الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 أغسطس 2014

(الطعن 34413 لسنة 71 ق جلسة 3 / 4 / 2002 س 53 ق 95 ص 581)

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدي، هاني مصطفى كمال نواب رئيس المحكمة وعلي سليمان.
--------------------
1 - ولما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا، لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونا معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر.
 
2 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملا بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة ...... انتهت إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوما المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان ذلك، وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبني الرأي الذي ضمنته النيابة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
 
3 - لما كان الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى في قوله "بما أن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها تتحصل في أن المتهم .......  وشهرته (....) كان قد تقدم لخطبة الفتاة ....... بيد أنه لسوء سلوك المتهم واعتياده ضرب أمه المسنة حتى طردها من مسكنها الذي يقيم معها فيه رفضت الفتاة وأسرتها خطبة هذا المتهم ولكنه ألح في طلبه وأصر على مأربه حتى أنه طلب من أمه ....... أن تعاود الكره مع أسرة الفتاة ولعلمها أن الأسرة ترفض خطبته فقد رفضت مطلبه حتى أنه ضربها وطردها من المسكن فذهبت لتقيم لدى ابنتها ..... قبل عشرين يوما من تاريخ ..... تقريبا ولما كان أمر خطبة الفتاة قد اختمر في ذهنه وأصبح هدفا له يريد تحقيقه بأي وسيلة فقد التقى قبل التاريخ المذكور بوالد الفتاة ...... وسأله عن سبب رفض الأسرة لخطبته فأفهمه والدها أن الفتاة لا تريد خطبته ولما كان المتهم قد تأبط شرا وأضحى أمر خطبته للفتاة هدفا لابد من تحقيقه فقد هدد والدها أنه إن لم يتم هذا الأمر فإنه سيقتل أحد أولاده ناسيا أن والد الفتاة في ذات الوقت والد زوجة شقيقه، وكان في تهديده لوالده الفتاة مؤكدا لما اشتهر عنه سوء سلوك ينأى عن أن يقبل لابنته زوجا لها ولم يكن في تهديده مع سوء خلقه هازلا إذ أنه بتاريخ ..... وقد خلا المسكن من أمه بعد أن طردها منه فقد جد في تنفيذ تهديده بقتل أحد أبناء والد الفتاة ووجد ضالته في شاب حسن الخلق هو شقيق هو شقيق الفتاة المجني عليه .... وأعد لذلك جسما صلبا راضا ثقيلا ذو حافة حادة وانتوى تنفيذ ما أصر عليه سلفا وهو قتل أحد أشقاء الفتاة في ليلة ..... ونحو الساعة العاشرة والنصف منها بدأ في تنفيذ ما أضمر عليه فكره وما أصر عليه في نفسه ووجد على ما سلف في المجني عليه ...... ضالته فأخذ في البحث عنه فتوجه إلى مقهى بالقرية التي يقيم بها وسأل بعض روادها عن المجني عليه ولما أخبره بعضهم أنه على شاطئ البحر توجه إليه مؤكدا عزمه على تنفيذ ما أضمر في نفسه واصطحبه إلى مسكنه ولما انفرد به وأدخله إلى إحدى حجرات المسكن فقد تهيأت له الظروف لتنفيذ ما أصر عليه فقد أخرج السلاح الذي أعده سلفا لارتكاب جريمته وأخذ يضرب به المجني عليه فأحدث به عشرة جروح كان أولهم جرحا قطعيا رضيا متكدما مستعرض الوضع بطول حوالي 14 سم ويقع شاملا خلفية فروة الرأس محدثا كشطا بالصفحتين الخارجيتين بالعظم المؤخري في مساحة أبعادها حوالي 9 × 7 سم أما ثانيهم فقد كان جرحا قطعيا رضيا متكدما مستعرض الوضع بطول حوالي 10 سم ويقع بخلفية يمين فروة الرأس بحيث يقع طرفه الأمامي أعلي مستوى صيوان الأذن اليمنى مباشرة وكان الجرح الثالث قطعيا رضيا متكدما مستو الحواف مستعرض بطول حوالي 6 سم ويقع بيمين الوجه بحيث يقع طرفه الخلفي صيوان الأذن بحوالي 1 سم أما الإصابة الرابعة فقد كانت جرحا قطعيا رضيا متكدما ومستو الحواف ومستعرض الوضع وبطول حوالي 4 سم ويقع أسفل يمين الوجه بحيث يقع طرفه الأمامي خلف زاوية الفم اليمنى بحوالي 3 سم والجرح الخامس كان قطعيا رضيا متكدما مستو الحواف مستعرض الوضع وبطول حوالي 8 سم ويقع أسفل يمين الوجه ومقابل يمين الفك السفلي وكان الجرح السادس ذبحيا إذ كان موقعه مقدم العنق مستو الحواف ومتكدم وبطول 15 سم يقع طرفه الأيمن أسفل شحمة الأذن اليمنى بحوالي 4 سم ويمر بمنتصف مقدم العنق في مستوى الغضروف الدرقي وكان الجرح السابع أسفل الجرح السابق مباشرة جرحا قطعيا مستو الحواف متكدما ومستعرض الوضع وبطول حوالي 6 سم وأخذ الجرح الثامن موضعه في أسفل وحشية العضد الأيمن وكان جرحا قطعيا مستو الحواف متكدما بطول حوالي 4 سم بحيث يقع طرفه الأسفل مقابل وحشية مفصل المرفق الأيمن مباشرة وفي منتصف أصبع الإبهام الأيمن وكان الجرح التاسع وهو جرح قطعي متكدم مستو الحواف وكأن الجروح السابقة لم تكف المتهم ولم ترض غليله فقد أحدث بالمجني عليه الجرح العاشر وهو كسابقيه جرحا قطعيا متكدما مستو الحواف طولي الوضع يقع بمنتصف إنسية الساعد الأيسر محدثا كسرا شطفيا بعظمة الزند اليسرى ويبلغ طول الجرح 8 سم تقريبا وما كان قصد المتهم من إحداث تلك الإصابات الجسيمة إلا قتل المجني عليه تنفيذا لإصراره السابق على قتل أي من أشقاء الفتاة التي أراد خطبتها ورفضته أسرتها لسوء مسلكه ولما تم ما أراد المتهم وتحقق غرضه الذي استهدفه فقد أغلق باب الحجرة على جثة المجني عليه وخرج من مسكنه بعد أن أغلق بابه من خلفه وليتم  مشروعا آخر إجراميا كان قد اختمر في ذهنه فقد توجه بعد قتله المجني عليه ...... إلى مسكن المجني عليه ....... الذي يقع على مبعده 250 متر تقريبا من مسكن المتهم، توجه المتهم إلى مسكن المجني عليه الثاني المتزوج من سيدة تدعى ..... وكان المتهم قبل أربع سنوات تقريبا قد تقدم إلى خطبتها أيضا ولكن أسرتها رفضت  خطبته ثم تقدم إلى المجني عليه الثاني إلى خطبتها وارتضت به الأسرة زوجا لابنتهم مما أوغر صدر المتهم حتى أنه هدد المجني عليه سالف الذكر بقتله إن لم يعدل عن خطبته ولما توجه المتهم إلى مسكن المجني عليه الأخير وكانت الساعة قد بلغت الحادية عشر والنصف مساء تقريبا من ذات ليلة .... فقد طرق باب المسكن وما أن فتح له المجني عليه حتى بادره المتهم بأن هوى على رأسه بما يحمل من سلاح صلب راض ثقيل ذو حافة حادة قاصدا من ذلك قتله تنفيذا لوعيده السابق والإصرار المسبق على قتله ولكن المجني عليه تفادى الضربة من موضعها المقصود فطاشت إلى جانب وجه المجني عليه فأحدثت به جرحا قطعيا بالوجه طوله 15 سم وآخر متهتك أسفل صيوان الأذن اليسرى حوالي 5 سم وآخر عميق بالعنق وأسفل المنطقة الفكية حوالي 10 سم ولكن صوت المجني عليه وزوجته قد علا بالصراخ فخاف المتهم الذي كان قد ارتكب لتوه جريمة قتل المجني عليه .... خاف المتهم المذكور من ضبطه فلاذ بالفرار فخاب أثر جريمته وظل هاربا بعد ارتكابه الحادثين لمدة تقارب الشهرين وعشرة أيام حتى تم ضبطه بمدينة .... واستند الحكم في الإدانة على شهادة كل من النقيب ..... رئيس مباحث مركز .... و..... و....... و....... و...... و.... و.... و.... و...... و..... وما شهد به ...... قبل وفاته - .... و..... و..... و.... و.... و.... وما قرره المتهم بتحقيق النيابة وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه ..... وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق - حسبما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منها وكان البين مما سطره الحكم - على النحو سالف  البيان - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها المتهم وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ومن ثم فقد سلم الحكم المعروض من القصور.
 
4 - لما كان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله "وبما أنه وعن توافر نية القتل فالثابت أن إصابات المجني عليه ...... تبلغ العشر إصابات الغالب منها إصابات قاتلة بطبيعتها وبحسب مكانها في الرقبة والوجه والرأس وبحسب ما قرره المتهم من أنه لا يذكر عدد الضربات التي كالها إلى المجني عليه اثنين أو ثلاثة أو خمسة فإن المحكمة تستخلص مما تقدم ومن استخدام سلاح قاتل بطبيعته وهو سلاح أبيض ثقيل صلب ذو حافة حادة توافر نية القتل وإزهاق الروح لدى المتهم ويؤيد من اطمئنان المحكمة أن المتهم وإلى ضرب المجني عليه في مقتل من جسده هو رقبته إذ ثبت بتقرير الصفة التشريحية وجود جرحين قطعين أحدهما طوله 15 سم وصفة التقرير بأن جرح ذبحي والثاني أسفل الجرح الأول وبطول حوالي 6 سم فإذا كان المتهم لا ينتوي القتل بعد إحداثه أول الجرحين مما يقطع بأنه لم يكن ينوي إلا القتل عند إحداثه الجرح الثاني وإذا أضيف إليها الجرح الذي أحدثه المتهم برأس المجني عليه والذي يبلغ 14 سم شاملا لخلفية فروة الرأس محدثا كشطا بالصحفتين الخارجتين في مساحة بلغت 9 × 7  سم فإن جسامة تلك الإصابات وكونها قاتلة في ذاتها فإن تكرارها وبهذه الصورة من الجسامة والقوة يؤكد انصرف نية المتهم إلى قتل المجني عليه، لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمرا  خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدي المحكوم عليه سائغا وصحيحا في القانون.
 
5 - لما كان الحكم قد استظهر ظرف سبق الإصرار وتوافره في حق المحكوم عليه في قوله "وبما أنه عن توافر سبق الإصرار السابق على قتل المجني عليه ...... فالثابت بالأوراق أن المتهم قد هدد والد المجني عليه بقتل أحد أبنائه وأخذت فكرة الزواج من ابنته بالغ أهميتها لديه حتى أنه يضرب أمه المسنة ويطردها من مسكنه لرفضها الانصياع لفكرته ولعلمها برفض الأسرة خطبته، فضلا عن أنه قد توجه للبحث عن المجني عليه في إحدى المقاهي ولما لم يجده وعلم بمكان وجوده على شاطئ البحر ذهب إليه والتقى به واصطحبه إلى مسكنه فإن كل ما تقدم يؤكد أنه لم يكن هازلا في تهديده فقد أعد السلاح القاتل وأخذ يتحين الفرصة في استدراج المجني عليه إلى مسكنه ولما رافقه فقد أجاد تنفيذ ما أصرت عليه نفسه بل إن إعداد مثل هذا السلاح يؤكد إصرار المتهم السابق على قتل المجني عليه وأمر تهديده لوالد المجني عليه وإن كان المتهم قد نفاه إلا أن نفيه كان بمثابة تشويه الحقيقة وذلك أنه يقرر أنه التقى والد المجني عليه في موقف السيارات وسأله عن سبب رفضه خطبته لابنته وهدده بتطليق ابنته من أخيه فهدده والد المجني عليه بقتله وهو أمر يغاير مجرى الأمور ومنطق الأحداث فلا يتصور أن يهدد أب طالب خطبة ابنته بالقتل سيما وهو شقيق لزوج ابنته، ومن ثم فإن المحكمة تتيقن من توافر إصرار المتهم السابق على قتل المجني عليه، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافى مع هذا الاستنتاج وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم سائغ ويتحقق به ظرف سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون.
 
6 - لما كان المقرر في صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار عليها أو التحيل لارتكابها انتفى حتما موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض ردا حالا لعدوان حال دون الإسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه وهو ما أثبته الحكم المعروض في قوله وبما أن المحكمة قد اطمأن وجدانها إلى ما تقدم وقد ثبت لديها الإصرار السابق من المتهم على قتل المجني عليهما فإن حالة الدفاع الشرعي تكون قد انتفت من الوقائع وانتفى موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض ردا على عدوان ولم يشرع للانتقام من الغرباء بل يكفي الاعتداء، وغني عن البيان أنه لا حديث عن تجاوز حد الدفاع الشرعي إلا بثبوت الحق فيه و لما كان ما ساقه الحكم المعروض من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فإن الحكم يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص.
 
7 - لما كان القول بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالا إذ في قضائها بالإدانة استناد إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنا أنها أطرحتها ولم تعول عليها فقد سلم الحكم المعروض من القصور.
 
8 -  لما كان الحكم قد عرض لظرف الاقتران في قوله وبما أن الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات الذي غلظ عقوبة جناية القتل العمد متى تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى فإن هذا النص ينصرف أيضا إلى جميع الأحوال التي يرتكب فيها الجاني علاوة على فعل القتل أي فعل مستقل متميز عنه يكون في ذاته لجناية أخرى مرتبطة مع جناية القتل برابطة الزمنية حتى لو كانت الأفعال بناء على تصميم جنائي واحد أو تحت تأثير ثورة إجرامية واحدة إذ العبرة بالأفعال وتميزها عن بعضها بالقدر الذي يعتبر به كلا منها مكونا لجريمة مستقلة فإذا كان ذلك وكان الثابت أن جناية قتل المجني عليه ...... قد تلتها جناية الشروع في قتل المجني عليه ..... بعد فترة وجيزة لا تزيد على النصف ساعة وانتقال المتهم إلى مسكن المجني عليه الثاني الذي لا يبعد عن المسكن الذي ارتكب فيه جريمته الأولى بأكثر من مائتي وخمسين مترا تنفيذا لغرض إجرامي واحد هو تحقيق تهديده بقتل كل من المجني عليهما فإن عناصر الارتباط على نحو ما تقدم تكون متحققة وكان يكفي لتغليظ العقاب عملا بالمادة 234/ 2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون وبالتالي تغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملا بالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون في هذا الشأن، فضلا عن ذلك فإن عقوبة الإعدام المقضي بها على المحكوم عليه هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي أثبتها الحكم في حقه مجرد من ظرف الاقتران.
 
9 - لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محاميا للدفاع عنه إلا أنه رغب في المحامي الذي تولى الدفاع عنه وندبته المحكمة محاميا ترافع في الدعوى وأبدي ما عن له من دفاع فيها فإن المحكمة تكون قد وفرت للمتهم حقه في الدفاع وإذ كان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته فإنه لا وجه للقول بخلو محضر الجلسة مما يفيد أن المحكمة قد أعطت المحامي المنتدب الوقت الكافي للاطلاع على أوراق الدعوى وتحضير دفاعه خاصة وقد ثبت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحامي شرح وقائع الدعوى وأبدى دفاعه فيها على نحو ما سلف يفيد تمحيصه في مطالعة أوراقها بما أهله إبداء دفوعه التي أبداها وانتهي إلى طلب البراءة.
 
10 - لما كان الحكم المعروض قد أثبت في حق المحكوم عليه ارتكابه الجريمتين اللتين دانه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل صدور الحكم وفقا للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقا للقانون وجاء الحكم متفقا وصحيح القانون وبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره قانون أصلح له - ومن ثم يتعين عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
----------------------
  اتهمت النيابة العامة الطاعن أنه أولا: قتل عمدا مع سبق الإصرار ... بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لذلك سلاحا أبيض (سنجة) واستدرجه لمكان الواقعة وما أن ظفر به حتى إنهال عليه طعنا في مواضع متفرقة من جسده قاصدا من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد تلت هذه الجناية جناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان شرع في قتل .... عمدا مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لذلك السلاح الأبيض سالف البيان وتوجه لمكان الواقعة وما أن ظفر به حتى عاجله بضربة بيسار الوجه قاصدا من ذلك إزهاق روحه فأحدث إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو استغاثة المجني عليه وفراره خشية ضبطه. وأحالته إلى محكمة جنايات ...... لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعت والدة المجني عليه وأشقاء المجني عليه الثاني مدنيا قبل المتهم بطلب إلزامه أن يؤدي لهم مبلغ مائتي وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قررت وبإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه فيها. وحددت جلسة ....... للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضوريا عملا بالمواد 45/ 1، 46، 230، 231، 234/ 1 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرر من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 11 من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات. وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقا عما أسند إليه وأمرت بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وعرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها - بإقرار الحكم الصادر بإعدام المتهم ..... - على محكمة النقض.
---------------------
   من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا، لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونا معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر.
ومن حيث أن النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملا بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة ..... انتهت إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوما المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان ذلك، وكان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة بمذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث أن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى في قوله "بما أن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها تتحصل في أن المتهم ...... وشهرته (.....) كان قد تقدم لخطبة الفتاة ..... بيد أنه لسوء سلوك المتهم واعتياده ضرب أمه المسنة حتى طردها من مسكنها الذي يقيم معها فيه رفضت الفتاة وأسرتها خطبة هذا المتهم وكنه ألح في طلبه وأصر على مأربه حتى أنه طلب من أمه ...... أن تعاود الكرة مع أسرة الفتاة ولعلمها أن الأسرة ترفض خطبته فقد رفضت مطلبه حتى أنه ضربها وطردها من المسكن فذهبت لتقيم لدى ابنتها ...... قبل عشرين يوما من تاريخ ...... تقريبا ولما كان أمر خطبة الفتاة قد اختمر في ذهنه وأصبح هدفا له يريد تحقيقه بأي وسيلة فقد التقى قبل التاريخ المذكور بوالد الفتاة ...... وسأله عن سبب رفض الأسرة لخطبته فأفهمه والدها أن الفتاة لا تريد خطبته ولم كان المتهم قد تأبط شراً وأضحى أمر خطبته للفتاة هدفا لابد من تحقيقه فقد هدد والدها أنه إن لم يتم هذا الأمر فإنه سيقتل أحد أولاده ناسياً أن والد الفتاة هو ذات الوقت والد زوجة شقيقه، وكان في تهديده لوالد الفتاة مؤكدا لما أشتهر عنه من سوء سلوك ينأى عن يقبل لابنته زوجا لها ولم يكن في تهديده مع سوء خلقه هازلا إذ أنه بتاريخ ........ وقد خلا المسكن من أمه بعد أن طردها منه فقد جد في تنفيذ تهديده بقتل أحد أبناء والد الفتاة ووجد ضالته في شاب حسن الخلق هو شقيق الفتاة المجني عليه ....... وأعد لذلك جسما صلبا راضا ثقيلا ذو حافة حادة وانتوى تنفيذ ما أصر عليه سلفا وهو قتل أحد أشقاء الفتاة في ليلة ......، ونحو الساعة العاشرة والنصف منها بدأ في تنفيذ ما أضمر عليه فكره وما أصر عليه في نفسه ووجد على ما سلف في المجني عليه ...... ضالته فأخذ في البحث عنه فتوجه إلى مقهى بالقرية التي يقيم بها وسأل بعض روادها عن المجني عليه ولما أخبره بعضهم أنه على شاطئ البحر توجه إليه مؤكدا عزمه عن تنفيذ ما أضمر في نفسه واصطحبه إلى مسكنه ولما أنفرد به وأدخله إلى إحدى حجرات المسكن فقد تهيأت له الظروف لتنفيذ ما أصر عليه فقد أخرج السلاح الذي أعده سلفا لارتكاب جريمته وأخذ يضرب به المجني عليه فأحدث به عشرة جروح كان أولهم جرحا قطعيا راضيا متكدما مستعرض الوضع بطول حوالي 14سم ويقع شاملا خلفية فروة الرأس محدثا كشطا بالصفحتين الخارجيتين بالعظم المؤخري في مساحة أبعادها حوالي 9×7سم أما ثانيهم فقد كان جرحا قطعيا راضيا متكدما مستعرض الوضع بطول حوالي 10سم ويقع بخلفية يمين فروة الرأس بحيث يقع طرفه الأمامي أعلى مستوى صيوان الأذن اليمنى مباشرة وكان الجرح الثالث قطعيا راضيا متكدما مستو الحواف مستعرض بطول حوالي 6سم ويقع بيمين الوجه بحيث يقع طرفه الخلفي صيوان الأذن بحوالي 1سم أما الإصابة الرابعة فقد كانت جرحا قطعيا راضيا متكدما ومستو الحواف ومستعرض الوضع وبطول حوالي 4سم ويقع أسفل يمين الوجه بحيث يقع طرفه الأمامي خلف زاوية الفم اليمنى بحوالي 3سم والجرح الخامس كان قطعيا راضيا متكدما مستو الحواف مستعرض الوضع وبطول حوالي 8سم ويقع أسفل يمين الوجه ومقابل يمين الفك السفلي وكان الجرح السادس ذبحيا إذ كان موقعه مقدم العنق مستو الحواف ومتكدم وبطول 15سم يقع طرفه الأيمن أسفل شحمة الأذن اليمنى بحوالي 4سم ويمر بمنتصف مقدم العنق في مستوى الغضروف الدرقي وكان الجرح السابع أسفل الجرح السابق مباشرة جرحا قطعيا مستو الحواف متكدما ومستعرض الوضع وبطول حوالي 6سم وأخذ الجرح الثامن موضعه في أسفل وحشية العضد الأيمن وكان جرحا قطعيا مستو الحواف متكدما بطول حوالي 4سم بحيث يقع طرفه الأسفل مقابل وحشية مفصل المرفق الأيمن مباشرة وفي منتصف إصبع الإبهام الأيمن وكان الجرح التاسع وهو جرح قطعي متكدم مستو الحواف وكان الجروح السابقة لم تكف المتهم ولم ترض غليله فقد أحدث بالمجني عليه الجرح العاشر وهو كسابقيه جرحا قطعيا متكدما مستو الحواف طولي الوضع يقع بمنتصف أنسية الساعد الأيسر محدثا كسرا شطفيا بعظمة الزند اليسرى ويبلغ طول الجرح 8سم تقريبا وما كان قصد المتهم من إحداث تلك الإصابات الجسيمة إلا قتل المجني عليه تنفيذا لإصراره السابق على قتل أي من أشقاء الفتاة التي أراد خطبتها ورفضته أسرتها لسوء مسلكه ولما تم ما أراد المتهم وتحقق غرضه الذي استهدفه فقد أغلق باب الحجرة على جثة المجني عليه وخرج من مسكنه بعد أن أغلق بابه من خلفه وليتم مشروعا آخر إجراميا كان قد اختمر في ذهنه فقد توجه بعد قتله المجني عليه ..... إلى مسكن المجني عليه ...... والذي يقع على مبعدة 250 متر تقريبا من مسكن المتهم، توجه المتهم إلى مسكن المجني عليه الثاني المتزوج من سيدة تدعى ..... وكان المتهم قبل أربع سنوات تقريبا قد تقدم إلى خطبتها أيضا ولكن أسرتها رفضت خطبته ثم تقدم إلى خطبتها المجني عليه الثاني وارتضت به الأسرة زوجا لابنتهم مما أوغر صدر المتهم حتى أنه هدد المجني عليه سالف الذكر بقتله إن لم يعدل عن خطبته ولما توجه المتهم إلى مسكن المجني عليه الأخير وكانت الساعة قد بلغت الحادية عشر والنصف مساء تقريبا من ذات ليلة ....... فقد طرق باب المسكن وما أن فتح له المجني عليه حتى بادره المتهم بأن هوى على رأسه بما يحمل من سلاح صلب راض ثقيل ذو حافة حادة قاصدا من ذلك قتله تنفيذا لوعيده السابق والإصرار المسبق على قتله ولكن المجني عليه تفادى الضربة من موضعها المقصود فطاشت إلى جانب وجه المجني عليه فأحدثت به جرحا قطعيا بالوجه طوله 15سم وآخر متهتك أسفل صيوان الأذن اليسرى حوالي 5سم وآخر عميق بالعنق وأسفل المنطقة الفكية حوالي 10سم ولكن صوت المجني عليه وزوجته قد علا بالصراخ فخاف المتهم الذي كان قد ارتكب لتوه جريمة قتل المجني عليه .... خاف المتهم المذكور من ضبطه فلاذ بالفرار فخاب أثر جريمته وظل هاربا بعد ارتكابه الحادثين لمدة تقارب الشهرين وعشرة أيام حتى تم ضبطه بمدينة .... واستند الحكم في الإدانة على شهادة كل من النقيب ...... رئيس مباحث مركز.... و.... و... و.... و... و..... و...... و...... و..... و..... و.... وما شهد به ..... قبل وفاته ..... و..... و..... و..... و..... و...... وما قرره المتهم بتحقيق النيابة وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه ........... وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق حسبما يبين من الإطلاع على المفردات المضمومة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منها وكان البين مما سطره الحكم - على النحو سالف البيان - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها المتهم وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ومن ثم فقد سلم الحكم المعروض من القصور.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله "وبما أنه وعن توافر نية القتل فالثابت أن إصابات المجني عليه ........ تبلغ العشر إصابات الغالب منها إصابات قاتلة بطبيعتها وبحسب مكانها في الرقبة والوجه والرأس وبحسب ما قرره المتهم من أنه لا يذكر عدد الضربات التي كالها إلى المجني عليه اثنين أو ثلاثة أو خمسة فإن المحكمة تستخلص مما تقدم ومن استخدام سلاح قاتل بطبيعته وهو سلاح أبيض ثقيل صلب ذو حافة حادة توافر نية القتل وإزهاق الروح لدى المتهم ويؤيد من اطمئنان المحكمة أن المتهم والى ضرب المجني عليه في مقتل من جسده هو رقبته إذ ثبت بتقرير الصفة التشريحية وجود جرحين قطعيين أحدهما طوله 15سم وصفة التقرير بأنه جرح ذبحي والثاني أسفل الجرح الأول وبطول حوالي 6سم فإذا كان المتهم لا ينتوي القتل بعد إحداثه أول الجرحين مما يقطع بأنه لم يكن ينوي إلا القتل عند إحداثه الجرح الثاني وإذا أضيف إليها الجرح الذي أحدثه المتهم برأس المجني عليه والذي يبلغ 14سم شاملا لخلفية فروة الرأس محدثا كشطا بالصفحتين الخارجتين في مساحة بلغت 9×7سم فإن جسامة تلك الإصابات وكونها قاتلة في ذاتها فإن تكرارها وبهذه الصورة من الجسامة والقوة يؤكد انصراف نية المتهم إلى قتل المجني عليه". لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المحكوم عليه سائغا وصحيحا في القانون. لما كان ذلك، وكان المدافع مع المحكوم عليه قد أورد بأن المتهم انتزع الساطور من المجني عليه وقتله لفوره مردود بأن من المقرر في صحيح القانون أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار عليها أو التحيل لارتكابها انتفى حتما موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض ردا حالا لعدوان حال دون الاسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه وهو ما أثبته الحكم المعروض في قوله وبما أن المحكمة قد اطمأن وجدانها إلى ما تقدم وقد ثبت لديها الإصرار السابق من المتهم على قتل المجني عليهما فإن حالة الدفاع الشرعي تكون قد انتفت من الوقائع وانتفى موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض ردا على عدوان ولم يشرع للانتقام من الغرباء بل يكفي الاعتداء. وغني عن البيان أنه لا حديث عن تجاوز حد الدفاع الشرعي إلا بثبوت الحق فيه ولما كان ما ساقه الحكم المعروض من أدلة منتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي فإن الحكم يكون قد بريء من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان القول بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالا إذ في قضائها بالإدانة استناد إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنا أنها أطرحتها ولم تعول عليها فقد سلم الحكم المعروض من القصور. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لظرف الاقتران في قوله "وبما أن الشق الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات الذي غلظ عقوبة جناية القتل العمد متى تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى فإن هذا النص ينصرف أيضا إلى جميع الأحوال التي يرتكب فيها الجاني علاوة على فعل القتل أي فعل مستقل متميز عنه يكون في ذاته لجناية أخرى مرتبطة مع جناية القتل برابطة الزمنية حتى لو كانت الأفعال بناء على تصميم جنائي واحد أو تحت تأثير ثورة إجرامية واحدة إذ العبرة بالأفعال وتميزها عن بعضها بالقدر الذي يعتبر به كلا منها مكونا لجريمة مستقلة" فإذا كان ذلك وكان الثابت أن جناية قتل المجني عليه ..... قد تلتها جناية الشروع في قتل المجني عليه ..... بعد فترة وجيزة لا تزيد على النصف ساعة وانتقال المتهم إلى مسكن المجني عليه الثاني الذي لا يبعد عن المسكن الذي ارتكب فيه جريمته الأولى بأكثر من مائتي وخمسين مترا تنفيذا لغرض إجرامي واحد هو تحقيق تهديده بقتل كل من المجني عليهما فإن عناصر الارتباط على نحو ما تقدم تكون متحققة وكان يكفي لتغليظ العقاب عملا بالمادة 234/2 عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون وبالتالي تغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملا بالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون في هذا الشأن، فضلا عن ذلك فإن عقوبة الإعدام المقضي بها على المحكوم عليه هي ذاتها المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي أثبتها الحكم في حقه مجرد من ظرف الاقتران. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محاميا للدفاع عنه إلا أنه رغب في المحامي الذي تولى الدفاع عنه وندبته المحكمة محاميا ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من دفاع فيها فإن المحكمة تكون قد وفرت للمتهم حقه في الدفاع وإذ كان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقليد مهنته فإنه لا وجه للقول بخلو محضر الجلسة مما يفيد أن المحكمة قد أعطت المحامي المنتدب الوقت الكافي للاطلاع على أوراق الدعوى وتحضير دفاعه خاصة وقد ثبت بمحضر جلسة المحاكمة أن المحامي شرح وقائع الدعوى وأبدى دفاعه فيها على نحو ما سلف يفيد تمحيصه من مطالعة أوراقها بما أهله إبداء دفوعه التي أبداها وانتهى إلى طلب البراءة.
لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد أثبت في حق المحكوم عليه ارتكابه الجريمتين اللتين دانه بهما وساق عليهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل صدور الحكم وفقا للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية، وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت طبقا للقانون وجاء الحكم متفقا وصحيح القانون وبرأ من الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات - باعتباره قانون أصلح له - ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

(الطعن 4917 لسنة 69 ق جلسة 3 / 4 / 2002 س 53 ق 94 ص 577)

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى، إبراهيم الهنيدي، حسن الغزيري نواب رئيس المحكمة ومحمود عبد الحفيظ.
-----------------
لما كان من المقرر وفق نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن الأصل في المحاكمة الجنائية أنها تقوم على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في مواجهة المتهم بالجلسة وتسمع فيه الشهود لإثبات التهمة أو نفيها ولا يسوغ الخروج على هذا الأصل إلا إذا تعذر سماعهم لأي سبب من الأسباب أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك قبولا صريحا أو ضمنيا وإذ كان ذلك، وكان حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخوله إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق ما دام باب المرافعة لم يزل مفتوحا فإن نزول المدافع عن الطاعن - بادئ الأمر - عن سماع الشهود واسترساله في المرافعة لا يحرمه من العدول عن هذا النزول ولا يسلبه حقه في العودة إلى التمسك بطلب سماعهم الذي يعد على هذه الصورة بمثابة طلب جازم تلتزم المحكمة بإجابته عند الالتجاء إلى القضاء بغير البراءة فإن الحكم إذ قضى بإدانة الطاعن اكتفاء باستناده إلى أقوال الضابطين في التحقيقات دون الاستجابة إلى طلب سماعهما ودون أن يبين الأسباب التي حالت دون ذلك بالرغم من إصرار الدفاع على طلب سماعهما في ختام المرافعة - على السياق المتقدم - فإنه يكون مشوبا بالإخلال بحق الدفاع ولا يشفع له في ذلك كونه قد عول في قضائه - علاوة على ما سلف - على أدلة أخرى ذلك بأن الأصل في الأدلة الجنائية أنها متساندة تشد بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فليس من المستطاع - والحال كذلك - أن يعرف مصير قضاء محكمة الموضوع فيما لو استمعت بنفسها إلى شهادة الشاهدين المذكورين التي كانت عنصرا من عناصر عقيدتها في الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالإخلال بحق الدفاع.
 --------------------
   اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولا: ضرب ......عمدا بأن أطلق عليه عيارا ناريا من مسدس غير مرخص له بحمله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موته.
ثانيا: أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا (طبنجة ماركة حلوان عيار 9مم) في غير الأحوال المصرح بها قانونا.
ثالثا: أحرز ذخيرة (عدد 6 طلقات) مما تستعمل في السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصا له بحيازته أو إحرازه.
وأحالته إلى محكمة جنايات ...... لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، والبند رقم أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 مع إعمال المادتين 30/ 1، 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما هو منسوب إليه وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
-------------------
   حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الضرب المفضي إلى الموت وإحراز سلاح وذخائر بغير ترخيص وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا شابه الإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المدافع عنه أختتم مرافعته بطلب سماع شهود الإثبات بيد أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وفصلت في الدعوى مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أختتم مرافعته طالبا أصليا القضاء ببراءة الطاعن واحتياطيا سماع شهود الإثبات ويبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عول فيما عول عليه على أقوال شاهدي الإثبات الرائد ...... والملازم أول ...... دون أن يعرض البتة إلى طلب سماع شهادتهما. لما كان ذلك، وكان من المقرر وفق نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية أن الأصل في المحاكمة الجنائية أنها تقوم على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في مواجهة المتهم بالجلسة وتسمع فيه الشهود لإثبات التهمة أو نفيها ولا يسوغ الخروج على هذا الأصل إلا إذا تعذر سماعهم لأي سبب من الأسباب أو قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك قبولا صريحا أو ضمنيا وإذ كان ذلك، وكان حق الدفاع الذي يتمتع به المتهم يخوله إبداء ما يعن له من طلبات التحقيق ما دام باب المرافعة لم يزل مفتوحا فإن نزول المدافع عن الطاعن - بادئ الأمر - عن سماع الشهود واسترساله في المرافعة لا يحرمه من العدول عن هذا النزول ولا يسلبه حقه في العودة إلى التمسك بطلب سماعهم الذي يعد على هذه الصورة بمثابة طلب جازم تلتزم المحكمة بإجابته عند الاتجاه إلى القضاء بغير البراءة فإن الحكم إذ قضى بإدانة الطاعن اكتفاء باستناده إلى أقوال الضابطين في التحقيقات دون الاستجابة إلى طلب سماعهما في ختام المرافعة - على السياق المتقدم - فإنه يكون مشوبا بالإخلال بحق الدفاع ولا يشفع له في ذلك كونه قد عول في قضائه - علاوة على ما سلف - على أدلة أخرى ذلك بأن الأصل في الأدلة الجنائية أنها متساندة تشد بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فليس من المستطاع - والحال كذلك - أن يعرف مصير قضاء محكمة الموضوع فيما لو استمعت بنفسها إلى شهادة الشاهدين المذكورين التي كانت عنصرا من عناصر عقيدتها في الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

(الطعن 22710 لسنة 63 ق لجلسة 3 / 4 / 2002 س 53 ق 93 ص 573)

برئاسة السيد المستشار/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين/ حسين الجيزاوي، عبد الرؤوف عبد الظاهر، حسين مسعود نواب رئيس المحكمة ومحمد جمال الشربيني.
----------------
1 - من حيث إن الطاعن الأول وإن قدم الأسباب في الميعاد إلا أنه لم يقرر بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقا للمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. ولما كان التقرير بالطعن الذي رسمه القانون هو الذي يترتب عليه الطعن حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه. فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر. ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن شكلا بالنسبة لهذا الطاعن.
 
2 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه. وأطرحه في قوله "وحيث إنه عما أثاره الدفاع عن توافر حالة الدفاع الشرعي لدى المتهم الثاني - الطاعن - فلما كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبها عليها". وكان المقرر أن حالة الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان. لما كان ذلك وكانت الأوراق قد خلت من دليل يقيني على أن المتهم الثالث - الطاعن - واجه خطرا اقتضى منه رده ومن ثم تضحى دعوى توافر دعوى توافر الدفاع الشرعي في غير محلها. وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس بل كان معتديا وحين أوقع فعل الضرب كان قاصدا إلحاق الأذى بغريمه لا دفع اعتداء وقع عليه صحيحا في القانون ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه من نص حالة الدفاع الشرعي فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد
-----------------
     اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهما المتهم الأول ضرب...... عمدا بأداة صلبة راضة "عصا" على رأسه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي الكسر المنخسف بالجدارية اليمنى أبعاده 1×3 سم مما يقلل من كفاءتها بنسبة 10% عشرة في المائة.
المتهم الثاني: أحدث عمدا بالمجني عليه سالف الذكر الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي بأن قضم أصبع يده اليسرى والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزء من السلامية الطرفية بأصبعه البنصر الأيسر مما يقلل من كفائتها بنسبة 2/1% نصف في المائة وأحالتهما إلى محكمة جنايات ...... لمحاكمتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادتين 240/ 1، 241 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بالنسبة للثاني بمعاقبتهما بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس للثاني.
فطعن الأستاذ ....... المحامي نائبا عن الأستاذ ...... إلخ.
------------------
     من حيث إن الطاعن الأول وإن قدم الأسباب في الميعاد إلا أنه لم يقرر بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقا للمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. ولما كان التقرير بالطعن الذي رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه. فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر. ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن شكلا بالنسبة لهذا الطاعن.
وحيث إن طعن الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث ينعى الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع. ذلك بأنه أطرح دفاعه بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه ورد عليه برد قاصر غير سائغ مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه. وأطرحه في قوله "وحيث إنه عما أثاره الدفاع عن توافر حالة الدفاع الشرعي لدى المتهم الثاني - الطاعن - فلما كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيها بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبها عليها". وكان المقرر أن حالة الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان. لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت من دليل يقيني على أن المتهم الثاني - الطاعن - واجه خطراً اقتضى منه رده ثم تضحى دعوى توافر الدفاع الشرعي في غير محلها. وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس بل كان معتديا وحين أوقع فعل الضرب كان قاصدا إلحاق الأذى بغريمه لا دفع اعتداء وقع عليه صحيحا في القانون ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه من نص حالة الدفاع الشرعي فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.

الطعن 10929 لسنة 64 ق جلسة 4 / 4 / 2002 مكتب فني 53 ق 97 ص 602

جلسة 4 من إبريل سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وفيق الدهشان، نير عثمان، حمد عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة ونجاح موسى.

---------------

(97)
الطعن رقم 10929 لسنة 64 القضائية

(1) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". قانون "تطبيقه".
خضوع الدعوى المدنية المرفوعة أمام المحاكم الجنائية وفقاً للإجراءات المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية. المادة 266 إجراءات.
(2) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". استئناف.
عدم جواز استئناف المدعى بالحقوق المدنية الحكم الصادر فى الدعوى المدنية من المحكمة الجزئية إذا كان التعويض المطالب به لا يزيد عن النصاب الانتهائى للقاضى الجزئى. ولو وصف بأنه مؤقت. المادة 403 إجراءات.
(3) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". استئناف. نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
انغلاق باب الطعن بالاستئناف فى الحكم الصادر فى الدعوى المدنية. أثره: عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض.
(4) معارضة "نظرها والحكم فيها". دعوى جنائية. دعوى مباشرة "تحريكها". محكمة أول درجة.
الادعاء مدنياً بمبلغ يدخل فى حدود النصاب الانتهائى للقاضى الجزئى مع سريان تعديل المادة 42/ 1 مرافعات المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992. أثره: عدم جواز الطعن فيه بطريق النقض ولو قضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء حكم محكمة أول درجة بالتعويض وقضاؤها بعدم قبول الدعوى المدنية بناء على استئناف المتهم. أساس ذلك؟
(5) نقض "أسباب الطعن" "نظر الطعن والحكم فيه".
النظر فى شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل فى جوازه.
مثال:

-------------------
1 - لما كانت المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأن يتبع فى الفصل في الدعوى المدنية أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن الدعاوى المدنية تخضع أمام القضاء الجنائى للقواعد المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكم والأحكام وطرق الطعن فيها ما دامت فيه نصوص خاصة بها.
2 - لما كانت المادة 403 من القانون سالف الذكر قد أجازت للمدعى بالحقوق المدنية استئناف الأحكام الصادرة فى الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية - فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها - إذا كانت التعويضات المطالب بها تزيد على النصاب الذى يحكم فيه القاضى الجزئى نهائياً فلا يجوز للمدعى بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر ضده من المحكمة الجزئية متى كان التعويض المطالب به لا يجاوز النصاب الانتهائى للقاضى الجزئى، ولو شاب الحكم الخطأ فى تطبيق القانون أو تأويله، وكانت هذه القاعدة تسرى ولو وصف التعويض المطالب به بأنه مؤقت.
3 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه حيث ينغلق باب الطعن بطريق الاستئناف لا يجوز من باب أولى الطعن بطريق النقض. لما كانت ذلك، وكان الطاعن فى دعواه المدنية أمام المحكمة الجزئية قد طالب بتعويض قدره مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت - وهو ما يدخل فى نطاق النصاب الانتهائى لتلك المحكمة - بعد سريان تعديل نص المادة 42/ 1 من قانون المرافعات بالقانون رقم 23 لسنة 1992 والمعمول به فى أول أكتوبر سنة 1992 - ومن ثم فإنه لا يجوز له الطعن بالنقض فى الحكم الصادر بعدم قبول دعواه المدنية ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم الصادر بعدم قبول الدعوى المدنية قد صدر من محكمة ثانى درجة بعد أن استأنف المتهم الحكم الصادر من أول درجة بإدانته وإلزامه التعويض لمصلحة الطاعن ذلك أن قضاء المحكمة الاستئنافية ليس من شأنه أن ينشئ للمدعى بالحقوق المدنية حقاً فى الطعن فى الحكم الصادر فى الدعوى المدنية متى امتنع عليه حق الطعن فيه ابتداء بطريق الاستئناف.
4 - لما كان المدعى بالحقوق المدنية قد طالب فى صحيفة دعواه بتعويض مؤقت قدره مائة وواحد جنيه وهو طلب كان وقت إبدائه جائزاً استئنافه إلا أنه وقد تعدل النصاب الانتهائى للقاضى الجزئى بصدور القانون 23 لسنة 1992 بعد ادعائه المدنى وقبل قفل باب المرافعة أمام محكمة أول درجة، فقد كان عليه إن أراد الاحتفاظ بحقه فى الاستئناف أن يعدل طلباته إلى القدر الذى يزيد عن النصاب الانتهائى المعدل - وإن كان فى المعارضة فى الحكم الغيابى الابتدائى - أما وأنه لم يفعل وقضت المحكمة الاستئنافية بعدم قبول دعواه المدنية التى طالب فيها بتعويض مؤقت يدخل فى النصاب الانتهائى للقاضى الجزئى فإن طعن المدعى بالحقوق المدنية يكون غير جائز مما يفصح عن عدم قبوله موضوعاً ومصادرة الكفالة.
5 - من المقرر أنه لا حاجة لبحث صفة من وقع مذكرة أسباب الطعن - بتوقيع غير مقروء - لما هو مقرر من أن النظر فى شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل فى جوازه.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة ...... ضد المطعون ضده بوصف أنه وضع إعلانات على نافورة مياه. وطلب معاقبته بالمادة 48 من القانون رقم 132 لسنة 1949 بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت عارض وقضى فى معارضة بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه استأنف المحكوم عليه ومحكمة.... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف عارض وقضى فى معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن يتبع فى الفصل فى الدعوى المدنية أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن الدعاوى المدنية تخضع أمام القضاء الجنائى للقواعد المقررة في قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكم والأحكام وطرق الطعن فيها ما دامت فيه نصوص خاصة بها ولما كانت المادة 403 من القانون سالف الذكر قد أجازت للمدعى بالحقوق المدنية استئناف الأحكام الصادرة فى الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية - فيما يختص بالحقوق المدنية وحدها - إذا كانت التعويضات المطالب بها تزيد على النصاب الذى يحكم فيه القاضى الجزئى نهائياً، فلا يجوز للمدعى بالحقوق المدنية أن يستأنف الحكم الصادر ضده من المحكمة الجزئية متى كان التعويض المطالب به لا يجاوز النصاب الانتهائى للقاضى الجزئى، ولو شاب الحكم الخطأ فى تطبيق القانون أو تأويله، وكانت هذه القاعدة تسرى ولو وصف التعويض المطالب به بأنه مؤقت. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه حيث ينغلق باب الطعن بطريق الاستئناف لا يجوز من باب أولى الطعن بطريق النقض. لما كانت ذلك، وكان الطاعن فى دعواه المدنية أمام المحكمة الجزئية قد طالب بتعويض قدره مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت - وهو ما يدخل فى نطاق النصاب الانتهائى لتلك المحكمة - بعد سريان تعديل نص المادة 42/ 1 من قانون المرافعات بالقانون رقم 23 لسنة 1992 والمعمول به فى أول أكتوبر سنة 1992 - ومن ثم فإنه لا يجوز له الطعن بالنقض فى الحكم الصادر بعدم قبول دعواه المدنية ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم الصادر بعدم قبول الدعوى المدنية قد صدر من محكمة ثانى درجة بعد أن استأنف المتهم الحكم الصادر من أول درجة بإدانته وإلزامه التعويض لمصلحة الطاعن - ذلك أن قضاء المحكمة الاستئنافية ليس من شأنه أن ينشئ للمدعى بالحقوق المدنية حقاً فى الطعن فى الحكم الصادر فى الدعوى المدنية متى امتنع عليه حق الطعن فى ابتداء طريق الاستئناف، كما لا ينال من ذلك أن يكون المدعى بالحقوق المدنية قد طالب فى صحيفة دعواه بتعويض مؤقت قدره مائة وواحد جنيه وهو طلب كان وقت إبدائه جائزاً استئنافه إلا أنه وقد تعدل النصاب الانتهائى للقاضى الجزئى بصدور القانون 23 لسنة 1992 بعد ادعائه المدنى وقبل قفل باب المرافعة أمام محكمة أول درجة، فقد كان عليه إن أراد الاحتفاظ بحقه فى الاستئناف أن يعدل طلباته إلى القدر الذى يزيد عن النصاب الانتهائى المعدل - وإن كان فى المعارضة فى الحكم الغيابى الابتدائى - أما وأنه لم يفعل وقضت المحكمة الاستئنافية بعدم قبول دعواه المدنية التى طالب فيها بتعويض مؤقت يدخل فى النصاب الانتهائى للقاضى الجزئى فإن طعن المدعى بالحقوق المدنية يكون غير جائز مما يفصح عن عدم قبوله موضوعاً ومصادرة الكفالة. وذلك دون حاجة لبحث صفة من وقع مذكرة أسباب الطعن - بتوقيع غير مقروء - لما هو مقرر من أن النظر فى شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل فى جوازه.

(الطعن 492 لسنـ 63 ق جلسة 6 / 4 / 2002 س 53 ق 99 ص 611)

برئاسة السيد المستشار/ حسين الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وجيه أديب، فتحي جودة، عابد راشد نواب رئيس المحكمة وحمدي أبو الخير.
------------------
من المقرر أن المادة 55 من قانون العقوبات حين نصت على جواز وقف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية أو جنحة بالحبس أو الغرامة إنما عنت العقوبات الجنائية بالمعني الحقيقي دون الجزاءات الأخرى التي لا تعتبر عقوبات بحتة حتى ولو كان فيها معنى العقوبة. لما كان ذلك، وكانت عقوبة إغلاق المحل المنصوص عليها في المادة 18 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل المحكوم بها في التهمة المسندة إلى المطعون ضده لا تعتبر عقوبة بحتة لأنها لم تشرع للعقاب أو الزجر وإن بدا أنها تتضمن معني العقوبة وإنما هي في حقيقتها من التدابير الوقائية، فإن الحكم المطعون فيه إذ أمر بوقف تنفيذ عقوبة الإغلاق دون تمييز بينها وبين عقوبة الغرامة المقضي بها يكون قد أخطأ صحيح القانون مما يوجب نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من وقف التنفيذ بالنسبة لجزاء الإغلاق.
----------------------
  اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أدار محلا سبق غلقه، وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 7، 10، 11، 13، 14، 17، 18، 20، 21 من القانون 453 لسنة 1954 والقانون رقم 359 لسنة 1959 المعدل بالمادة 3 من القانون 1973 لسنة 1981.
ومحكمة جنح ..... قضت غيابيا بتغريمه عشرة جنيهات وإعادة الغلق.
استأنف، ومحكمة ..... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والإيقاف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.
------------------
     حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه قضى بوقف تنفيذ عقوبة الإغلاق المقضي بها طبقا لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل مع عدم جواز ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. من حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المادة 55 من قانون العقوبات حيث نصت على جواز وقف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية أو جنحة بالحبس أو الغرامة إنما عنت العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقي دون الإجراءات الأخرى التي لا تعتبر عقوبات بحتة حتى ولو كان فيها معنى العقوبة. لما كان ذلك وكانت عقوبة إغلاق المحل المنصوص عليها في المادة 18 من القانون رقم 453 لسنة 1954 المعدل المحكوم بها في التهمة المسندة إلى المطعون ضده لا تعتبر عقوبة بحتة لأنها لم تشرع للعقاب أو الزجر وإن بدا أنها تتضمن معنى العقوبة وإنما هي في حقيقتها من التدابير الوقائية فإن الحكم المطعون فيه إذ أمر بوقف تنفيذ عقوبة الإغلاق دون تمييز بينها وبين عقوبة الغرامة المقضي بها يكون قد أخطأ صحيح القانون مما يوجب نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من وقف التنفيذ بالنسبة لجزاء الإغلاق.

(الطعن 14093 لسنة 63 ق جلسة 7 / 4 / 2002 س 53 ق 100 ص 614)

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جابري، أحمد جمال الدين عبد اللطيف، عادل كناني نواب رئيس المحكمة وسيد الدليل.
------------------------
1 - لما كان من المقرر في صحيح القانون بحسب التأويل الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجري على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولا على ما ينكشف من أمر الواقع وقد أعمل الشارع هذا الأصل وأدار عليه نصوصه ورتب أحكامه ومن شواهده ما نصت عليه المواد 30، 163، 382 من قانون الإجراءات الجنائية مما حاصله أن الأخذ بالظاهر لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي يتم على مقتضاه وذلك تيسيرا لتنفيذ أحكام القانون وتحقيقا للعدالة حتى لا يفلت الجناة من العقاب، فإنه على فرض صحة ما يثيره الطاعن أن التحريات أثبتت أن الطاعن يقوم بتقليد العملات الأجنبية والوطنية فصدر الإذن من النيابة بالتفتيش على هذا الأساس فانكشفت جرائم التزوير في أوراق رسمية وتقليد الأختام عرضا أثناء تنفيذه فإن الإجراء الذي تم يكون مشروعا ويكون أخذ المتهم بنتيجته صحيحا ولا يقدح في جدية التحريات أن يكون ما أسفر عنه التفتيش غير ما انصبت عليه لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقوماتها لا نتائجها، فضلا عن أن الحكم أورد في معرض رده على هذا الدفع أن التحريات دلت على قيامه بالتزوير وكان الطاعن لا يماري في أسباب طعنه في صحة ما أورده الحكم نقلا عن التحريات.
 
2 - لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة - في الدعوى المطروحة - قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة وعولت على ما أسفر عنه تنفيذه فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
 
3 - لما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الدفاع من بطلان إقرار الطاعن بدعوى أنه كان وليد إكراه وأطرحته للأسباب السائغة التي أوردتها استنادا إلى سلامته وخلوه من أي شائبة للإكراه المادي والمعنوي، وأبانت أنها اقتنعت بصدق ذلك الإقرار وأنه يمثل الحقيقة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
----------------------
   اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم سابق على الأول من سبتمبر سنة 1992 بدائرة مركز شبين الكوم - محافظة المنوفية - أولا: ارتكب تزويرا في محررين رسميين هما مستخرجي بيانات درجات الطالب المحررين على بياض والمنسوب صدورها لإدارة ..... التعليمية شئون الطلبة والامتحانات بأن قام باصطناعها على غرار المستخرجات الصحيحة وذيلها بتوقيعات وأختام نسبها زورا إلى إدارة ....... التعليمية وموظفيها. ثانيا: قلد أختاما لإحدى المصالح الحكومية وهي: (أ) خاتم شعار الجمهورية لمحافظة ...... التربية والتعليم شئون الطلبة والامتحانات (ب) خاتم شعار الجمهورية لمحافظة ..... مديرية التربية والتعليم إدارة ....... التعليمية قسم شئون الطلبة (ج) خاتم شعار الجمهورية لمحافظة ..... إدارة شئون العاملين (د) الخاتم المستطيل لمحافظة ....... الديوان العام واستعملهم بأن بصم بهم على المحررين المزورين المبينين بالوصف أولا: (3) قلد أختاما لإحدى المصالح الحكومية وهي (أ) خاتم شعار الجمهورية لوزارة الخارجية الإدارة القنصلية التصريفات ....... (ب) الخاتم المستطيل لوزارة خارجية مصر العربية. تصادق على صحة التوقيع النهائي على الوثيقة (4) قلد خاتم لإحدى المصالح الحكومية وهو خاتم شعار الجمهورية الخاص بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق مكتب توثيق ...... واستعمله بأن بصم به على التوكيل الرسمي العام المحرر على بياض والمضبوط بحوزته (5) وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويرا في محرر رسمي وهو الشهادة المنسوب صدورها لكلية التجارة جامعة ..... وكانت ذلك بطريق الاصطناع بأن أعد طلب المحرر على غرار المحررات الصحيحة وذيلها بتوقيعات نسبها زورا للموظفين المختصين بتحريره وتوقيع آخر عزاه زورا لعميد الكلية سالفة الذكر. وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 206/ 3، 4، 211، 212 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين ومصادرة المحررات والأختام المضبوطة عما نسب إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
--------------
     وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التزوير في محررات رسمية وتقليد أختام بعض الجهات الحكومية قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع ذلك بأنه دفع ببطلان إذن التفتيش لإبتنائه على تحريات غير جدية بدلالة خلو محضر التحريات مما يشير إلى قيام المتهم بتزوير أوراق رسمية أو تقليد أختام وإنما تضمن ما يفيد أنه يقوم بتقليد العملات الأجنبية والوطنية. وأن المبلغ المضبوط ثبت أنه غير مزور إلا أنه الحكم أطرح دفعه بتسبيب قاصر غير سائغ، كما أطرح دفعه ببطلان اعترافه بمحضر الضبط لكونه وليد إكراه معنوي بما لا يسوغ مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم التزوير في المحررات الرسمية وتقليد الأختام التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة مستقاة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بوحدة الأدلة الجنائية بمديرية أمن ...... ومن إقرار المتهم بمحضر الضبط وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر في صحيح القانون بحسب التأويل الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة أن الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجري على حكم الظاهر وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما ينكشف من أمر الواقع وقد أعمل الشارع هذا الأصل وأدار عليه نصوصه ورتب أحكامه ومن شواهده ما نصت عليه المواد 30، 163، 382 من قانون الإجراءات الجنائية مما حصله أن الأخذ بالظاهر لا يوجب بطلان العمل الإجرائي الذي يتم على مقتضاه وذلك تيسيراً لتنفيذ أحكام القانون وتحقيقاً للعدالة حتى لا يفلت الجناة من العقاب، فإنه على فرض صحة ما يثير الطاعن أن التحريات أثبتت أن الطاعن يقوم بتقليد العملات الأجنبية والوطنية فصدر الإذن من النيابة بالتفتيش على هذا الأساس فانكشفت جرائم التزوير في أوراق رسمية وتقليد الأختام عرضا أثناء تنفيذه فإن الإجراء الذي تم يكون مشروعا ويكون أخذ المتهم بنتيجته صحيحا ولا يقدح في جدية التحريات أن يكون ما أسفر عنه التفتيش غير ما أنصبت عليه لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقوماتها لا نتائجها، فضلاً عن أن الحكم أورد في معرض رده على هذا الدفع أن التحريات دلت على قيامه بالتزوير وكان الطاعن لا يماري في أسباب طعنه في صحة ما أورده الحكم نقلا عن التحريات وإذ كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن, فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة - في الدعوى المطروحة - قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة وعولت على ما أسفر عنه تنفيذه فلا يجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان نتيجة إكراه بغير معقب عليها مادامت تقيمه على أسباب سائغة، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الدفاع من بطلان إقرار الطاعن بدعوى أنه كان وليد إكراه وأطرحته للأسباب السائغة التي أوردتها استنادا إلى سلامته وخلوه من أي شائبة للإكراه المادي والمعنوي، وأبانت أنها اقتنعت بصدق ذلك الإقرار وأنه يمثل الحقيقة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.

(الطعن 1958 لسنة 30 جلسة 6/ 2/ 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 28 ص 181)

برياسة محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة, وحضور محمد عطيه اسماعيل, وعادل يونس, وعبد الحسيب عدي, وحسن خالد.
----------------------
1 - يبين من استقراء نصوص اللائحة الجمركية والقوانين المعدلة لها ومما أصدرته مصلحة الجمارك من تعليمات في خصوص تطبيق أحكام هذه اللائحة أن سواحل " البحر المالح " والحدود الفاصلة بين القطر المصري والبلاد المجاورة له تعتبر خطأ للجمارك، أما منطقة المراقبة فهي دائرة معينة حددها القانون لإجراء الكشف والتفتيش والمراجعة، وهي دائرة مغلقة وأكد إغلاقها القانون رقم 354 لسنة 1956 بشأن حظر دخول الدوائر الجمركية بالمطارات والمواني الذي حظر دخولها بغير إذن من وزير الحربية أو من ينيبه أو بمقتضى جواز سفر مستوف.
 
2 - أسبغ القانون رقم 9 لسنة 1905 في شأن منع تهريب البضائع صفة الضبط القضائي على موظفي الجمارك وعمالها أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم، وبقيت لهم هذه الصفة إعمالاً لنص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون 243 لسنة 1953، كما أيد القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركي هذه الصفة بالنسبة إلى موظفي الجمارك ولكل موظف يصدر بتعيينه قرار من " وزير المالية والاقتصاد "، وأضفاها القانون رقم 114 لسنة 1953 على الضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها فى الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد.
 
3 - أخضع الشارع الدائرة الجمركية - نظراً إلى طبيعة التهريب الجمركي - لإجراءات وقيود معلومة - منها تفتيش الأمتعة والأشخاص الذين يدخلون إليها أو يخرجون منها أو يمرون بها بصرف النظر عن رضاء هؤلاء الأشخاص بهذا التفتيش أو عدم رضائهم به.
 
4 - تفتيش الأمتعة والأشخاص الذين يدخلون إلى الدائرة الجمركية أو يخرجون منها أو يمرون بها هو ضرب من الكشف عن أفعال التهريب أستهدف الشارع به صالح الخزانة ويجريه عمال الجمرك وحراسه - الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم - لمجرد قيام مظنة التهريب فيمن يوجدون بمنطقة المراقبة دون أن يتطلب الشارع توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية واشتراط وجود الشخص المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في هذا القانون, وقد أفصح الشارع عن مراده بما نص عليه في المادة الثانية من اللائحة الجمركية المعدلة أخيراً بالقانون رقم 65 لسنة 1959 والمادتين 7 و 35 في بنودها الرابعة والخامسة والسادسة والثامنة والمادة 41 من اللائحة المذكورة المعدلة بالقانون رقم 89 لسنة 1933, ومؤدى هذه النصوص مجتمعة هو أن حق عمال الجمارك وحراسه في الكشف والتفتيش في حدود دائرة المراقبة الجمركية أمر يقره القانون - على أن هذا الحق في خصوص تفتيش الأشخاص ليس مطلقاً بل يجب أن يمارسه المخاطبون به في نطاق ما يصادفهم من حالات تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها - في الحدود المعرف بها قانوناً طبقاً لما نص عليه أخيراً القانون رقم 623 لسنة1955 بأحكام التهريب الجمركي - ولا يقدح في هذا النظر زوال الصفة المدنية لأفعال التهريب في ظل خضوعها لأحكام اللائحة الجمركية حين ألحقت بجرائم القانون العام عملاً بالقانون رقم 623 لسنة 1955 وما يترتب على ذلك من إخضاع هذه الجرائم للأحكام المقررة في قانون الإجراءات الجنائية من حيث التحقيق وما يندرج تحته من قبض وتفتيش, ذلك بأن أفعال التهريب الجمركي وإن أدخلت في زمرة الجرائم إلا أنها لا تزال تحمل في طياتها طابعاً خاصاً مميزاً لها عن سائر الجرائم - وهو ما أشار إليه الشارع في المذكرة الإيضاحية المصاحبة للقانون رقم 623 لسنة 1955, وتمشياً مع هذا الاتجاه أختط الشارع خطة التوسيع في تجريم أفعال التهريب الجمركي إلى ما يسبق نطاق الشروع في الجريمة, وهذا الاتجاه من الشارع من تناول مجرد محاولة التهريب بالعقاب - وهي مرحلة دون الشروع تقع بين الأعمال التحضيرية والبدء في التنفيذ - يدل بذاته على الطبيعة الخاصة لهذه الجرائم, ويؤكد خضوعها لحالات مغايرة للمفاهيم المتواضع عليها بالنسبة إلى باق الجرائم. ومن الواضح أن إلغاء أحكام التهريب المنصوص عليها في اللائحة الجمركية وكل ما يخالف نصوص القانون رقم 623 لسنة 1955 لا يشمل الأحكام الإجرائية الخاصة بالكشف عنها.
 
5 - الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة المراقبة الجمركية، ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الشخص محل التفتيش - في حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها في ذلك.
---------------------
     اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه جلب إلى الجمهورية المصرية أفيونا بغير إذن من وزارة الصحة العمومية وفي غير الأحوال المنصوص عليها قانونا. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1, 2, 33 ج وأخيرة, 35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والبند 1 من الجدول 1 الملحق بهذا المرسوم, فقررت بذلك وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر عن المتهم ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليهما من إجراءات, والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام ما عدا المادة 33 ج وأخيرة وبدلا عنها المادة 34 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... الخ.
---------------------
   حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه انطوى على قصور في التسبيب وفساد وخطأ في الاستدلال كما أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله حين دان الطاعن بجريمة إحراز مخدر بقصد التعاطي ذلك أن المدافع عنه تمسك بعدم علمه بالمخدر الذي ضبط بداخل علبة السجاير التي عثر عليها في جيب ردائه الخارجي وبأنه مدسوس عليه ولكن الحكم أطرح هذا الدفاع تأسيسا على أن محاولة الطاعن الخروج من الجمرك قبل التفتيش تقطع بأنه كان يحاول تهريب أشياء محظور إحرازها وافترض الحكم أن علبة السجاير مملوكة للطاعن ورتب على هذا الفرض الذي لا تسانده الأوراق استحالة نزعها من جيبه وردها إليه ثانية بعد وضع المخدر بها. وهذا الذي ذهب إليه الحكم لا يصلح ردا لقيامه على فروض احتمالية ينفيها ما ورد على لسان الشهود الذين حصل الحكم أقوالهم من أن الطاعن كانت معه مهربات جمركية مما يجعل الأقرب إلى الظن اتجاه قصده إلى محاولة الخروج بهذه المواد -التي لا تعد حيازتها في ذاتها جريمة- من دائرة الجمرك لأن المحظور هو عدم أداء الرسوم المقررة عليها, فضلا عن أن الطاعن أنكر ملكيته لعلبة السجاير المضبوطة والتفت الحكم عن الاستيثاق من ملكيته لها. كما أنه بعد أن استبعد الحكم عن الطاعن جلب المخدر إلى أراضي الجمهورية كما ذهب الاتهام في وصف التهمة افترض اتصال الطاعن بشخص ما في داخل الدائرة الجمركية وحصوله منه على هذا المخدر, وهذا الفرض، فضلا عن أنه لا مأخذ له من الأوراق فإنه لا يصلح دليلا على ركن العلم بحقيقة الجوهر المخدر المضبوط أو سندا للإدانة التي يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الفروض الاحتمالية. هذا إلى أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش لانعدام موجبهما وعدم توافر حالة الاشتباه في حق الطاعن التي تسوغ ذلك ورد الحكم بأن لائحة الجمارك والمرسوم الصادر في 27/12/1938 صريحان في تخويل موظفي الجمارك ورجال خفر السواحل الحق في تفتيش الأمتعة والأشخاص في حدود الدائرة الجمركية وبصحة الاستدلال بما يكشف عنه هذا التفتيش من جرائم غير جمركية يعاقب عليها القانون العام. وما ذكره الحكم من ذلك يجافي التأويل الصحيح للقانون إذ أن حق رجال الجمارك في التفتيش ليس مطلقا بل إنه مقيد بالقواعد العامة التي تنظم القبض والتفتيش ولما كانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية لا تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على شخص إلا إذا وجدت دلائل كافية على اتهامه بارتكاب جريمة في الأحوال التي نصت عليها المادة المذكورة فقد تمسك المدافع عن الطاعن بأنه لم يكن ثمة ما يدعو إلى الاشتباه في أمره مما ينفي عنه قيام الدلائل التي ينبئ ظاهرها عن احتمال ارتكابه جريمة مما تسوغ القبض عليه ولم يتصد الحكم لبيان توافر تلك الحالة في شأنه, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله إنه "في مساء يوم 22/7/1958 وأثناء مرور الأمباشي ........ من قوة مخابرات السواحل بدائرة جمرك بورسعيد شاهد المتهم (الطاعن) بداخل الدائرة الجمركية في طريقه إلى الباب رقم 20 جمرك بورسعيد ودون مروره على حجرة معاون الجمرك فاشتبه في أمره واقتاده للضابط النوبتجي الملازم أول ...... من قوة حرس جمرك بورسعيد الذي أمره بتفتيشه أمامه ففعل وقد عثر في جيب سترته الأيمن الخارجي على علبة سجاير بها سجاير وأربع لفافات من الأفيون زنتها 17.80 جراما كما عثر معه على مهربات جمركية" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو أدلة مستمدة من شهادة الشاهدين سالفي البيان ومما ثبت من تقرير المعامل بمصلحة الطب الشرعي عند تحليل المادة المضبوطة مع الطاعن ومما قرره الأخير في جميع أدوار التحقيقات من ضبط المادة المخدرة معه معللا ذلك بأن أحدا من البحارة قد دسها له, وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن الموضوعي القائم على دس المخدر له من أحد زملائه البحارة ورد عليه بما يفنده ثم تناول الدفع ببطلان القبض والتفتيش فرد عليه في قوله "وبما أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش في غير محله إذ لا جدال في ضبط المتهم (الطاعن) بداخل الدائرة الجمركية ولائحة الجمارك والمرسوم الصادر في 27/12/1938 صريحان في تخويل موظفي الجمارك وحرسه رجال خفر السواحل الحق في تفتيش الأمتعة والأشخاص في حدود الدائرة الجمركية فإذا عثر أحدهم أثناء التفتيش الذي يجريه عن دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام فإنه يصحح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجرائم لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع خولته اللوائح والقوانين ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة" وخلص الحكم من ذلك إلى رفض الدفع وانتهى إلى أن الطاعن قد أحرز الأفيون المضبوط وهو عالم بكنهه وذلك بقصد التعاطي مستبعدا ما جاء بوصف التهمة من أن الإحراز كان بغرض جلبه إلى أراضي الجمهورية العربية, واستدل على ذلك بأنه ضبط بداخل الدائرة الجمركية ولا يوجد ما ينفي اتصاله بأحد بعد نزوله من الباخرة وحصوله على المخدر بقصد التعاطي. لما كان ذلك, وكان الدفاع بأن التهمة ملفقة على المتهم هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردا صريحا إذ يكفي للرد عليه ما أورده الحكم من أدلة الثبوت السائغة, ومع ذلك فإن ما أورده الحكم وهو في معرض التصدي لتفنيد هذا الدفع يصلح للرد عليه. لما كان ذلك, وكان ما ذكره الحكم ردا على الدفع ببطلان القبض والتفتيش صحيحا في القانون ذلك أنه يبين من استقراء نصوص اللائحة الجمركية الصادرة بالأمر العالي في 2 من أبريل سنة 1884 والقوانين المعدلة لها ومما أصدرته مصلحة الجمارك من تعليمات في خصوص تطبيق أحكام هذه اللائحة أن سواحل "البحر المالح" والحدود الفاصلة بين القطر المصري والبلاد المجاورة له تعتبر خطا للجمارك أما منطقة المراقبة فهي دائرة معينة حددها القانون لإجراء الكشف والتفتيش والمراجعة -وهي دائرة مغلقة وأكد إغلاقها القانون رقم 354 لسنة 1956 بشأن حظر دخول الدوائر الجمركية بالمواني والمطارات الذي حظر دخولها بغير إذن من وزير الحربية أو من ينيبه أو بمقتضى جواز سفر مستوف- وقد أسبغ القانون رقم 9 لسنة 1905 في شأن منع تهريب البضائع صفة الضبط القضائي على موظفي الجمارك وعمالها في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم وبقيت لهم هذه الصفة إعمالا لنص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 243 لسنة 1953 كما أيد القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركي هذه الصفة بالنسبة إلى موظفي الجمارك ولكل موظف يصدر بتعيينه قرار من "وزير المالية والاقتصاد" وأضفاها القانون رقم 114 لسنة 1953 على الضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد. ومفاد هذه النصوص أن الشارع أخضع دائرة المراقبة الجمركية نظرا إلى طبيعة التهريب الجمركي - لإجراءات وقيود معلومة منها تفتيش الأمتعة والأشخاص الذين يدخلون إليها أو يخرجون منها أو يمرون بها بصرف النظر عن رضاء هؤلاء الأشخاص بهذا التفتيش أو عدم رضائهم به. وهذا الإجراء هو ضرب من الكشف عن أفعال التهريب استهدف الشارع به صالح الخزانة ويجريه عمال الجمرك وحراسه ممن سلف بيانهم لمجرد قيام مظنة التهريب فيمن يوجدون بمنطقة المراقبة دون أن يتطلب الشارع توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية واشتراط وجود الشخص المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في هذا القانون. وقد أفصح الشارع عن مراده حين نص في المادة الثانية من اللائحة الجمركية المعدلة أخيرا بالقانون رقم 65 لسنة 1959 على أن تخزين ونقل البضائع التي قطعت خط الجمارك في حدود دائرة المراقبة - يكونان تحت "مراقبة" عمال الجمارك وأن للجمرك حق "الكشف" "والتفتيش" على القوافل المارة في الصحراء متى اشتبه بأنها تزاول تجارة يمنعها القانون, وحين نص في المادة السابعة من اللائحة المذكورة على حق الجمرك في "الكشف" على جميع الطرود, وحين نص في البند الرابع من المادة 35 على اعتبار البضائع الأجنبية الموجودة مع أفراد الناس أو بين عفشهم أو في القوارب أو في العربات والبضائع المخفاة داخل طرود المفروشات أو طرود بضائع من جنس آخر - مهربة متى كان وضعها بطريقة تحمل على الظن بتعمد تهريبها من رسوم الجمرك, وحين نص في البنود "خامسا" و"سادسا" و"ثامنا" من المادة المذكورة على اعتبار البضائع الأجنبية المأخوذة من الجمرك بدون إذن إفراج والمودعة الصحراء خارج خط الجمارك في حالة توجب "الشبهة" من قبيل البضائع المهربة, وكذلك الحال بالنسبة إلى جميع البضائع المقرر عليها رسوم صادر التي تخرج أو يشرع في إخراجها بدون إحضارها إلى الجمرك, وحين نص في المادة 41 المعدلة بالقانون رقم 89 لسنة 1937 على أنه في حالة وجود "شبهة احتيال" يجوز للمستخدمين الكشف والتفتيش داخل المساكن والمخازن حتى حدود المراقبة ولا يكون ذلك إلا بقصد البحث عن البضائع الممنوعة أو المهربة من دفع الرسوم وضبطها إذا دعت الحال ونظمت المادة المذكورة وإجراءات هذا الكشف والتفتيش. ومؤدى هذه النصوص مجتمعة هو أن حق عمال الجمارك وحراسه سالفي البيان في الكشف والتفتيش في حدود دائرة المراقبة الجمركية أمر يقره القانون على أن هذا الحق في خصوص تفتيش الأشخاص ليس مطلقا بل يجب أن يمارسه المخاطبون به في نطاق ما يصادفهم من حالات تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها -في الحدود المعرف بها قانونا طبقا لما نص عليه أخيرا القانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركي- لما كان ذلك, وكانت الشبهة المقصودة في هذا المقام هي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في حدود دائرة المراقبة الجمركية - ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الشخص محل التفتيش -في حدود دائرة المراقبة الجمركية- على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها في ذلك. ولا يقدح في هذا النظر زوال الصفة المدنية لأفعال التهريب في ظل خضوعها لأحكام اللائحة الجمركية حين ألحقت بجرائم القانون العام عملا بالقانون رقم 623 لسنة 1955 بأحكام التهريب الجمركي الذي ألغى أحكام التهريب التي كان منصوصا عليها في اللائحة الجمركية وكل ما يخالفه من أحكام ونقل اختصاص الفصل فيها من اللجان الجمركية إلى المحاكمة الجنائية, وما يترتب على ذلك من إخضاع هذه الجرائم للأحكام المقررة في قانون الإجراءات الجنائية من حيث التحقيق وما يندرج تحته من قبض وتفتيش, ذلك بأن أفعال التهريب الجمركي وإن أدخلت في زمرة الجرائم إلا أنها لا تزال تحمل في طياتها طابعا خاصا مميزا لها عن سائر الجرائم وهو ما أشار إليه الشارع في المذكرة الإيضاحية المصاحبة للقانون رقم 623 لسنة 1955 إذ قال تبريرا لإصدار هذا القانون. "ونظرا إلى تقادم العهد على صدور اللائحة الجمركية في 2 أبريل سنة 1884 فقد رؤى سن قانون بتنظيم أحكام التهريب يتمشى مع ما بلغته البلاد في نهضتها الحاضرة ويكفل المحافظة على موارد الخزانة العامة من الرسوم والعوائد الجمركية ويحمل التجارة على احترام القيود المفروضة على الاستيراد أو التصدير". وتمشيا مع هذا الاتجاه إختط الشارع خطة التوسع في تحريم أفعال التهريب الجمركي إلى ما يسبق نطاق الشروع في الجريمة -إذ نص هذا القانون في مادته الثانية على تجريم التهريب والشروع فيه أو محاولة ذلك وهذا الاتجاه من الشارع من تناول مجرد محاولة التهريب بالعقاب- وهي مرحلة دون الشروع تقع بين الأعمال التحضيرية والبدء في التنفيذ بذاته على الطبيعة الخاصة لهذه الجرائم ويؤكد خضوعها لحالات مغايرة للمفاهيم المتواضع عليها بالنسبة إلى باقي الجرائم. ومن الواضح أن إلغاء أحكام التهريب المنصوص عليها في اللائحة الجمركية وكل ما يخالف نصوص القانون رقم 623 لسنة 1955 لا يشمل الأحكام الإجرائية الخاصة بالكشف عنها طبقا لما سلف بيانه. لما كان ذلك, فإن التفتيش الذي وقع على الطاعن في نطاق دائرة المراقبة الجمركية من أمباشي خفر السواحل -وهو من ضباط الصف- بحضور الملازم أول ....... من قوة حرس جمرك بورسعيد, وكليهما من مأموري الضبط القضائي, يكون قد وقع صحيحا لما أثبته الحكم من اشتباه الجندي المذكور في أمر الطاعن بعد أن شاهده بداخل الدائرة الجمركية يسير مساء في طريقه إلى باب الجمرك دون مروره على حجرة معاون الجمرك دون انتظار تفتيش أمتعته مما يبرر تفتيشه لقيام مظنة التهريب في حقه. وإذ أنتج هذا التفتيش دليلا يكشف عن جريمة إحراز جوهر مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونا. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه أو بشهود بذواتهم ولو كان ذلك بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق, فلا يضير الحكم أن يستنتج إحراز الطاعن للمخدر المضبوط من اتصاله بأحد بعد نزوله من الباخرة وحصوله عليه بقصد التعاطي ما دام هذا الذي استخلصه الحكم لا تنفيه ظروف الواقعة وملابساتها. لما كان ذلك, وكان الحكم قد دلل تدليلا سائغا على إحراز الطاعن للجوهر المخدر المضبوط وعلمه بحقيقته فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو الجدل في سلطة محكمة الموضوع وتقدير الأدلة مما لا معقب عليها فيه. لما كان ما تقدم, فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

(الطعن 8993 لسنة 63 ق جلسة 8 / 4 / 2002 س 53 ق 102 ص 623)

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد شتا، أسامة توفيق، محمد ناجي دربالة وهشام البسطويسي نواب رئيس المحكمة.
---------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أحال إلى أسباب ومنطوق الحكم المنقوض على الرغم من قصوره. لما كان ذلك، وكان نقض الحكم يترتب عليه إلغاؤه ويعتبر بالتالي معدوم الأثر فيصبح الحكم المنقوض لا وجود له قانونا، فإن الحكم المطعون فيه إذ أحال - سواء في تحصيله وقائع الدعوى أو في أسبابه - على ما أورده الحكم الابتدائي الصادر من محكمة ...... الجزئية بجلسة ..... والمؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم الاستئنافي الصادر بجلسة ..... والسابق القضاء بنقضه - يكون قد أحال على حكم ملغي عديم الأثر فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعن وحده دون أن يمتد أثره إلى المحكوم عليه الآخر الذي صدر الحكم في حقه حضوريا اعتباريا ومن ثم يكون قابلا للطعن فيه بطريق المعارضة ولا يكون له أصلا الحق في الطعن في هذا الحكم بطريق النقض رغم اتصال وجه النعي به.
 
2 - لما كان الطعن مقدما لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع وذلك إعمالا لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
---------------------
    اتهمت النيابة العامة كلا من ..... بأنهم: أولا: تسببوا خطأ في موت ..... وكان ذلك ناشئا عن إهمالهم وعدم احترازهم بأن تركوا المجني عليه يصعد على برج التوزيع دون أن يخبروه بمكان الدائرة الأولى أو الدائرة الثانية فصعد على الدائرة الأولى باعتبارها على اليمين وأنه فصل عنها التيار كما اعتاد العمل بالمحطة في حين أن الدائرة الأولى على اليسار بخلاف ما جرى عليه العمل بالمحطة فصعقه التيار وحدثت إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. ثانيا: تسببوا خطأ في إصابة كلا من .... وكان ذلك ناشئا عن إهمالهم وعدم احترازهم ومراعاتهم للقوانين واللوائح بأن تركوا المجني عليهما ليصعدا على برج التوزيع دون أن يبينوا لهما مكان الدائرة الأولى المفصول عنها التيار والثانية المتصل بها التيار فصعدا على الدائرة الثانية على اعتبار أنها الدائرة الأولى طبقا لما جرى عليه العمل بالمحطة فصعقهما التيار وحدثت إصابتهما الموصوفة بالتقرير الطبي. وطلبت عقابهم بالمادتين 238/ 1 - 3، 244/1 - 3 من قانون العقوبات.
وادعى كل من أرملة ووالد المجني عليه الأول مدنيا قبل المتهمين بإلزامهم أن يؤدوا لهما مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنح مركز ...... قضت حضوريا .... بتغريم كل متهم مائتي جنيه عما نسب إليه وفي الدعوى المدنية بإلزامهم أن يؤدوا للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت.
استأنفوا، ومحكمة ........ الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا ..... بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة بالنسبة للمتهم الثالث وتأييد الحكم بالنسبة للأول والثاني.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض. وقضت محكمة النقض ....... بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة ..... الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة قضت حضوريا للأول وحضوريا اعتباريا للثاني ........ بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) ...... إلخ.
--------------------
  ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه أيد الحكم الابتدائي لأسبابه برغم أن هذا الحكم لم يستظهر ركن الخطأ بما يوفره في حق الطاعن مما يعيب الحكم ويستوجب النقض. ومن حيث إنه يبّين من الأوراق أن هذه المحكمة - محكمة النقض - قضت بجلسة .... في الطعن المقام من المحكوم عليه - الطاعن - وآخر - في الحكم الصادر ضدهما من محكمة .... الابتدائية بهيئة استئنافية - بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة ...... الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى. والمحكمة المذكورة قضت بحكمها المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أحال إلى أسباب ومنطوق الحكم المنقوض على الرغم من قصوره. لما كان ذلك، وكان نقض الحكم يترتب عليه إلغاؤه ويعتبر بالتالي معدوم الأثر فيصبح الحكم المنقوض لا وجود له قانوناً، فإن الحكم المطعون فيه إذ أحال - سواء في تحصيله وقائع الدعوى أو في أسبابه - على ما أورده الحكم الابتدائي الصادر من محكمة ..... الجزئية بجلسة .... والمؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم الاستئنافي الصادر بجلسة ...... والسابق القضاء بنقضه - يكون قد أحال على حكم ملغي عديم الأثر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعن وحده دون أن يمتد أثره إلى المحكوم عليه الآخر الذي صدر الحكم في حقه حضورياً اعتبارياً ومن ثم يكون قابلاً للطعن فيه بطريق المعارضة ولا يكون له أصلاً الحق في الطعن في هذا الحكم بطريق النقض رغم اتصال وجه النعي به. لما كان الطعن مقدماً لثاني مرة فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الموضوع وذلك إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

(الطعن 34419 لسنة 69 ق جلسة 16 / 4 / 2002 س 53 ق 108 ص 652)

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه سيد قاسم، سلامة أحمد عبد المجيد، فؤاد حسن ومحمد سامي إبراهيم نواب رئيس المحكمة.
----------------------
--- 1 - لما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
 
2 - لما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن في بيان كاف إقدامه على ارتكاب الجريمة متوخيا تعطيل إرادة المجني عليه عن طريق تهديده بالتشهير به بما كان من شأنه ترويع المجني عليه بحيث حمله كرها عنه، على إمضاء الشيك الذي طلب منه إمضاءه، وكان الحكم قد استظهر بذلك ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء السندات بما يتوافر به هذا الركن في صحيح القانون، ذلك بأنه من المقرر أنه يتحقق بكافة صور انعدام الرضاء لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلا لارتكاب الجريمة، فكما يصح أن يكون الإكراه ماديا باستعمال القوة فإنه يصح أيضا أن يكون أدبيا بطريق التهديد ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال كما يدخل فيه التهديد بنشر فضيحة أو بإفشاء أمور ماسة بالشرف، فإن منعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.
 
3 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
 
4 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكا لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة المجني عليه فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة أن المجني عليه كان حر الاختيار بعد أن تركه الطاعن وانصرف لا يكون له محل.
 
5 - لما كان يبين من محضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن أشار في مرافعته إلى خلو الأوراق من محضر معاينة الواقعة، دون أن يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإنه ليس للطاعن أن ينعى عليها قعودها عن إجراء معاينة لم تطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائها بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود.
-------------------
     اتهمت النيابة العامة الطاعن .... بأنه أكره ..... بالتهديد بالإمضاء على سند شيك بوجود الدين وكان ذلك بأن هدده بارتكابه لوقائع من شأنها المساس بسمعته وأسرته على خلاف الحقيقة فتمت الجريمة بناء على ذلك التهديد. وإحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
   وادعى المجني عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادتين 325 من قانون العقوبات و163 من القانون المدني مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
-----------------
   من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اغتصاب السندات بالتهديد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع. ذلك بأنه خلا من بيان الواقعة بياناً واضحاً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استند إليها في الإدانة، ولم يدلل تدليلاً كافياً وسائغاً على توافر ركن الإكراه في الواقعة وما إذا كان هذا لاحقاً أو معاصراً أو سابقاً على الاستحصال على توقيع المجني عليه على السند موضوع الاتهام خاصة وأن تصوير المجني عليه للواقعة غير مقبول إذ كان حر الاختيار بعد أن تركه الطاعن وانصرف كما قعدت المحكمة عن إجراء معاينة مكان الحادث بمعرفتها رغم تمسك الطاعن بخلو الأوراق من تلك المعاينة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. وحيث إنه يبيّن من مطالعة الحكم المطعون فيه أن ما أثبته في مدوناته كاف لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يسوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن في بيان كاف إقدامه على ارتكاب الجريمة متوخياً تعطيل إرادة المجني عليه عن طريق تهديده بالتشهير به بما كان من شأنه ترويع المجني عليه بحيث حمله كرهاً عنه، على إمضاء الشيك الذي طلب منه إمضاءه، وكان الحكم قد استظهر بذلك ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء السندات بما يتوافر به هذا الركن في صحيح القانون، ذلك بأنه من المقرر أنه يتحقق بكافة صور انعدام الرضاء لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة، فكما يصح أن يكون الإكراه مادياً باستعمال القوة فإنه يصح أيضاً أن يكون أدبياً بطريق التهديد ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال كما يدخل فيه التهديد بنشر فضيحة أو بإفشاء أمور ماسة بالشرف، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة المجني عليه فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة أن المجني عليه كان حر الاختيار بعد أن تركه الطاعن وانصرف لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان يبيّن من محضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن أشار في مرافعته إلى خلو الأوراق من محضر معاينة الواقعة، دون أن يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإنه ليس للطاعن أن ينعي عليها قعودها عن إجراء معاينة لم تطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائها بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

(الطعن 32929 لسنة 69 ق جلسة 16 / 4 / 2002 س 53 ق 107 ص 643)

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى عبد المجيد، طه سيد قاسم، محمد سامي إبراهيم نواب رئيس المحكمة ويحيى عبد العزيز ماضي.
--------------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون.
 
2 - من المقرر أن جريمة الحيازة بقصد الترويج وإن استلزمت فضلا عن القصد الجنائي العام، قصدا خاصا هو نية دفع العملة المقلدة إلى التداول مما يتعين معه على الحكم استظهاره إلا أن المحكمة لا تلتزم بإثباته في حكمها على استقلال متى كان ما أوردته عن تحقق الفعل المادي يكشف بذاته عن توافر تلك النية الخاصة التي يتطلبها القانون وذلك ما لم تكن محل منازعة من الجاني، فإنه يكون متعينا حينئذ على الحكم بيانها صراحة وإيراد الدليل على توافرها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين أنهما حازا بقصد الترويج العملة الورقية المقلدة المضبوطة وأورد على ذلك أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وكان الطاعن الثاني لا يدعي أن هناك هدفا غير الترويج من حيازته للعملة المضبوطة، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد.
 
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن الطاعن الثاني أقر بأنه مصدر تلك الأوراق النقدية المزيفة وقدم أوراق نقد أخرى مزيفة، وكان ذلك منهما طواعية واختيارا وقبل أن يقبض على كل منهما الضابط، فإن الجريمة تكون في حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش ويكون ضبط هذه الأوراق المالية المقلدة وما تلاه من قبض وتفتيش صحيحا في القانون.
 
4 - لما كان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوع بغير معقب ما دامت قد أقامت قضائها على أسباب سائغة، وكان ما أورده الحكم تدليلا على توافر حالة التلبس وردا على ما دفع به الطاعنان من انتفائها ومن بطلان القبض والتفتيش كافيا وسائغا ويتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 
5 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضه ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وإذ كان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من إدانة الطاعنين بجريمتي حيازة وترويج أوراق مالية مقلدة، لا يتعارض البتة - على فرض صحة ما يقرره الطاعن الثاني - مع سبق قضاء المحكمة ببراءة المتهم ....... من ذات التهمتين في ذات الدعوى، ذلك لأنه من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وأخذت بتصويرهما للواقعة بالنسبة للطاعنين دون المتهم .......، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن الأول فيما أخذت به المحكمة وما أطرحته من أقوال شاهدي الإثبات واعتمادها على الدليل المستمد منها في حق الطاعنين دون المتهم سالف الذكر لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
 
6 -  سكوت الضابط عن الإدلاء باسم ضابط آخر كان مصاحبا له - بفرض صحته - لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى.
 
7 - وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وإذ ما كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات الثاني، فإن ما يثيره الطاعن الأول من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
 
8 - من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها، فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقاب إعمالا للمادة 205 من قانون العقوبات فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه، وإذ كان الثابت أن الطاعن الثاني لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة إعمالا لنص المادة سالفة الذكر فليس له من بعد أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.
-------------------
  اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولا: المتهم الأول: ...... 1- حاز بقصد الترويج أوراقا مالية مقلدة مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات. 2- روج أوراقا مالية مقلدة بأن قدمها للمتهم الثاني على النحو المبين بالتحقيقات. ثانيا: المتهم الثاني: ..... 1- حاز بقصد الترويج أوراقا مالية مقلدة مع عمله بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات 2- روج الأوراق المالية المقلدة محل التهمة الأولى بأن دسها للمجني عليه .... مستبدلا إياها بأوراق مالية صحيحة مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات.
وإحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 202/ 1، 202 مكررا، 203 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 30، 32 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات ومصادرة الأوراق المزيفة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
-----------------
  وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي حيازة أوراق مالية مقلدة وترويجها قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأنه - كما يقول الطاعن الثاني - لم يبين أركان جريمة تزييف العملة. ولم يدلل على أن حيازة أوراق العملة المضبوطة كان بقصد ترويجها. ويضيف الطاعن المذكور أن الحكم قضى بإدانته رغم ما قام عليه دفاعه من بطلان القبض والتفتيش، ويقول الطاعن الأول أن الحكم أطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وأنها من اختلاق الضابط بما لا يسوغ رفضه دون أن يفطن إلى القرائن التي سبقت للتدليل على ذلك. بل قضت المحكمة - في حكم سابق لها - ببراءة المتهم ... عن ذات الاتهام في ذات الدعوى تأسيساً على بطلان القبض عليه مما ينبئ عن اختلال فكرة الدعوى في عقيدة المحكمة وعدم استقرارها لديها. ويضيف الطاعن الأول أن الحكم عول في إدانته على أقوال ضابط الواقعة رغم عدم صدقها وحجبه ضابط آخر - رافقه في عملية الضبط - عن الشهادة. وأخيراً يضيف الطاعن الثاني أن الحكم المطعون فيه لم يعمل في حقه الإعفاء المقرر بالمادة 205 من قانون العقوبات رغم توافر موجبه إذ أن إقراره بعد ضبطه يعد إخباراً بالواقعة أدى إلى ضبط باقي الجناة، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما يجمل في أنه حال وجود ..... رفقة الطاعن الأول في حجرته الكائنة بمسكن يقيم هو في إحدى حجراته، طلب منه الطاعن الأول أن يشاركه في نشاط تجاري مما دعاه إلى إطلاعه على مبلغ نقدي مكون من عدة أوراق مالية، إلا أن الطاعن المذكور غافله واستبدل بعض أوراق النقد بأوراق أخرى شك في أن تكون مزيفة. وإذ حاول مواجهته بادر إلى الهرب مما دعاه إلى إبلاغ الملازم أول ...... الذي توجه معه إلى مكان إقامة الطاعن الأول بزعم أنه أحد أصدقائه تبادل ثلاثتهم الحديث. ثم إذ تبين للضابط من أقوال الطاعن المذكور صحة ما أبلغه به المجني عليه فقد أفصح له عن شخصيته فقام الطاعن سالف الذكر بإبلاغه بأنه تلقى تلك الأوراق المالية المزيفة من الطاعن الثاني فتوجه إليه صحبة الطاعن الأول منتحلاً صفة صديق هذا الأخير ودار حوار أمامه تبين منه الضابط أن الطاعن الثاني هو مصدر تلك الأوراق المالية المزيفة محل البلاغ وأخرج أوراقاً مالية أخرى مزيفة وعرضها على الطاعن الأول فقام الضابط بالقبض عليه. ثم أورد الحكم مؤدى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذي انتهى إلى أن الأوراق المالية المضبوطة مزيفة بطريق التصوير الإلكتروني مع تلوينها بأسلوب يدوي وبدرجة يمكن أن تجوز على بعض الأشخاص من الناس فيقبلونها على أنها أوراق مالية صحيحة. وقد دلل الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن بما ينتجها من وجود الأدلة التي استقاها من معينها الصحيح من الأوراق بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تدن الطاعنين بجريمة تقليد العملة وإنما اقتصر الاتهام والإدانة على جريمتي حيازة العملة الورقية المقلدة وترويجها، فلم تكن المحكمة بحاجة إذن إلى التحدث عن جريمة تقليد العملة وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون وإذا كان الحكم فيما سبق قد بيّن أركان الجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما على النحو الذي يقتضيه القانون فإن منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يكون له محل. ولما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة الحيازة بقصد الترويج وإن استلزمت فضلاً عن القصد الجنائي العام، قصداً خاصاً هو نية دفع العملة المقلدة إلى التداول مما يتعين معه على الحكم استظهاره إلا أن المحكمة لا تلتزم بإثباته في حكمها على استقلال متى كان ما أوردته من تحقق الفعل المادي ما يكشف بذاته عن توافر تلك النية الخاصة التي يتطلبها القانون. وذلك ما لم تكن محل منازعة من الجاني، فإنه يكون متعيناً حينئذ على الحكم بيانها صراحة وإيراد الدليل على توافرها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين أنهما حازا بقصد الترويج العملة الورقية المقلدة المضبوطة وأورد على ذلك أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وكان الطاعن الثاني لا يدعي أن هناك هدفاً غير الترويج من حيازته للعملة المضبوطة، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش وأطرحه في قوله (وحيث إن المحكمة تطمئن إلى شهادة شاهدي الإثبات وتعول عليها في قضائها ومفادها أن ضبط المتهم ..... إنما كان فور إقراره للضابط بحيازته لأوراق النقد المزيفة ودسها للشاهد الأول، كما أن ضبط المتهم الثاني كان فور إقراره للضابط المذكور فإن مصدر تلك الأوراق النقدية المزيفة وتقديمه بالفعل أوراق نقد أخرى مزيفة ومن ثم فإن القبض عليهما وهما في تلك الحالة لا يستلزم استصدار إذن من النيابة بضبطهما لوجود كل منهما في حالة تبيح للضابط أن يقبض عليهما عملاً بالمادة 34 أ. ج بما تنحسر معه قالة البطلان عما تم من إجراءات). لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر أن الطاعن الأول أقر للضابط بحيازته لأوراق النقد المزيفة ودسها للشاهد الأول، وأن الطاعن الثاني أقر بأنه مصدر تلك الأوراق النقدية المزيفة وقدم أوراق نقد أخرى مزيفة، وكان ذلك منهما طواعية واختياراً وقبل أن يقبض على كل منهما الضابط، فإن الجريمة تكون في حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش ويكون ضبط هذه الأوراق المالية المقلدة وما تلاه من قبض وتفتيش صحيحاً في القانون، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من انتفائها ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضه ما أثبته البعض الآخر، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وإذ كان ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من إدانة الطاعنين بجريمتي حيازة وترويج أوراق مالية مقلدة، لا يتعارض البتة - على فرض صحة ما يقرره الطاعن الثاني - مع سبق قضاء المحكمة ببراءة المتهم ..... من ذات التهمتين في ذات الدعوى، ذلك لأنه من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وأخذت بتصويرهما للواقعة بالنسبة للطاعنين دون المتهم ......، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن الأول فيما أخذت به المحكمة وما أطرحته من أقوال شاهدي الإثبات واعتمادها على الدليل المستمد منها في حق الطاعنين دون المتهم سالف الذكر لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو مالا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان سكوت الضابط عن الإدلاء باسم ضابط آخر كان مصاحباً له - بفرض صحته - لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وإذ ما كان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط شاهد الإثبات الثاني، فإن ما يثيره الطاعن الأول من منازعة في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها، فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 205 من قانون العقوبات فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض. ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه، وإذ كان الثابت أن الطاعن الثاني لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة إعمالاً لنص المادة سالفة الذكر فليس له من بعد أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.