنزله مع تأمين تلك الأعمال ، يتوافر به جريمة عرض الرشوة كما هي معرفة به في القانون ، وكان لا يؤثر في قيام جريمة عرض الرشوة أن يكون المجني عليه غير جادًا في قبولها ، إذ يكفي لقيام تلك الجريمة مجرد عرض الرشوة ، ولو لم تُقبَل ، متى كان العرض حاصلاً لموظف عمومي أو من في حكمه ، وجديًا في ظاهره ، وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي ، فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة عرض رشوة على موظف عام يكون قد صادف صحيح القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص لا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .   
ثانيًا: الطعن المقدَّم من النيابة العامة:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
       ومن حيث إن النيابة العامة تعيب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهمة القيام بأعمال حفر أثري دون ترخيص استنادًا إلى أن منطقة الحفر ليست أثرية ولم يصدر قرار باعـتبـارهـا مـنطـقـة أثـرية ، رغـم أن الـقـانـون لـم يستلزم أن تكون منطقة الحفر أثرية مادام الحفر كان بقصد التنقيب عن الآثار ، مما يوجب نقض الحكم .
        وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد ان أورد نص المادتين 3 ، 20/3 من القانون  رقم 117 لسنة 1983 بشأن الآثار برَّر قضائه بالبراءة بقوله " ... أنه قد تبين للمحكمة من أقوال الشاهدين اللذين استمعت لهما وهما من العاملين بهيئة الآثار أن المسكن الذي أجريت به أعمال الحفر لم تنزع ملكيته ولم يصدر بشأنه قرارات إدارية أو وزاريه باعتبار أرضه أثرية ، ولا ينال من ذلك أنها قد أجريت دراسات أثرية بالمنطقة عام 1984 إلا أنه لم يصدر بشأنها قرارات باعتبارها منطقة أثرية ، الأمر الذي ترى فيه المحكمة أن الجريمة المسندة إلى جميع المتهمين في هذا الاتهام غير متوافرة الأركان ، مما يتعين القضاء ببراءتهم عملا بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية ". لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانونًا وفقًا لنص المادة الثالثة من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن الآثار أنه " تعتبر أرضًا أثرية الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التي يصدر باعتبارها كذلك بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة " ، كما نصت المادة 20 من القانون سالف الذكر على أنه " لا يجوز منح رخص للبناء في المواقع أو الأراضي الأثرية . ويحظر على الغير إقامة منشآت أو مدافن أو شق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة فيها أو في المنافع العامة للآثار أو الأراضى الداخلة ضمن خطوط التجميل المعتمدة . كما لا يجوز غرس أشجار بها أو قطعها أو رفع أنقاض منها أو أخذ أتربة أو أسمدة أو رمال أو إجراء غير ذلك من الأعمال التي يترتب عليها تغيير في معالم هذه المواقع والأراضي إلا بترخيص من الهيئة وتحت إشرافها ويسري حكم الفقرة السابقة على الأراضي المتاخمة التي تقع خارج نطاق المواقع المشار إليها في الفقرة السابقة والتي تمتد حتى مسافة ثلاثة كيلومترات في المناطق المأهولة أو لمسافة تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر في غيرها من المناطق . ويجوز بقرار من الوزير المختص بشئون الثقافة تطبيق أحكام هذه المادة على الأراضي التي يتبين للهيئة بناء على الدراسات التي تجريها احتمال وجود آثار في باطنها كما يسرى حكم هذه المادة على الأراضي الصحراوية وعلى المناطق المرخَّص بعمل محاجر فيها " ، ونصت المادة 29/1 من ذات القانون على أنه " تتولى هيئة الآثار الحفاظ على الآثار والمتاحف والمخازن والمواقع والمناطق الأثرية والمباني التاريخية كما تتولى حراستها عن طريق الشركة المختصة والخفراء والحراس الخصوصيين المعتمدين منها وفقًا للقواعد المنظمة لذلك " ، ثم نصت المادة 42/2 بند 2 المعدلة بالقانون رقم 3 لسنة 2010 على معاقبة كل من أجرى أعمال الحفر الأثري دون ترخيص . لما كان ذلك ، وكان مؤدى ما سلف بيانه من نصوص قانونية أن المشرع أناط بالوزير المختص بشئون الثقافة سلطة تحديد خطوط التجميل في المناطق الأثرية وحماية الأراضى الأثرية وحظر الحفر فيها أو منح رخص بناء عليها فضلاً عن إقامة أو إجراء استغلال بأى وجه فيها إلا بترخيص من هيئة الآثار وتحت إشرافها ، وحدد القانون المناطق التي يسري عليها هذا الحظر وهي الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بقانون الآثار أو التي صدر قرار باعتبارها أرضًا أثرية ، وكذلك الأراضى المتاخمة لتلك الأراضي التي تقع خارج نطاقها والتي تمتد إلى مسافة ثلاثة كيلومترات في المناطق المأهولة أو المسافة التي تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر في غيرها من المناطق ، وثالثها الأراضي التي يحتمل وجود آثار في باطنها والتي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص ، ورابعهما الأراضى الصحراوية ، وخامسها المناطق المرخَّص بعمل محاجر فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضائه بالبراءة - على نحو ما سلف - على سند من أن المنطقة التي قام المتهمون بالحفر فيها ليست منطقة أثرية وأنها ليست مملوكة للدولة ولم يصدر قرار بشأنها من الوزير المختص باعتبارها أرضا أثرية ، وهو ما لا تجادل فيه الطاعنة ، كما أنها لا تدعي بأنها من الأراضي المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها ، أو أنها من الأراضي الصحراوية ، أو المناطق المرخَّص بعمل محاجر فيها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه قد يكون أصاب صحيح القانون ، ويضحى النعي عليه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون غير سديد.
  فلهـذه الأسبــــاب
        حكمت المحكمة: أولاً: بقبول طعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع برفضه .
ثانيًا: بقبول طعن النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع برفضه .      

الخميس، 28 يونيو 2018

الطعن 2552 لسنة 63 ق جلسة 5 / 2 / 1995 مكتب فني 46 ق 44 ص 311

جلسة 5 من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة وعاصم عبد الجبار.

---------------

(44)
الطعن رقم 2552 لسنة 63 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها.
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي.
وجود ورقة الإذن بالتفتيش بيد مأمور الضبط القضائي وقت إجرائه. غير لازم. كفاية أن يكون الإذن ثابتاً بالكتابة.
الدفاع القانوني ظاهر البطلان. لا يستأهل رداً من المحكمة.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(4) دفوع "الدفع بتلفيق الاتهام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الادعاء بتلفيق الاتهام. موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(6) إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة العامة. لا أثر له على سلامة الحكم. العبرة عند المحاكمة بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها.
(7) وصف التهمة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة شيء عن وصف التهمة لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش. لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى. أساس ذلك؟
(9) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بالتناقض بين الدليلين القولي والفني لا محل له. ما دامت أقوال شاهد الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة غير متعارضة مع الدليل المستمد من تقرير المعمل الكيماوي.
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي بالتعارض بين الدليلين القولي والفني. ما دام قد أثبت العثور على آثار لمخدر الحشيش في جيوبه الثلاثة مما يصح حمل العقوبة على إحراز هذه الآثار.
(10) إجراءات "إجراءات التحريز". بطلان. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إجراءات التحريز تنظيمية. عدم ترتب البطلان على مخالفتها.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(11) نقض "المصلحة في الطعن".
المصلحة مناط الطعن. أوجه الطعن التي ليس لصاحبها مصلحة فيها. غير مقبولة.

----------------
1 - لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها. هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها.
2 - من المقرر أنه لا يلزم وجود ورقة الإذن بالقبض والتفتيش بيد مأمور الضبط القضائي وقت إجرائهما، إذ لا يشترط القانون إلا أن يكون الإذن ثابتاً بالكتابة وهو ما لا يجادل الطاعن في حصوله، فإنه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم اطلاع الطاعن على الإذن قبل البدء في تنفيذه، إذ هو لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، فلا يستأهل رداً من المحكمة.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - من المقرر أن الادعاء بتلفيق الاتهام هو من الأمور الموضوعية التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض.
5 - لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن اقتصر على القول بقصور تحقيقات النيابة في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منها، ودون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن النعي على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفاع يكون غير قويم. هذا فضلاً عن أن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
6 - من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم، والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، وما دام لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب، فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لمنعاه.
7 - لما كان الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - لما كان انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وهي متى أخذت بشهادته، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً.
9 - لما كان الدليل المستمد من أقوال الضابط - شاهد الإثبات الأول - الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض مع الدليل المستمد من تقرير المعمل الكيماوي، فإن دعوى التناقض بين هذين الدليلين تكون ولا محل لها. هذا إلى أنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الخصوص، ما دام قد أثبت العثور على آثار لمخدر الحشيش في جيوب الطاعن الثلاثة، وهو ما لا يجادل فيه - بل يسلم به في أسباب طعنه، مما يصح قانوناً حمل العقوبة المحكوم بها على إحراز هذه الآثار.
10 - من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وإذ كان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة اطمأنت إلى أن المخدر الذي ضبط مع الطاعن هو بذاته الذي سلم إلى النيابة العامة وتم تحليله ووثقت بسلامة إجراءات التحريز، فإن النعي على الحكم في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
11 - لما كان لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان للطاعن مصلحة فيه باعتبار أن المصلحة مناط الطعن، فحيث تنتفي لا يكون الطعن مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق به مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ست سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحراز المخدر مجرد من أي قصد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد من القصود قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه تمسك في دفاعه أمام المحكمة ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة بذلك، ولأن الضابط - شاهد الإثبات الأول - لم يطلعه على هذا الإذن قبل البدء في تنفيذه، وبعدم جدية التحريات التي بني عليها أمر التفتيش، وبتلفيق الاتهام وقصور تحقيقات النيابة، وبأن الفعل المسند إليه لا يخضع للوصف الذي أسبغته النيابة العامة عليه، فضلاً عن انفراد الضابط المذكور بالشهادة، وتناقض أقواله مع تقرير المعمل الكيماوي في خصوص مكان العثور على المخدر المضبوط، وانقطاع صلة الطاعن بالحرز المرسل إلى النيابة لامتداد يد العبث إليه، إلا أن المحكمة التفتت عن أوجه الدفاع إيراداً لها ورداً عليها، هذا إلى أن الحكم نفى قصد الاتجار لديه برغم ما أثبتته التحريات من أنه يتجر في المواد المخدرة، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها. هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم وجود ورقة الإذن بالقبض والتفتيش بيد مأمور الضبط القضائي وقت إجرائهما، إذ لا يشترط القانون إلا أن يكون الإذن ثابتاً بالكتابة، وهو ما لا يجادل الطاعن في حصوله، فإنه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم اطلاع الطاعن على الإذن قبل البدء في تنفيذه، إذ هو لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، فلا يستأهل رداً من المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش اطمئناناً منها إلى جدية الاستدلالات التي بني عليها، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الادعاء بتلفيق الاتهام هو من الأمور الموضوعية التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض، فإن منعى الطاعن في هذا المقام يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن اقتصر على القول بقصور تحقيقات النيابة في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منها، ودون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن النعي على الحكم إغفاله الرد على هذا الدفاع يكون غير قويم. هذا فضلاً عن أن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، إذ من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم، والأصل أن العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها، وما دام لم يطلب الدفاع إليها استكمال ما قد يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب، فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لمنعاه. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا إلى أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تساير النيابة العامة في الوصف الذي أسبغته النيابة العامة على الفعل المسند إلى الطاعن، وإنما ردت الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي رأت هي أنه الوصف القانوني السليم فاستبعدت قصد الاتجار واعتبرت الإحراز مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة، فإن النعي على الحكم في هذا المنحى يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان انفراد الضابط بالشهادة على واقعة الضبط والتفتيش لا ينال من سلامة أقواله كدليل في الدعوى لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وهي متى أخذت بشهادته، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً. لما كان ذلك، وكان الدليل المستمد من أقوال الضابط - شاهد الإثبات الأول - الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض مع الدليل المستمد من تقرير المعمل الكيماوي، فإن دعوى التناقض بين هذين الدليلين تكون ولا محل لها. هذا إلى أنه لا جدوى من النعي على الحكم في هذا الخصوص، ما دام قد أثبت العثور على آثار لمخدر الحشيش في جيوب الطاعن الثلاثة، وهو ما لا يجادل فيه - بل يسلم به في أسباب طعنه، مما يصح قانوناً حمل العقوبة المحكوم بها على إحراز هذه الآثار. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل. وإذ كان مفاد ما أورده الحكم هو أن المحكمة اطمأنت إلى أن المخدر الذي ضبط مع الطاعن هو بذاته الذي سلم إلى النيابة العامة وتم تحليله ووثقت بسلامة إجراءات التحريز، فإن النعي على الحكم في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان للطاعن مصلحة فيه باعتبار أن المصلحة مناط الطعن، فحيث تنتفي لا يكون الطعن مقبولاً، فإن ما يثيره الطاعن من نفي الحكم قصد الاتجار لديه برغم ما أثبتته التحريات من أنه يتجر بالمواد المخدرة لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 40382 لسنة 59 ق جلسة 5 / 2 / 1995 مكتب فني 46 ق 43 ص 308

جلسة 5 من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(43)
الطعن رقم 40382 لسنة 59 القضائية

محال صناعية وتجارية. ارتباط. عقوبة "تطبيقها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
تعدد العقوبة بتعدد المخالفات لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل بشأن المحلات الصناعية والتجارية. ولو كانت لسبب واحد. قضاء الحكم المطعون فيه بتوقيع عقوبة واحدة عن الجريمتين المنسوبتين للمطعون ضده. خطأ في القانون. يوجب نقضه وتصحيحه.

-------------------
لما كانت المادة 17 من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحلات الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة والمعدل بالقوانين أرقام 359 لسنة 1956، 209 لسنة 1980، 117 لسنة 1981 تنص على أن كل مخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه. وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات ولو كانت لسبب واحد، وكان الحكم المطعون فيه على ما سلف قد خالف نص هذه المادة بتوقيعه عقوبة واحدة عن الجريمتين المنسوبتين إلى المطعون ضده فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون بتغريم المطعون ضده مائة جنيه عن كل تهمة وتأييده فيما عدا ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أولاً: أقام محلاً صناعياً "ورشة تشغيل أخشاب" دون ترخيص من الجهة المختصة. ثانياً: أدار المحل الصناعي سالف الذكر دون ترخيص من الجهة المختصة. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 17، 18 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل والجدول المرفق. ومحكمة جنح ادفو قضت حضورياً عملا ًبمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه والغلق والإيقاف. استأنفت النيابة العامة ومحكمة أسوان الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء عقوبة الوقف بالنسبة للغلق وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دان المطعون ضده بجريمتي إقامة وإدارة محل صناعي بغير ترخيص وقضى في شأنهما بعقوبة واحدة بالمخالفة لنص المادة 17 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل والتي توجب تعدد العقوبات بتعدد المخالفات، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المطعون ضده بوصف أنه 1 - أقام محلاً صناعياً (ورشة تشغيل أخشاب) بدون ترخيص من الجهة المختصة. 2 - أدار المحل الصناعي سالف الذكر بدون ترخيص من الجهة المختصة. وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 17، 18 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل والجدول المرفق. ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بتغريم المطعون ضده 100 جنيه والغلق والإيقاف والمصاريف فاستأنفت النيابة العامة للخطأ في تطبيق القانون ومحكمة ثاني درجة قضت بحكمها المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء عقوبة الوقف بالنسبة للغلق وتأييده فيا عدا ذلك. لما كان ذلك، وكانت المادة 17 من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحلات الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة والمعدل بالقوانين أرقام 359 لسنة 1956، 209 لسنة 1980، 117 لسنة 1981 تنص على أن "كل مخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له يعاقب مرتكبها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه. وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات ولو كانت لسبب واحد، وكان الحكم المطعون فيه على ما سلف قد خالف نص هذه المادة بتوقيعه عقوبة واحدة عن الجريمتين المنسوبتين إلى المطعون ضده فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون بتغريم المطعون ضده مائة جنيه عن كل تهمة وتأييده فيما عدا ذلك.

الطعن 26730 لسنة 59 ق جلسة 2 / 2 / 1995 مكتب فني 46 ق 42 ص 295

جلسة 2 من فبراير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وحسن أبو المعالي أبو النصر نواب رئيس المحكمة وإبراهيم الهنيدي.

----------------

(42)
الطعن رقم 26730 لسنة 59 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". وكالة. حكم "وصف الحكم". طعن "أثر الطعن".
وجوب حضور المتهم بشخصه في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به. جواز إنابته وكيلاً للدفاع عنه في الأحوال الأخرى. المادة 237 إجراءات المعدلة بالقانون 170 لسنة 1981.
عدم جواز إضارة الطاعن بطعنه. أثر ذلك؟
قضاء الحكم المنقوض بوقف تنفيذ عقوبة الحبس. أثره: جواز إنابة المتهم وكيلاً عنه.
(2) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". قانون "تفسيره". تقادم. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
إجراءات المحاكمة المتصلة بسير الدعوى أمام قضاء الحكم. تقطع مدة تقادم الدعوى الجنائية ولو تمت في غيبة المتهم. اشتراط مواجهة المتهم بالإجراء لا تكون إلا بالنسبة إلى إجراءات الاستدلال.
سماع الخصوم من الإجازات الموكولة لتقدير محكمة النقض. متى اتصلت بالطعن. أثر ذلك: عدم لزوم دعوة الخصوم أياً كانت صفتهم. علة ذلك؟
(3) قانون "تفسيره".
صياغة النص في عبارة واضحة. تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع. عدم جواز الانحراف عنها. عن طريق التفسير أو التأويل.
(4) قانون "تفسيره". بناء. جريمة "أركانها".
الأصل حظر البناء على الأراضي الزراعية وما في حكمها. الاستثناء من هذا الحظر. شرطه الحصول على ترخيص من الوزير المختص أو المحافظ. أساس ذلك؟
(5) محكمة النقض "نظرها الدعوى والحكم فيها".
مثال لحكم بالإدانة في جريمة إقامة بناء على أرض زراعية. صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى.
(6) عقوبة "تطبيقها". غرامة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه". قانون "تفسيره".
العقوبة المقررة لجريمة البناء على أرض زراعية. الحبس وغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه عن كل فدان أو جزء من الأرض موضوع المخالفة. المادتان 107 مكرراً، 107 مكرراً/ أ من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل [(1)].
قضاء الحكم المطعون فيه. بمعاقبة الطاعن بالحبس والإزالة. دون الغرامة. عدم جواز تصحيحه. متى كان الطاعن. هو المستأنف وحده. أساس ذلك؟

-------------------
1 - لما كانت المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به، الحضور بنفسه أمام المحكمة وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه ولما كان الحكم الابتدائي الذي استأنفه المتهم وحده - وإن كان قد قضى بتوقيع عقوبات الحبس والغرامة والإزالة على نفقة المتهم إلا أن الثابت من الحكم الاستئنافي - المنقوض - أنه قضى بإيقاف عقوبة الحبس المقضى بها، ولما كان نقض الحكم المذكور ونظر موضوع الدعوى حاصلاً بناء على طعنه وكان من المقرر أن الطاعن لا يضار بطعنه وفقاً لما تقضي به المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، فإنه يجوز للمتهم في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنه.
2 - لما كانت المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك الأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر بها بوجه رسمي وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع، وإذ تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ أخر إجراء" وكان مفاد هذا النص أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع المدة حتى في غيبة المتهم لأن الشارع لم يستلزم مواجهة المتهم بالإجراءات إلا بالنسبة لإجراءات الاستدلال دون غيرها. لما كان ذلك، وكانت المادة 37 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إذ نصت على أن "تحكم المحكمة في الطعن بعد تلاوة التقرير الذي يضعه أحد أعضائها - ويجوز لها سماع أقوال النيابة العامة والمحامين عن الخصوم إذا رأت لزوماً لذلك" فقد دلت على أن سماع الخصوم من الإجازات الموكولة لتقدير محكمة النقض متى اتصلت بالطعن بناء على التقرير به وبالتالي لا يلزم دعوة الخصوم أياً كانت صفتهم بإعلانهم أو إخطارهم بالجلسة التي تحدد لنظر الطعن سواء كانوا هم الطاعنين أو المطعون ضدهم وسواء كانوا متهمين أو مدعين بحقوق مدنية أو مسئولين عنها، لأن من لا يجب سماعه، لا تلزم دعوته.
3 - من المقرر أن القاعدة العامة في التفسير أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أياً كان الباعث على ذلك وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه.
4 - من المقرر أن المادة 107 مكرراً من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدلة بالقانونين 59 لسنة 1973، 59 لسنة 1978 - المنطبقة على واقعة الدعوى - قد نصت على أنه "يحظر إقامة مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية ويستثنى من هذا الحظر الأراضي التي تنزع ملكيتها للمنفعة العامة أو الأراضي التي تقوم عليها المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني بشرط الحصول على ترخيص من وزارة الزراعة ومع ذلك يجوز لمالك الأرض في القرى إقامة مسكن خاص أو ما يخدم أرضه دون ترخيص وذلك في الحدود التي يصدر بها قراراً من وزير الزراعة" وإذ كانت المادة 152 من قانون الزراعة آنف الذكر والمضافة بالقانون 116 لسنة 1983 قد نصت على أنه "يحظر إقامة مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها. ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية. ويستثنى من هذا الحظر ( أ ).... (ب) الأراضي الداخلة في نطاق الحيز العمراني للقرى والذي يصدر بتحديده قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير (جـ).... (د).... (هـ) الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك سكناً خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة. وفيما عدا الحالة المنصوص عليها في الفقرة (جـ) يشترط في الحالات المشار إليها آنفاً صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أية مبان أو منشآت أو مشروعات ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير" والبين من هذه النصوص في واضح عباراتها وصريح دلالتها أن المشرع فرض حظراً مطلقاً على البناء على الأراضي الزراعية وما في حكمها وأوجد تنظيماً يسمح بالاستثناء شريطة الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة.
5 - لما كان المتهم لا يدعي أنه حصل على ترخيص من الوزير المختص أو من المحافظ المختص قبل إقامة البناء محل الاتهام فإن ما يثيره المتهم من انتفاء أركان الجريمة في حقه استناداً إلى أحكام القوانين المشار إليها يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإنه يكون قد استقر في يقين المحكمة أن المتهم.... بتاريخ.... بدائرة مركز.... أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص الأمر المعاقب عليه بالمادتين 107 مكرراً و107 مكرراً ب - من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانونين 59 لسنة 1973 و59 لسنة 1978 وتقضي المحكمة بمعاقبته بهما عملاً بالمادتين 304/ 2، 419/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية.
6 - لما كانت المحكمة تنوه إلى أنه ولئن كانت المادة 107 مكرراً (ب) من القانون رقم 59 لسنة 1978 - في شأن تعديل بعض أحكام قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 - قد نصت على أن "يعاقب كل من يخالف أي حكم من أحكام المادتين 107 مكرراً و107 مكرراً ( أ ) بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه عن كل فدان أو جزء من الأرض موضوع المخالفة" وكان الحكم الاستئنافي المنقوض قد قضى بمعاقبة المتهم بالحبس أسبوعين مع الشغل والإيقاف والإزالة على نفقته دون الغرامة، إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المتهم (المحكوم عليه) فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالمتهم وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وتقضي في حدود قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالمادتين 107 مكرراً/ أ، 107 مكرراً/ ب من القانون 53 لسنة 1966 المعدل. ومحكمة جنح مركز دمياط قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وغرامة مائتي جنيه والإزالة على نفقته. استأنف ومحكمة دمياط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إيقاف عقوبة الحبس. فطعن الأستاذ/ .... المحامي عن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم....) وهذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بحبس المتهم أسبوعين مع الإيقاف والإزالة على نفقته.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) وقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به، الحضور بنفسه أمام المحكمة وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه ولما كان الحكم الابتدائي الذي استأنفه المتهم وحده - وإن كان قد قضى بتوقيع عقوبات الحبس والغرامة والإزالة على نفقة المتهم إلا أن الثابت من الحكم الاستئنافي - المنقوض - أنه قضى بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها، ولما كان نقض الحكم المذكور ونظر موضوع الدعوى حاصلاً بناء على طعنه وكان من المقرر أن الطاعن لا يضار بطعنه وفقاً لما تقضي به المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المار ذكره، فإنه يجوز للمتهم في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنه. إذ كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة - أمام هذه المحكمة - حضور محام كوكيل عن المتهم وأبدى دفاعه في الاتهام المسند إليه، فإن هذا الحكم يكون حضورياً.
ومن حيث إن الاستئناف قدم في الميعاد مستوفياً شرائطه القانونية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن النيابة العامة قدمت المتهم للمحاكمة بوصف أنه في يوم.... أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة - بعد أن قيدت الأوراق جنحة ضده بالمادتين 107 مكرراً، 107 مكرراً (ب) فقرة أ من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانونين 59 لسنة 1973، 59 لسنة 1978 وإذ قضت محكمة أول درجة بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وبتغريمه مائتي جنيه والإزالة على نفقته ولم يرتض المتهم هذا القضاء، فقد طعن عليه بالاستئناف، وبجلسة.... حضر المتهم ومعه محاميه وطلب أصلياً البراءة واحتياطياً ندب خبير في الدعوى، فأصدرت المحكمة الاستئنافية حكماً تمهيدياً قضى وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بدمياط للانتقال إلى قطعة الأرض محل النزاع ومعاينتها على الطبيعة وبيان حدودها وما إذا كان البناء في أرض زراعية من عدمه... إلخ ما جاء بمنطوق ذلك الحكم.
ومن حيث إن الخبير المنتدب باشر المأمورية التي أناط بها الحكم وأودع تقريراً جاء به أن الأرض موضوع الاتهام تقع داخل الرقعة الزراعية بحوض عزبة.... مركز دمياط مقام عليها بناء بالطوب الأحمر والخرسانة المسلحة غير كامل التشطيب وتحيط بها الأرض الزراعية من الناحيتين البحرية والشرقية والأرض المنزرعة تمتد شرق الأرض موضوع الاتهام لمسافات بعيدة أي أن البناء يقع في أرض زراعية، كما أن الأرض تقع خارج كردون مدينة دمياط. وبجلسة.... استمعت المحكمة إلى شهادة.... محرر محضر المخالفة الذي قرر أن الأرض موضوع النزاع تقع بحوض.... في رقعة زراعية وأن البناء محل الاتهام أقيم بدون ترخيص من وزارة الزراعة بحوض.... وعلى أرض زراعية.
ومن حيث إن الدعوى تداولت - على ما هو مبين بمحاضر الجلسات فقدم محامي المتهم مذكرتين طلب فيهما الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبراءته مما نسب إليه على سند من القول بأن البناء وسط كتلة سكنية، وأن الأرض - المقام عليها لم تعد صالحة للزراعة، وظاهر دفاعه بحافظة مستندات احتوت - فيما احتوته - على شهادتين منسوب صدور إحداهما إلى الوحدة المحلية بالخياطة والأخرى منسوب صدورها إلى مجلس محلي الخياطة تضمنتا أن منزل المتهم داخل كتلة سكنية، كما احتوت على إيصالات سداد مقابل استهلاك كهرباء ومياه، كما ناقش الدفاع في مذكرته الثانية شهادة محرر محضر المخالفة وكذا ما ورد بتقرير الخبير المقدم في الدعوى.
ومن حيث إن المحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة.... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إيقاف عقوبة الحبس وتأييد فيما عدا ذلك، فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، وبجلسة.... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة. ومحكمة الإعادة. بهيئة أخرى - قضت حضورياً بجلسة.... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل والإيقاف والإزالة على نفقته، فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية، وبجلسة.... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة.... لنظر الموضوع.
ومن حيث إنه بالجلسة المحددة حضر محامي المتهم ودفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة تأسيساً على أن التقرير بالطعن بالنقض تم في 5 من يونيه سنة 1988 ولم يتخذ أي إجراء قاطع للتقادم خلال ثلاث سنوات من تاريخ التقرير بالطعن، وأضاف أن القانون رقم 106 لسنة 1976 - الذي طلبت النيابة العامة تطبيقه لا يسري على الواقعة، وأن المبنى موضوع الاتهام داخل الحيز العمراني لقرية.... وقد استثنى القانون رقم 3 لسنة 1982 من العقاب المباني المقامة داخل الحيز العمراني للقرية كما أن القانون 116 لسنة 1983 نص على وقف الدعوى المرفوعة على من أقاموا بناء على أرض زراعية في القرى حتى يحدد الحيز العمراني لها، وانتهى إلى طلب براءة المتهم.
ومن حيث إن المحكمة قررت حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة.... ثم قررت مد أجل الحكم لجلسة اليوم.
ومن حيث إن وقائع الدعوى كما وقر في يقين المحكمة واستقر في وجدانها أخذاً بما تضمنته الأوراق وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه بتاريخ.... قام المتهم ببناء (مسكن خاص) على مساحة أربعمائة متر تقريباً - أرض زراعية بحوض.... التابع لناحية.... بدون ترخيص من وزارة الزراعة وقد ثبتت صحة هذه الوقائع في حق المتهم وقام الدليل عليها بما شهد به بالجلسة.... محرر محضر الضبط ومما ورد بمحضر الأخير ومما أثبته الخبير المنتدب في تقريره المقدم للمحكمة. فقد شهد.... محرر محضر المخالفة - بالجلسة - أن المتهم أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من وزارة الزراعة فحرر له محضراً. وجاء بمحضر المخالفة المؤرخ 19/ 12/ 1981 والمحرر بمعرفة.... مهندس التعديات أن المتهم.... المقيم بدمياط أقام بناء مسكن خاص على مساحة 400 م تقريباً من الأرض الزراعية المملوكة لورثة.... بحوض.... بناحية.... مركز دمياط. وجاء بتقرير الخبير المنتدب أن الأرض موضوع الاتهام تقع داخل الرقعة الزراعية بحوض عزبة.... بناحية عزبة.... مركز دمياط ومقام عليها بناء بالطوب الأحمر والخرسانة المسلحة غير كامل التشطيب والبناء يحيط به الأرض الزراعية من الناحيتين البحرية والشرقية والأرض المنزرعة تمتد شرق الأرض موضوع الاتهام لمسافات بعيدة أي أن البناء يقع في أرض زراعية كما أن الأرض تقع خارج كردون مدينة دمياط.
ومن حيث إنه عن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، فإنه لما كانت المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك الأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر بها بوجه رسمي وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع، وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ أخر إجراء" وكان مفاد هذا النص أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع المدة حتى في غيبة المتهم لأن الشارع لم يستلزم مواجهة المتهم بالإجراءات إلا بالنسبة لإجراءات الاستدلال دون غيرها. لما كان ذلك، وكانت المادة 37 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إذ نصت على أن "تحكم المحكمة في الطعن بعد تلاوة التقرير الذي يضعه أحد أعضائها - ويجوز لها سماع أقوال النيابة العامة والمحامين عن الخصوم إذا رأت لزوماً لذلك" فقد دلت على أن سماع الخصوم من الإجازات الموكولة لتقدير محكمة النقض متى اتصلت بالطعن بناء على التقرير به وبالتالي لا يلزم دعوة الخصوم أياً كانت صفتهم بإعلانهم أو إخطارهم بالجلسة التي تحدد لنظر الطعن سواء كانوا هم الطاعنين أو المطعون ضدهم وسواء كانوا متهمين أو مدعين بحقوق مدنية أو مسئولين عنها، لأن من لا يجب سماعه، لا تلزم دعوته. لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق أن المتهم قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم المنقوض بتاريخ 5 من يونيه سنة 1988 وتحدد لنظر طعنه جلسة 9 من مايو سنة 1991 وقررت المحكمة - محكمة النقض - بهيئة سابقة - التأجيل لجلسة 25 من فبراير سنة 1993 وبهذه الجلسة قررت المحكمة - بهيئة مغايرة - استمرار التأجيل لجلسة 26 من مايو سنة 1994. ولما كان الثابت أنه لم تمض ثلاث سنوات من تاريخ التقرير بالطعن بالنقض في 5 من يونيه سنة 1988 حتى يوم 9 من مايو سنة 1991 تاريخ الجلسة التي نظر فيها طعنه بالنقض أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - فإن هذا الدفع يكون قد جانب صحيح القانون والواقع متعين الرفض.
ومن حيث إنه وعما أثاره المتهم من أن البناء أقيم على أرض زراعية فإن المحكمة تلتفت عن هذا الدفاع اطمئناناً منها إلى ما أوردته من أدلة الثبوت مع الإشارة إلى أنه بات من غير المجدي المناقشة في أمر وقف إجراءات الدعوى عملاً بنص الفقرة الثالثة من المادة 156 من القانون 116 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 - حتى تحديد الحيز العمراني للقرية بعدما تبين أن البناء يقع في أرض زراعية خارج كردون مدينة دمياط كما لا محل للاستناد إلى نص المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني التي حظرت إقامة المباني في الأراضي الزراعية والمعتبرة كذلك واستثنت من ذلك الأراضي الواقعة داخل كردون المدينة المعتمد حتى 1/ 12/ 1981 والأراضي الواقعة داخل الحيز العمراني للقرى بعد أن ثبت أن البناء الذي أقامه المتهم في الأراضي الزراعية خارج كردون مدينة دمياط وفضلاً عن ذلك، فإن القاعدة العامة في التفسير أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أياً كان الباعث على ذلك وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه. لما كان ذلك، وكانت المادة 107 مكرراً من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدلة بالقانونين 59 لسنة 1973، 59 لسنة 1978 - المنطبقة على واقعة الدعوى - قد نصت على أنه "يحظر إقامة مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية ويستثنى من هذا الحظر الأراضي التي تنزع ملكيتها للمنفعة العامة أو الأراضي التي تقوم عليها المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني بشرط الحصول على ترخيص من وزارة الزراعة ومع ذلك يجوز لمالك الأرض في القرى إقامة سكن خاص أو ما يخدم أرضه دون ترخيص وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة "وإذ كانت المادة 152 من قانون الزراعة آنف الذكر والمضافة بالقانون 116 لسنة 1983 قد نصت على أنه يحظر إقامة مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها. ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية. ويستثنى من هذا الحظر ( أ ).... (ب) الأراضي الداخلة في نطاق الحيز العمراني للقرى والذي يصدر بتحديده قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير (جـ).... (د).... (هـ) الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك سكناً خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة. وفيما عدا الحالة المنصوص عليها في الفقرة (جـ) يشترط في الحالات المشار إليها آنفاً صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أية مبان أو منشآت أو مشروعات ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير" والبين من هذه النصوص في واضح عباراتها وصريح دلالتها أن المشرع فرض حظراً مطلقاً على البناء على الأراضي الزراعية وما في حكمها وأوجد تنظيماً يسمح بالاستثناء شريطة الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة. لما كان ما تقدم، وكان المتهم لا يدعي أنه حصل على ترخيص من الوزير المختص أو من المحافظ المختص قبل إقامة البناء محل الاتهام فإن ما يثيره المتهم من انتفاء أركان الجريمة في حقه استناداً إلى أحكام القوانين المشار إليها يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإنه يكون قد استقر في يقين المحكمة أن المتهم.... بتاريخ 19/ 12/ 1981 بدائرة مركز دمياط أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص الأمر المعاقب عليه بالمادتين 107 مكرراً و107 مكرر ب - من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانونين 59 لسنة 1973 و59 لسنة 1978 وتقضي المحكمة بمعاقبته بهما عملاً بالمادتين 304/ 2، 419/ 1 من قانون ا لإجراءات الجنائية.
ومن حيث إن المحكمة تنوه إلى أنه ولئن كانت المادة 107 مكرراً (ب) من القانون رقم 59 لسنة 1978 - في شأن تعديل بعض أحكام قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 - قد نصت على أن "يعاقب كل من يخالف أي حكم من أحكام المادتين 107 مكرراً و107 مكرراً ( أ ) بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه عن كل فدان أو جزء من الأرض موضوع المخالفة" وكان الحكم الاستئنافي المنقوض قد قضى بمعاقبة المتهم بالحبس أسبوعين مع الشغل والإيقاف والإزالة على نفقته دون الغرامة، إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المتهم (المحكوم عليه) فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالمتهم وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وتقضي في حدود قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه.