الصفحات

السبت، 25 يناير 2014

عدم دستورية قرار رئيس المحكمة الدستورية بشأن صندوق الخدمات

قضية رقم 1 لسنة 19  ق- طلبات أعضاء- 5- فبراير -2000     
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 5 فبراير سنة 2000 الموافق 29 شوال سنة 1420هـ 
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولى الدين جلال..................................  رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين : حمدى محمد على والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله.
وحضور السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق......................  رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن ..........................................  أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
 فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم1 لسنة 19 قضائية ""طلبات أعضاء....
الإجراءات
بتاريخ الثالث والعشرين من سبتمبر سنة 1997 ، أودع الطالب قلم كتاب المحكمة صحيفة هذا الطلب ابتغاء الحكم - قبل الفصل فى الطلبات الموضوعية - أولا : بعدم دستورية المادة 4 / أ من قرار رئيس المحكمة الدستورية العليا رقم 64 لسنة 1979 بنظام صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء المحكمة وأعضاء هيئة المفوضين بها فيما نصت عليه من وقف سريان النظام بالنسبة إلى العضو المنتفع وأسرته إذا التحق بعمل مدة قيامه بذلك . وبعدم دستورية المادة 21 مكررا (2) من القرار المشار إليه المضافة بالقرار رقم 7 لسنة 1986 فيما نصت عليه من وقف صرف المبلغ الشهرى الإضافي إذا التحق العضو بعمل داخل البلاد يتقاضى عنه دخلا عدا المكافآت والبدلات . ثانيا : فى موضوع الطلب : بأحقيته فى استئناف الانتفاع بكافة الخدمات الصحية والاجتماعية المنصوص عليها فى نظام صندوق الخدمات سالف الذكر اعتبارا من 29/5/1986 ومايترتب على ذلك من آثار وبأحقيته كذلك فى المبلغ الشهرى الإضافى المنصوص عليه فى المادة 21 مكرراً (1) من القرار رقم 7 لسنة 1986 المشار إليه اعتبارا من تاريخ تقريره فى 1/4/1986مع مايترتب على ذلك من آثار . وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الشق الأول من الطلبات وبرفض الدعوى فيما عدا ذلك . وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها ، ثم قدمت تقريرا تكميلياً فى الشق الدستوري من الطلب ، تنفيذا لقرار المحكمة بجلستها المعقودة فى 5 من سبتمبر 1998. ونظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم .
المحكمة
 بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الطلب وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطالب أقام الطلب الماثل أمام هذه المحكمة ، وقال شرحا له إنه عين مستشاراً بالمحكمة العليا بقرار رئيس الجمهورية رقم 222 لسنة 1970 الصادر فى 7 فبراير سنة 1970 وانتهت خدمته بها ببلوغه سن التقاعد اعتبارا من 13/9/1977 وبلغت مدة خدمته فى الهيئات القضائية - طبقا للثابت بملف خدمته - ثمانية وثلاثين عاما وثلاثة أشهر ، وقد سرى فى حقه نظام صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء المحكمة الدستورية العليا وأعضاء هيئة المفوضين بها الصادر بقرار رئيس المحكمة رقم 64 لسنة 1979 ، حتى عين فى 29/5/1986 عميداً لمعهد الدراسات الإسلامية فحجب عنه الصندوق خدماته استنادا إلى المادة 4 (أ) من نظامه ، كما امتنع عن صرف المبلغ الشهرى الإضافى المقرر بالمادة 21 مكرراً (1) من هذا النظام والمضافة إليه بقرار رئيس المحكمة رقم 7 لسنة 1986 . ودفع الطالب بعدم دستورية هذين النصين . تأسيسا على مخالفتهما أحكام المواد 13 ، 32 ، 34 ، 40 ، 41 ، 49 من الدستور . وبمذكرته الختامية قصر الطالب طلباته الموضوعية على أحقيته فى الانتفاع بخدمات الصندوق بما فى ذلك المبلغ الشهرى الإضافى من تاريخ حجبها عنه إلى 30 إبريل سنة 1998 . وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الشق الدستورى من الطلب قولاً بأنه لايعدو أن يكون دعوى بعدم الدستورية أقيمت بالطريق المباشر بالمخالفة للأوضاع التى رسمها قانون المحكمة الدستورية العليا. وحيث إن هذا الدفع مردود بأن البين من المادة 16 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - على ماجرى به قضاء هذه المحكمة - أنها اختصتها دون غيرها بالفصل فى المسائل التى حددتها حصرا باعتبارها أولى من غيرها ببحثها ، وإصدار حكم فيها، لتعلقها بأعضائها والمستحقين عنهم فى الشئون التى تعنيهم مباشرة ، وقوامها الطلبات الخاصة بمرتباتهم ومكافآتهم ومعاشاتهم وكذلك القرارات الإدارية النهائية الصادرة فى أى شأن من شئونهم سواء تعلق الأمر بطلب إلغائها أم بالتعويض عنها . تفصل المحكمة الدستورية العليا فى تلك المسائل بوصفها محكمة موضوع تقصياً للعناصر الواقعية للنزاع المعروض عليها ، ومايتصل بها من القواعد القانونية التى ينبغى تطبيقها فى شأن هذا النزاع . وعليها قبل الخوض فيه ، أن تفصل فى المسائل الدستورية التى يطرحها الخصم عليها من خلال دفع بعدم الدستورية تقدر جديته . لما كان ذلك وكان تقدير المحكمة الدستورية العليا - بوصفها محكمة موضوع - لجدية المسائل الدستورية التى تضمنتها صحيفة الطلب الماثل قد اقتضاها أن تحيلها إلى هيئة المفوضين بها لاستيفاء عناصرها ، وكانت هيئة المفوضين قد قامت بتحضير هذه المسائل وقدمت تقريراً برأيها فيها ، فإن هذا الدفع يكون فى غير محله جديرا بالرفض . وحيث إن رئيس المحكمة الدستورية العليا أصدر القرار رقم 64 لسنة 1979 بنظام صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء المحكمة وأعضاء هيئة المفوضين بها متضمنا تحديد الأغراض التى يقوم عليها الصندوق ووسائل تنفيذها ومتابعتها ، وصور الخدمات الصحية والاجتماعية التى يقدمها ومداها ، وقضى فى مادته الثانية بأنه فى تطبيق أحكام هذا النظام يقصد بكلمة "" العضو "" رئيس المحكمة الدستورية وأعضاؤها ورئيس هيئة المفوضين بها وأعضاؤها ، الحاليون منهم والسابقون ورئيس وأعضاء المحكمة العليا السابقون ، ثم نص فى مادته الرابعة - الطعينة - على أن يقف سريان هذا النظام بالنسبة إلى العضو المنتفع وأسرته : أ - إذا التحق بعمل أو مارس مهنة مدة قيامه بذلك ب - إذا أعير إلى هيئة دولية أو حكومة أجنبية وذلك طوال مدة الإعارة . ثم أصدر رئيس المحكمة القرار رقم 7 لسنة 1986 بصرف مبلغ شهرى إضافى لأصحاب المعاشات من أعضاء المحكمة وأعضاء هيئة المفوضين بها والمستحقين عنهم ، مضيفا بمقتضاه إلى قراره رقم 64 لسنة 1979 خمس مواد جديدة من بينها المادتان 21 مكررا (1) ، و21 مكررا (2) اللتان تجريان على النحو الآتى : مادة 21 مكررا (1) : "يصرف لكل من استحق أو يستحق معاشاً من أعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها أو المحكمة العليا وانتهت خدمته فيها للعجز ، أو ترك الخدمة بها لبلوغ سن التقاعد ، أو أمضى فى عضويتها وعضوية الهيئات القضائية الأخرى المنصوص عليها فى القانون رقم 36 لسنة 1975 مددا مجموعها خمسة عشر عاماً على الأقل ، مبلغ شهرى إضافى ........... عن كل سنة من مدد العضوية ومدد الاشتغال بعد التخرج بعمل نظير أو بالمحاماة التى حسبت فى المعاش وتعويض الدفعة الواحدة ، بما فيها المدد المحسوبة بالقرار بقانون رقم 85 لسنة 1971 بجواز إعادة تعيين بعض أعضاء الهيئات القضائية ، وبالقانون رقم 43 لسنة 1973 بشأن إعادة بعض أعضاء الهيئات القضائية إلى وظائفهم الأصلية ومدد الإعارة والندب والإجازات والبعثات والمنح والتجنيد والاستبقاء والاستدعاء للاحتياط ، دون مضاعفة أية مدة ولا إضافة مدد أخرى زائدة أو اعتبارية أو افتراضية ، ويجبر كسر الشهر شهراً وتحسب كسور الجنيه جنيها ..... " . مادة 21 مكرراً (2) " يوقف صرف المبلغ الشهرى الإضافى إذا التحق العضو بعمل داخل البلاد يتقاضى عنه دخلاً عدا المكافآت والبدلات ، أو التحق بأى عمل خارجها ، أو مارس مهنة تجارية فى الداخل أو الخارج ، ويعود الحق فى صرفه فى حالة ترك العمل أو المهنة .... " . وحيث إن من المقرر - وعلى ماجرى به قضاء هذه المحكمة - أن المصلحة فى الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - مناطها ارتباطها بصلة منطقية بالمصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى ، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها . وكان النزاع الموضوعى يدور حول حرمان الطالب من الانتفاع بالخدمات الصحية والاجتماعية التى يوفرها الصندوق لأعضائه بما فى ذلك المبلغ الشهرى الإضافى . فإن نطاق الدعوى الدستورية التى تضمنها الطلب الماثل ينحصر فيما تنص عليه المادة 4 من نظام الصندوق من وقف سريانه بالنسبة إلى العضو المنتفع وأسرته إذا التحق بعمل مدة قيامه بذلك ، وكذلك ماتنص عليه المادة 21 مكرراً (2) من هذا النظام من وقف صرف المبلغ الشهرى الإضافى إذا التحق العضو بعمل داخل البلاد . ولا يمتد إلى غير ذلك من أحكامهما . وحيث إن الطالب ينعى على النصين المطعون فيهما - محددين إطاراً على النحو المتقدم - أنهما يضعان قيوداً جائرة على حق العمل وحرية البحث العلمى والإبداع الفنى والثقافى بالمخالفة لحكم المادتين 13 و 49 من الدستور ، كما أنهما يتضمنان اعتداء على الملكية الخاصة التى كفل الدستور صونها بنص المادتين 32 و 34 ، وينطويان كذلك على إخلال بمبدأ المساواة ، واعتداء على الحرية الشخصية بالمخالفة لحكم المادتين 40 و 41 من الدستور . وحيث إن هذا النعى سديد فى جوهره ، ذلك أن البين من أحكام الدستور- بما يحقق تكاملها ويكفل عدم انعزال بعضها عن بعض فى إطار الوحدة العضوية التى تجمعها وتصون ترابطها - أن حق العمل وفقاً لنص المادة 13 من الدستور ، لايمنح تفضلا ، ولايتقرر إيثاراً ، ولايجوز إهداره أو تقييده بما يعطل جوهره ، بل يعتبر أداؤه واجباً لاينفصل عن الحق فيه ، ومدخلا إلى حياة لائقة قوامها الاطمئنان إلى غد أفضل ، وبذلك تتكامل الشخصية الإنسانية من خلال إسهامها فى تقدم الجماعة وإشباع احتياجاتها . وكلما كان العمل ذهنيا قائما على الابتكار، كان لصيقا بحرية الإبداع ، وصار تشجيعه مطلوبا عملا بنص المادة 49 من الدستور التى تكفل لكل مواطن حرية البحث العلمى والإبداع الأدبى والفنى والثقافى مع ضمان وسائل تشجيعها ، مؤكدة بذلك أن لكل فرد مجالا حراً لتطوير ملكاته وقدراته ، فلايجوز تنحيتها أو فرض قيود جائرة تحد من انطلاقها . وحيث إن الملكية الخاصة - التى كفل الدستور صونها بنص المادتين 32 و 34 - ترتد فى عديد من جوانبها ومصادرها إلى ضمان حق العمل باعتباره أداة تكوينها ووسيلة تراكمها فى الأغلب . وقد جرى قضاء هذه المحكمة ، على أن الدستور- إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة ، وتوكيدا لإسهامها فى صون الأمن الاجتماعي - كفل حمايتها لكل فرد ، ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء ، وفى الحدود التى يقتضيها تنظيمها باعتبارها عائدة - فى الأعم من الأحوال - إلى جهد صاحبها الذى بذل من أجلها الوقت والعرق والمال ، وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها وأحاطها الدستور بما قدره ضرورياً لصونها . مُعبِّدا بها ، وكافلا من خلالها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية أهم أدواتها ، ليختص صاحبها دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها فلايرده عنها معتد ، بل يقيها الدستور والقانون تعرض الأغيار لها ، سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها ، بما يعُينها على أداء دورها . وحيث إن الخدمات التى كفلها نظام صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء المحكمة الدستورية العليا والمحكمة العليا وأعضاء هيئة المفوضين بها الحاليين والسابقين وشمل بها أسرهم ، لاتعتبر من أعمال التبرع التى يقدمها الصندوق لمستحقيها ، بل توخى المشرع بتقريرها أن تعينهم - مع المعاش الأصلى - على إشباع الحد الأدنى من احتياجاتهم بثا للاطمئنان فى نفوسهم ، فلا يجوز حجبها أو الرجوع فيها أو وقفها بما يعطل حقوقا كفلها الدستور لكل مواطن . ولايجوز بالتالى أن يكون الحق فيها بما فى ذلك المبلغ الشهرى الإضافي حائلا دون امتهان العضو - بعد تقاعده - أعمالا يمارسها أو تقلده وظائف لايكون بها طاقة عاطلة . ومن غير المتصور أن يكون الحق فى الحصول عليها معلقا على شرط الامتناع عن العمل ، وهو أحد الحقوق التى كفلها الدستور لكل مواطن ولايسوغ كذلك أن يرتد النصان المطعون فيهما عن قيم الحق والعدل ، ليحجباها - دون سند من الدستور - عن هؤلاء الذين كفلوا دوما إرساء مقوماتها لغيرهم . وحيث إن مبدأ المساواة - وعلى ماجرى به قضاء هذه المحكمة - ليس مبدأ تلقينيا جامداً ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها ، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التى تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء . وإذا جاز للسلطة التشريعية أن تتخذ بنفسها ماتراه ملائما من التدابير ، لتنظيم موضوع محدد . وأن تغاير من خلال هذا التنظيم - ووفقا لمقاييس منطقية - بين مراكز لاتتحد معطياتها ، أو تتباين فيما بينها فى الأسس التى تقوم عليها ، إلا أن مايصون مبدأ المساواة ، ولاينقض محتواه ، هو ذلك التنظيم الذى يقيم تقسيما تشريعيا ترتبط فيه النصوص القانونية التى يضمها ، بالأغراض المشروعة التى يتوخاها . فإذا قام الدليل على انفصال هذه النصوص عن أهدافها ، أو كان اتصال الوسائل بالمقاصد واهيا ، كان التمييز انفلاتا وعسفا ، فلايكون مشروعا دستوريا . وحيث إن أول النصين الطعينين إذ قضي بحرمان العضو وأسرته من الانتفاع بالنظام إذا التحق بعمل مدة قيامه بذلك ، بينما أباح هذا الانتفاع لمن لايزاول عملا ، كما أن ثانيهما إذ كفل اقتضاء المبلغ الشهري الإضافى لمن يباشرون عملاً يتقاضون عنه بدلاً أو مكافأة ، ومنعه عمن يزاولون عملا يتقاضون عنه دخلا آخر لايتخذ شكل المكافأة أو البدل . فإنهما بذلك يكونان قد خالفا مبدأ المساواة بين أشخاص تتماثل مراكزهم القانونية ، إذ ليس مفهوما طبقا للنص الأول التفرقة بين العضو الذى يعمل وبين غيره . وأن يكون العمل مباحا فى مفهوم النص الثانى إذا كان الأجر محدداً فى شكل بدل أو مكافأة . ومحظوراً إذا اتخذ الأجر تسمية أخرى . وفضلا عن ذلك فإن النص يفتح للتحايل أبواباً عريضة ، إذ يمكن دائما تسمية مقابل العمل بالبدل أو المكافأة بغض النظر عن حقيقته ، ومن غير المتصور أن يكون التمييز بين صور الأعمال تحكميا ، ولا أن يناهض التمييز التشريعى أحد الحقوق التى كفلها الدستور ، وليس حق العمل إلا وثيق الصلة بالملكية وبالحرية الشخصية وبالحق فى الإبداع ، وجميعها من الحقوق التى حرص الدستور على صونها . وإهدارها أو تقييدها لايستند إلى مصلحة مشروعة بل يناقضها . وحيث إن النصين الطعينين - فيما قرراه من وقف سريان نظام الصندوق بما فى ذلك المبلغ الشهرى الإضافى بالنسبة للعضو وأسرته إذا التحق بعمل - قد جاءا بذلك مخالفين لأحكام المواد 13 و 32 و 34 و 40 و41 و 49 من الدستور . وحيث إن القضاء بعدم دستورية المادة 21 مكررا (2) - المشار إليه فى نطاقه المتقدم - يؤدى لزاما إلى سقوط عبارة "عدا المكافآت أو البدلات " ، إذ لاتعدو أن تكون استثناء من الحكم الوارد بذات النص فيسقط الاستثناء تبعا لذلك . وحيث إن إبطال النصين المطعون فيهما واللذين حجبا عن الطالب حقه فى الانتفاع بالخدمات الصحية والاجتماعية بما فى ذلك المبلغ الشهرى الإضافى يعنى انعدام وجودهما منذ مولدهما ، مما يستتبع أحقية الطالب فى دعواه الموضوعية
فلهذه الأسباب
 حكمت المحكمة : أولا : بعدم دستورية نص المادة الرابعة من قرار رئيس المحكمة الدستورية العليا رقم 64 لسنة 1979 بنظام صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء المحكمة وأعضاء هيئة المفوضين بها فيما تضمنه من وقف سريان هذا النظام بالنسبة إلى العضو المنتفع وأسرته إذا التحق بعمل . ثانيا : بعدم دستورية نص المادة 21 مكررا (2) من القرار المشار إليه معدلاً بالقرار رقم 7 لسنة 1986 فيما تضمنه من وقف صرف المبلغ الشهرى الإضافى إذا التحق العضو بعمل داخل البلاد يتقاضى عنه دخلا وبسقوط عبارة " عدا المكافآت والبدلات " ثالثا : بأحقية الطالب فى الانتفاع بنظام صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية بما فى ذلك المبلغ الشهرى الإضافى اعتبارا من تاريخ وقف انتفاعه به وحتى 30 من ابريل سنة 1998 . رابعا : بإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الأحد، 12 يناير 2014

الطعن 18722 لسنة 71 ق جلسة 24 /10/ 2005 مكتب فني 56 ق 81 ص 529

جلسة 24 أكتوبر سنة 2005
برئاسة السيد المستشار / مصطفى كامل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / فتحي حجاب ، عاصم الغايش ، فتحي شعبان نواب رئيس المحكمة ومحمد هلالي .
-----------
(81)
الطعن 18722 لسنة 71 ق
إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " . محكمة استئنافية " نظرها الدعوي والحكم فيها " . محكمة أول درجة .
دفاع الطاعن بعدم تسلمه منقولات الزوجية محل جريمة التبديد . جوهري . وجوب أن تعرض له المحكمة الاستئنافية إيرادا ًله وردا ًعليه بلوغا ًإلى غاية الأمر فيه ولولم يثره الطاعن أمامها . ما دام قد أثبت بمحضر جلسة محكمة أول درجة . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . قصور .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة محكمة أول درجة أن دفاع الطاعن قام على أنه لم يتسلم المنقولات موضوع الدعوى ، لما كان ذلك ، وكان الطاعن وإن لم يعاود إثارة هذا الدفاع أمام المحكمة الاستئنافية إلا أنه وقد أثبت بمحضر جلسة المحاكمة الابتدائية، أصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى ، قائماً مطروحاً على المحكمة عند نظر استئنافه ، وكان هذا الدفاع على الصورة آنفة البيان يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى بحيث إذا صح لتغير وجه الرأي في الدعوى ، فإن المحكمة إذ لم تفطن بفحواه وتقسطه حقه وتعنى بتحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه : بدد منقولات الزوجية المبينة الوصف والقيمة بالقائمة والمسلمة إليه على سبيل عارية الاستعمال فاختلسها لنفسه بنية تملكها إضراراً بالمالكة . وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى إليها مبلغ عشرة جنيهات على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبسه ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ عشرة جنيهات على سبيل التعويض المؤقت .
استأنف ومحكمة ....... الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسه شهراً مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك .
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التبديد قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يعرض إيراداً ورداً إلى دفاعه المؤيد بالمستندات القائم على أنه لم يتسلم المنقولات موضوع الدعوى ، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة محكمة أول درجة أن دفاع الطاعن قام على أنه لم يتسلم المنقولات موضوع الدعوى ، لما كان ذلك ، وكان الطاعن وإن لم يعاود إثارة هذا الدفاع أمام المحكمة الاستئنافية إلا أنه وقد أثبت بمحضر جلسة المحاكمة الابتدائية، أصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى ، قائماً مطروحاً على المحكمة عند نظر استئنافه ، وكان هذا الدفاع على الصورة آنفة البيان يعد دفاعاً جوهرياً لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى بحيث إذا صح لتغير وجه الرأي في الدعوى، فإن المحكمة إذ لم تفطن بفحواه وتقسطه حقه وتعنى بتحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجمعة، 10 يناير 2014

الطعن 18791 لسنة 65 ق جلسة 6 /3/ 2005 مكتب فني 56 ق 25 ص 176

جلسة 6 من مارس سنة 2005
برئاسة السيد المستشار / مجدى الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أنور محمد جبري ، أحمد جمال الدين عبد اللطيف ، وعادل الكناني " نواب رئيس المحكمة " وصفوت أحمد عبد المجيد .
----------------
(25)
الطعن 18791 لسنة 65 ق
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . ضرب " ضرب أفضى الى موت " .
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات .
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها . النعي عليه بالقصور في هذا الشأن . غير مقبول .
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة ضرب افضى الى موت .
(2) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .
(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده ؟
تناقض الشهود في أقوالهم . لا يعيب الحكم . مادام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه .
ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام . لا يعيبه . حد ذلك ؟
عدم التزام المحكمة أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه . لها تجزئة أقوالهم فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه بيان العلة .
انتهاء الحكم الى تصوير للواقعة . مفاده : اطراح التصوير المخالف له.
(4) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي . مادام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إقرارات شاهدي الإثبات في معرض نفي التهمة عن الطاعن . قول جديد يتضمن عدولهما عن اتهامه . حق المحكمة في تقديره واطراحها له دون بيان العلة . التفات الحكم عنها . لا يعيبه .
(7) إثبات " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل".
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق بما شهدوا به . عدم التزامها بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها . قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده: اطراحها .
 (8) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . دفوع " الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد في مقام الرد على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي في حق الطاعن . لا محل له . متى كان ما أورده الحكم في هذا الشأن له صداه وأصله الثابت بالأوراق .
(9) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفوع " الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي " .
استطاعة الاستعانة بالسلطات العمومية لحماية الحق المهدد تحول دون إباحة فعل الدفاع الشرعي . أساس ومؤدى ذلك ؟
تقدير موجبات استعمال القوة للدفاع الشرعي عن المال أو درء الاعتداء دونه وإمكانية الركون إلى رجال السلطة العامة في الوقت المناسب . موضوعي . أساس وعلة ذلك ؟
بيان قدرة صاحب المال على دفع الاعتداء الواقع عليه بالالتجاء إلى السلطة . كاف للقول بأن ما أتاه من أفعال لم يكن مبررا . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . موضوعي . الجدل في ذلك . لا محل له .
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن المال في حق الطاعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله : " أنه في يوم ... حدثت مشاجرة بين المتهم ..... وشقيقه من جهة وبين المجني عليه ..... وشقيقاه من الجهة الأخرى بسبب نزاع الطرفين على حيازة قطعة أرض فقام المتهم بإطلاق النار خلالها صوب أفراد الفريق الآخر من مسدسه المرخص له فأصاب أحد الأعيرة المجني عليه في عضده الأيسر واستقر المقذوف في عضده الأيمن مما أفضى إلى موته .." ، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها للطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية ، لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له ، لما كان ذلك .
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق .
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن التناقض بين أقوال الشهود على فرض حصوله لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، كما أن ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه مادام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضياً لها في منطق العقل بعدم التناقض ، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه ؛ إذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن تجزئ أقوالهم فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان العلة، وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات بما لا تناقض فيه فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها بدعوى تناقض أقوال الشهود بشأن تلك الصورة وأن لها صورة أخرى ، إذ أن مفاد ما تناهى إليه الحكم من تصوير للواقعة هو اطراح التصوير المخالف لهذا التصوير.
4 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة فى الدعوى .
5 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم مادام الرد عليها مستفاداً ضمنا من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستند الرسمي الذي يفيد كذب الشاهد الثاني لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6 – من المقرر انه لا يعيب الحكم التفاته عن الإقرارات الصادرة من شاهدي الإثبات الأول والثاني على فرض أنها تتضمن عدولاً عن اتهام الطاعن في معرض نفي التهمة عن الطاعن إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشاهدين يتضمن عدولاً عن اتهامه ، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى اطراح ما تضمنته تلك الإقرارات ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
8- لما كان البين من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض رده على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي من أن قيام المتهم بإطلاق النار على المجني عليه وإحداث إصابته قد تم على مسافة كبيرة من مكان هذه الأرض أرض النزاع له صداه وأصله الثابت في الأوراق خلافاً لما يدعيه الطاعن ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل .
9- لما كانت المادة 246 من قانون العقوبات بعد أن قننت حق الدفاع الشرعي عن النفس والمال ، جاءت المادة 247 من ذات القانون ونصت على أنه : " وليس لهذا الحق وجود متى كان من الممكن الركون في الوقت المناسب إلى الاحتماء برجال السلطة العمومية " ، وهو ما يعني أن استطاعة الاستعانة بالسلطات العمومية لحماية الحق المهدد تحول دون إباحة فعل الدفاع ، ويتضح بذلك أن للدفاع الشرعي صفة احتياطية باعتباره لا محل له إلا عند عجز السلطات العمومية عن حماية الحق، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن واطرح في منطق سائغ دعواه أنه كان في حالة دفاع شرعي وخلص إلى أن الثابت من ظروف الدعوى أنها كانت تسمح للطاعن وفريقه اللجوء للشرطة وإخطارها بقيام المجني عليه ومن معه بتشوين الطوب بأرضهم وأن الوقت والزمن يسمح لهم بذلك دون إهدار لحقوقهم الثابتة بالمستندات والتي تخول الشرطة التدخل لصالحهم ، وكانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم في مدوناته ترشح لما انتهى إليه في هذا الشأن ، فإن ذلك ينطوي على انتفاء حالة الدفاع الشرعي بجميع صوره المبينة في القانون ، وإذ كان من المقرر أن حق قاضي الدعوى في تقدير ما إذا كان من استعمل القوة للدفاع عن المال في إمكانه أن يركن في الوقت المناسب إلى رجال السلطة ، وفي تقدير ما إذا كان ممكناً له أن يمنع الاعتداء الواقع على المال بطريقة أخرى غير القوة على حسب ما يؤخذ من نص المادتين 246 ، 247 من قانون العقوبات مما يدخل في سلطته المطلقة لتعلقه بتحصيل فهم الواقع في الدعوى ، فيكفي لسلامة الحكم أن تبين المحكمة كيف كان صاحب الحق في مقدوره دفع الاعتداء بالالتجاء للسلطة لتصل من ذلك إلى القول بأن ارتكاب صاحب المال للجناية التي وقعت منه لم يكن مبرر ، وهو ما لم يقصر الحكم في تبيانه أو تقديره ، وإذ كان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى ، ولمحكمة الموضوع وحدها الفصل فيه بلا معقب متى كان استدلال الحكم سليماً ويؤدي إلى ما انتهى إليه كما هو الحال في الدعوى المطروحة ومن ثم فلا يقبل من الطاعن معاودة الجدل فيما خلصت إليه المحكمة في هذا الخصوص ، ويضحى ما يثيره بصدد الدفاع الشرعي لا محل له .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه وآخر قُضي ببراءته : قتل عمداً ..... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لذلك سلاحه الناري المرخص (مسدس) وكمن له في المكان الذي أيقن مروره فيه سلفاً وما أن ظفر به حتى خرج إليه من مكمنه وعاجله بإطلاق عدة أعيرة نارية نحوه بينما وقف الآخر لشد أزره قاصداً من ذلك قتله فاستقرت إحداها بجسد المجني عليه وأحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته . وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . وادعى شقيق المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت . والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ..... عملاً بالمادة 236 /1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وذلك باعتبار أن الواقعة المسندة إليه هي الضرب المفضي إلى موت .
 فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض . وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ..... لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى.
 ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً عملاً بالمادة 236 /1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة وعلى قلم كتاب تلك المحكمة تحديد جلسة لنظرها أمامها .
 فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية - ..... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال ، ذلك أنه لم يلم بواقعة الدعوى وأدلتها، واستند في إثبات صورة الواقعة التي اعتنقها إلى أقوال شهود الإثبات الثلاثة رغم ما بينها من تنافر إذ أن الصورة التي قال بها شاهدي الإثبات الأول والثاني واعتنقها الحكم تناقض الصورة التي قال بها شاهد الإثبات الثالث - والتي اطرحها الحكم ولم يوردها في مدوناته - والتي تفيد أن الواقعة مجرد مشاجرة بأرض النزاع استعمل فيها الطاعن حق الدفاع الشرعي عن المال ونتج عن ذلك قتل المجني عليه خطأ ، والتفت عن الشهادة الرسمية التي تفيد كذب الشاهد الثاني وعن الإقرارات الموثقة الصادرة من شاهدي الإثبات الأول والثاني والتي تفيد استحالة رؤية الفاعل بسبب الظلام وانقطاع الكهرباء ونفي صلة الطاعن بالواقعة ولم يرد عليها بما يفندها ، كما التفت عن أقوال شهود النفي رغم دلالتها على نفي التهمة عنه وكذب شاهدي الإثبات الأول والثاني دون بيان العلة ، وأورد في معرض رده على دفاعه بقيام حالة الدفاع أن الواقعة حدثت على مسافة كبيرة من أرض النزاع بما لا أصل له في الأوراق ويخالف الثابت بأقوال شاهد الإثبات الثالث ، واطرح دفاعه بتوافر حالة الدفاع الشرعي عن المال بما لا يصلح ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله : " أنه في يوم ... حدثت مشاجرة بين المتهم ..... وشقيقه من جهة وبين المجني عليه ..... وشقيقاه من الجهة الأخرى بسبب نزاع الطرفين على حيازة قطعة أرض فقام المتهم بإطلاق النار خلالها صوب أفراد الفريق الآخر من مسدسه المرخص له فأصاب أحد الأعيرة المجني عليه في عضده الأيسر واستقر المقذوف في عضده الأيمن مما أفضى إلى موته .." ، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها للطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية ، لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، كما أن ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه مادام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضياً لها في منطق العقل بعدم التناقض ، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه ؛ إذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى أن تجزئ أقوالهم فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان العلة ، وإذ كان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال شهود الإثبات بما لا تناقض فيه فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها بدعوى تناقض أقوال الشهود بشأن تلك الصورة وأن لها صورة أخرى ، إذ أن مفاد ما تناهى إليه الحكم من تصوير للواقعة هو اطراح التصوير المخالف لهذا التصوير، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة فى الدعوى ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم مادام الرد عليها مستفاداً ضمنا من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستند الرسمي الذي يفيد كذب الشاهد الثاني لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الإقرارات الصادرة من شاهدي الإثبات الأول والثاني على فرض أنها تتضمن عدولاً عن اتهام الطاعن في معرض نفي التهمة عن الطاعن إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشاهدين يتضمن عدولاً عن اتهامه ، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى اطراح ما تضمنته تلك الإقرارات ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول ، لما كان ذلك ، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض رده على الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي من أن قيام المتهم بإطلاق النار على المجني عليه وإحداث إصابته قد تم على مسافة كبيرة من مكان هذه الأرض أرض النزاع له صداه وأصله الثابت في الأوراق خلافاً لما يدعيه الطاعن ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل ، لما كان ذلك ، وكانت المادة 246 من قانون العقوبات بعد أن قننت حق الدفاع الشرعي عن النفس والمال ، جاءت المادة 247 من ذات القانون ونصت على أنه : " وليس لهذا الحق وجود متى كان من الممكن الركون في الوقت المناسب إلى الاحتماء برجال السلطة العمومية " ، وهو ما يعني أن استطاعة الاستعانة بالسلطات العمومية لحماية الحق المهدد تحول دون إباحة فعل الدفاع ، ويتضح بذلك أن للدفاع الشرعي صفة احتياطية باعتباره لا محل له إلا عند عجز السلطات العمومية عن حماية الحق، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن واطرح في منطق سائغ دعواه أنه كان في حالة دفاع شرعي وخلص إلى أن الثابت من ظروف الدعوى أنها كانت تسمح للطاعن وفريقه اللجوء للشرطة وإخطارها بقيام المجني عليه ومن معه بتشوين الطوب بأرضهم وأن الوقت والزمن يسمح لهم بذلك دون إهدار لحقوقهم الثابتة بالمستندات والتي تخول الشرطة التدخل لصالحهم ، وكانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم في مدوناته ترشح لما انتهى إليه في هذا الشأن ، فإن ذلك ينطوي على انتفاء حالة الدفاع الشرعي بجميع صوره المبينة في القانون ، وإذ كان من المقرر أن حق قاضي الدعوى في تقدير ما إذا كان من استعمل القوة للدفاع عن المال في إمكانه أن يركن في الوقت المناسب إلى رجال السلطة ، وفي تقدير ما إذا كان ممكناً له أن يمنع الاعتداء الواقع على المال بطريقة أخرى غير القوة على حسب ما يؤخذ من نص المادتين 246 ، 247 من قانون العقوبات مما يدخل في سلطته المطلقة لتعلقه بتحصيل فهم الواقع في الدعوى ، فيكفي لسلامة الحكم أن تبين المحكمة كيف كان صاحب الحق في مقدوره دفع الاعتداء بالالتجاء للسلطة لتصل من ذلك إلى القول بأن ارتكاب صاحب المال للجناية التي وقعت منه لم يكن مبرر ، وهو ما لم يقصر الحكم في تبيانه أو تقديره ، وإذ كان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى ، ولمحكمة الموضوع وحدها الفصل فيه بلا معقب متى كان استدلال الحكم سليماً ويؤدي إلى ما انتهى إليه كما هو الحال في الدعوى المطروحة ومن ثم فلا يقبل من الطاعن معاودة الجدل فيما خلصت إليه المحكمة في هذا الخصوص ، ويضحى ما يثيره بصدد الدفاع الشرعي لا محل له ، لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 6505 لسنة 67 ق جلسة 28 /2/ 2005 مكتب فني 56 ق 24 ص 170

جلسة 28 من فبراير سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسام الدين الغرياني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عبد الرحمن هيكل وهشام البسطويسي ورفعت حنا ومحمود مكى نواب رئيس المحكمة .
-------------
(24)
الطعن 6505 لسنة 67 ق
(1) سكك حديدية . مسئولية جنائية.
مناط تنظيم وتحديد المسئولية عن تحرك القطارات ؟ البندين 155، 169 من اللائحة العامة للسكك الحديدية .
التزام السائق بعدم قيادة القطار رغم إظهار السيمافور علامة السير إلا بعد رؤية إشارة الكمساري اليدوية . أساس ذلك ؟
قيام أي قطار قبل الميعاد المقرر . غير جائز . أساس ذلك ؟
وجوب إعطاء الكمساري إشارة قيام القطار للسائق بإظهار إشارة يدوية وإطلاق صافرة بعد التأكد من ناظر المحطة استعداد القطار للقيام . أساس ذلك ؟
(2) قتل خطأ. جريمة "أركانها". خطأ. رابطة السببية.
اعتبار مخالفة القوانين واللوائح والأنظمة خطأ مستقلاً بذاته فى جرائم القتل الخطأ . شرطه ؟
رابطة السببية كركن من أركان جريمة القتل الخطأ . تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما تتفق والسير العادي للأمور .
خطأ المجنى عليه يقطع علاقة السببية . متى استغرق خطأ الجاني وكان كافيًا لإحداث النتيجة .
(3) قتل خطأ . رابطة السببية . حكم " تسبيبه. تسبيب معيب ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها ".
اتخاذ الحكم من مجرد تحرك القطار دون أن يتوقف المدة المقررة ما يوفر الخطأ في جانب الطاعن . دون استظهار قدر هذه المدة ودور كل من الكمسري وناظر المحطة تحديدًا لمسئولية كل منها وما كان على الطاعن اتباعه وفقًا للائحة السكك الحديدية ومدى قدرته على تلافى وقوع الحادث ومسلك المجنى عليها ومدى إمكانية رؤيته لها أثناء نزولها من القطار وأثر ذلك كله في قيام أو عدم قيام ركن الخطأ ورابطة السببية . قصور .
مثال لتسبيب معيب للرد على الدفع بانقطاع رابطة السببية فى جريمة قتل خطأ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لما كان الحكم المطعون فيه استند فى إدانة الطاعن على مطلق القول بأن الخطأ يقوم فى حقه من تحركه بالقطار دون أن ينتظر المدة الكافية لنزول وصعود الركاب ودون أن يتبصر بحالة الرصيف نزولاً وركوباً أخذاً بما اطمأن إليه من أقوال الشهود وتحريات المباحث . لما كان سائق قطارات السكك الحديدية يباشر عمله فى قاطرة القطار في مقدمته بما لا يسمح له بمراقبة الرصيف وحركة صعود ونزول الركاب من وإلى جميع عربات القطار فقد نصت اللائحة العامة للسكك الحديدية الصادرة من مدير عام الهيئة بكتابه رقم 110/1/1 بتاريخ 8/11/1959 والنافذة اعتباراً من 1/5/1962 على تنظيم دقيق لتوفير الأمان وتحديد المسئولية عن تحرك القطار وحددت في البند 155 واجبات السائق وفى البند 169 واجبات الكمسارى ، وألزمت الفقرة 22 من البند 155 من اللائحة السائق باتباع تعليمات وإشارات الكمساري وألزمتهما معاً بالعمل وفقاً لما يصدر عن ناظر المحطة من تعليمات وإشارات أثناء وجود القطار في داخل حدودها ، بل ألزم البند 166 السائق بعدم القيام بالقطار رغم إظهار السيمافور علامة المسير إلا بعد رؤية إشارة الكمساري اليدوية ، وبعد أن نصت الفقرة (أ) من البند 177 على أنه لا يجوز قيام أي قطار ركاب قبل الميعاد المقرر، نصت في الفقرة (ب) على إنه يجب على الكمساري (إذا كان القطار شغالاً بكمساري واحد) إعطاء إشارة قيام القطار للسائق بإظهار إشارة يدوية خضراء تمسك بثبات بأعلى الرأس وإطلاق الصفارة بعد التأكد من ناظر المحطة أنه قد تم استعداد القطار للقيام .
2 - من المقرر أن عدم مراعاة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة وإن أمكن اعتباره خطأ مستقلاً بذاته في جرائم القتل الخطأ إلا أن هذا مشروط بأن تكون هذه المخالفة هي بذاتها سببه بحيث لا يتصور وقوعه لولاها . وكانت رابطة السببية كركن من أركان هذه الجريمة تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق والسير العادي للأمور. كما أنه من المقرر أن خطأ المجنى عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافياً بذاته لإحداث النتيجة .
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد تحرك القطار مغادراً للمحطة دون أن يتوقف فيها المدة المقررة ما يوفر الخطأ فى جانب الطاعن (سائق القطار) دون أن يستظهر قدر هذه المدة ودور كل من كمساري القطار وناظر المحطة في ذلك بفرض حدوثه تحديداً لمسئولية كل منهم وما كان يجب على الطاعن اتباعه ، في ضوء نصوص اللائحة المشار إليها ، لتفادي وقوع الحادث ومدى قدرة الطاعن في الظروف التي وقع فيها الحادث على تلافى وقوعه ومسلك المجنى عليها ومدى إمكانية رؤية الطاعن لها أثناء نزولها من القطار وفقاً لدرجة ازدحام المحطة والقطار ، وأثر ذلك كله في قيام أو عدم قيام ركن الخطأ ورابطة السببية التي دفع الطاعن بانقطاعها وهو دفاع جوهري يترتب على ثبوته انتفاء مسئوليته الجنائية ، فإنه لا يكفي في اطراح هذا الدفاع ما رد به الحكم من عبارة مقتضبة على نحو ما سلف دون أن يحيط بدفاع الطاعن كاملاً ويلم إلماماً شاملاً لجميع عناصره وتدلي المحكمة برأيها فيه وتبين مدى أثره على توافر رابطة السببية خاصة وأن المجنى عليها كانت نازلة من القطار وليست صاعدة إليه مما لا يتيح للطاعن رؤيتها قبل نزولها ، ولما قد يترتب على ثبوت صحة هذا الدفاع من انتفاء مسئولية الطاعن جنائياً ومدنيًا. فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جاء قاصراً بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه تسبب خطأ في موت .... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه بأن تعجل في السير بالقطار قيادته والذي كان يقل المجنى عليها قبل التأكد من نزولها ودون أن يقف بالمحطة المدة المحددة فسقطت المجنى عليها وحدثت إصابتها المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها. وطلبت عقابه بالمادة 238/1 من قانون العقوبات. وادعى زوج المجنى عليها مدنيًا عن نفسه وبصفته ولي طبيعي على أولاده القصر قبل المتهم ورئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للسكك الحديدية بصفته بإلزامهما بأن يؤديا لهم مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت . ومحكمة جنح .... قضت حضوريًاً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائتى جنيه وإلزامه والمدعى عليه الثانى بصفته بأن يؤديا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
استأنف و محكمة .... الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعها بغير الطريق القانوني .
ومحكمة جنح .... قضت حضوريًا اعتباريًا بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ وبإلزامه والمدعى عليه الثاني بصفته بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه .
استأنف ومحكمة .... الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم مائتي جنيه والتأييد فيما عدا ذلك .
فطعن الأستاذ ... بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل الخطأ قد شابه القصور في التسبيب وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ذلك بأن دفاع الطاعن قام على انتقاء الخطأ في مسلك الطاعن وانقطاع رابطة السببية بين فعله والضرر لأنه لم يتحرك بالقطار إلا بعد السماح له من المختص بذلك وفقاً للائحة السكك الحديدية وقد تأيد دفاعه بشهادة ناظر المحطة الذي أقر بأنه أعطى للطاعن إشارة التحرك بالقطار إلا أن الحكم ضرب صفحاً عن هذا الدفاع ولم يفطن لدلالته في نفي التهمة عن الطاعن واتخذ من مجرد تحرك القطار قبل الميعاد المقرر بفرض حدوثه ما يوفر الخطأ في جانبه دون أن يستظهر مدى مسئوليته في ذلك ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه استند في إدانة الطاعن على مطلق القول بأن الخطأ يقوم في حقه من تحركه بالقطار دون أن ينتظر المدة الكافية لنزول وصعود الركاب ودون أن يتبصر بحالة الرصيف نزولاً وركوباً أخذاً بما اطمأن إليه من أقوال الشهود وتحريات المباحث . لما كان ذلك ، وكان سائق قطارات السكك الحديدية يباشر عمله في قاطرة القطار فى مقدمته بما لا يسمح له بمراقبة الرصيف وحركة صعود ونزول الركاب من وإلى جميع عربات القطار فقد نصت اللائحة العامة للسكك الحديدية الصادرة من مدير عام الهيئة بكتابه رقم 110/1/1 بتاريخ 28/11/1959 والنافذة اعتباراً من 1/5/1962 على تنظيم دقيق لتوفير الأمان وتحديد المسئولية عن تحرك القطار وحددت في البند 155 واجبات السائق وفي البند 169 واجبات الكمساري ، وألزمت الفقرة 22 من البند 155 من اللائحة السائق باتباع تعليمات وإشارات الكمساري وألزمتهما معاً بالعمل وفقاً لما يصدر عن ناظر المحطة من تعليمات وإشارات أثناء وجود القطار في داخل حدودها ، بل ألزم البند 166 السائق بعدم القيام بالقطار رغم إظهار السيمافور علامة المسير إلا بعد رؤية إشارة الكمساري اليدوية ، وبعد أن نصت الفقرة (أ) من البند 177 على أنه لا يجوز قيام أي قطار ركاب قبل الميعاد المقرر ، نصت في الفقرة (ب) على إنه يجب على الكمساري (إذا كان القطار شغالاً بكمساري واحد) إعطاء إشارة قيام القطار للسائق بإظهار إشارة يدوية خضراء تمسك بثبات بأعلى الرأس وإطلاق الصفارة بعد التأكد من ناظر المحطة أنه قد تم استعداد القطار للقيام . لما كان ذلك ، وكان عدم مراعاة القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة وإن أمكن اعتباره خطأ مستقلاً بذاته في جرائم القتل الخطأ إلا أن هذا مشروط بأن تكون هذه المخالفة هي بذاتها سببه بحيث لا يتصور وقوعه لولاها . وكانت رابطة السببية كركن من أركان هذه الجريمة تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق والسير العادي للأمور ، كما أنه من المقرر أن خطأ المجنى عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافياً بذاته لإحداث النتيجة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد تحرك القطار مغادراً للمحطة دون أن يتوقف فيها المدة المقررة ما يوفر الخطأ في جانب الطاعن (سائق القطار) دون أن يستظهر قدر هذه المدة ودور كل من كمسارى القطار وناظر المحطة في ذلك بفرض حدوثه تحديداً لمسئولية كل منهم وما كان يجب على الطاعن اتباعه ، في ضوء نصوص اللائحة المشار إليها ، لتفادي وقوع الحادث ومدى قدرة الطاعن فى الظروف التي وقع فيها الحادث على تلافي وقوعه ومسلك المجنى عليها ومدى إمكانية رؤية الطاعن لها أثناء نزولها من القطار وفقاً لدرجة ازدحام المحطة والقطار ، وأثر ذلك كله في قيام أو عدم قيام ركن الخطأ ورابطة السببية التي دفع الطاعن بانقطاعها وهو دفاع جوهري يترتب على ثبوته انتفاء مسئوليته الجنائية ، فإنه لا يكفي في اطراح هذا الدفاع ما رد به الحكم من عبارة مقتضبة على نحو ما سلف دون أن يحيط بدفاع الطاعن كاملاً ويلم إلماماً شاملاً لجميع عناصره وتدلى المحكمة برأيها فيه وتبين مدى أثره على توافر رابطة السببية خاصة وأن المجنى عليها كانت نازلة من القطار وليست صاعدة إليه مما لا يتيح للطاعن رؤيتها قبل نزولها ، ولما قد يترتب على ثبوت صحة هذا الدفاع من انتفاء مسئولية الطاعن جنائياً ومدنياً . فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جاء قاصراً بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ