الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 يوليو 2013

( الطعن 45977 لسنة 74 ق جلسة 21/ 11/ 2004 س 55 ق 115 ص 758)


برئاسة السيد المستشار/ محمد طلعت الرفاعى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عادل الشوربجى ، أنس عماره ، حسين الصعيدى وعاصم عبدالجبار نواب رئيس المحكمة .
----------

(1) التماس إعادة النظر . إثبات " شهود " . بنوك .
قبول طلب إعادة النظر وفق المادة 441/3 إجراءات جنائية . شرطه : اعتراف الشاهد بكذبه أو رفع الدعوى ضده دون أن يصدر فيها حكم بات ولاحق علي الحكم المطعون فيه بطلب إعادة النظر وأن تكون للشهادة أو تقرير الخبير أو الورقة تأثير في الحكم .

طلب إعادة النظر لبراءة ذمة الملتمسة من البنك المجني عليه . لا يدخل ضمن حالات المادة 441/3 إجراءات .
(2) التماس إعادة النظر . نيابة عامة .
انتهاء النائب العام إلي رفض طلب التماس إعادة النظر ولزوم عرضه علي محكمة النقض وفقا لنص المادة 441/3 إجراءات . يعد قراراً نهائياً برفضه غير قابل للطعن . تصدي المحكمة له غير جائز .

بحث المحكمة الالتماس . شرطه : إحالته من اللجنة المشكلة وفقا للمادة 443 إجراءات إذا رأي النائب العام وجهة لقبوله . مخالفة ذلك . أثره ؟
---------------
1 – من المقرر أن طلب إعادة النظر فى هذا الوجه قد بنى على الفقرة الثالثة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية على أساس أن الحكم الصادر بإدانة الملتمسة بجريمة الاشتراك فى الإضرار العمدى بأموال البنك المجنى عليه قد بنى على أقوال الشهود وتقرير لجنة الرقابة على البنوك بأنها لم تسدد القرض الذى حصلت عليه ، مما أثر فى عقيدة المحكمة بأن نية الإضرار قد تولدت لديها ، وهو قول ثبت عدم صحته بعد أن صار الحكم بإدانتها نهائياً وباتاً وذلك بصدور حكم نهائى وبات فى الدعوى رقم ...... لسنة ...... تجارى ...... فى ...... ببراءة ذمتها من هذا القرض وأن وفاءها به يرتد إلى تاريخ سابق على صدور الحكم بإدانتها ، وهو ما يعتبر حكماً بتزوير شهادة الشهود وتقرير اللجنة عماد حكم الإدانة . وحيث إن المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الحالات التى يجوز فيها طلب إعادة النظر فى الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة فى مواد الجنايات والجنح ، وكانت الحالة المبينة فى الفقرة الثالثة من هذه المادة التى يجوز فيها طلب إعادة النظر هى " إذا حكم على أحد الشهود أو الخبراء بالعقوبة لشهادة الزور وفقاً لأحكام الباب السادس من الكتاب الثالث من قانون العقوبات ، أو حكم بتزوير ورقة قدمت أثناء نظر الدعوى ، وكان للشهادة أو تقرير الخبير أو الورقة تأثير فى الحكم " . فإنه يشترط لتوافر هذه الحالة أن يصدر حكم بالإدانة على الشاهد الذى سمع فى الدعوى أو الخبير الذى قدم تقريراً فيها أو أن يحكم بتزوير الورقة التى قدمت فى الدعوى ، ويتعين أن يكون حكم الإدانة من أجل شهادة الزور أو التزوير ، أن يكون باتاً ، إذ بهذا الشرط يمكن القول بأن خطأ الحكم المطعون فيه بإعادة النظر قد ثبت على نحو نهائى ، وأنه لا محل لأن يثبت عكس ذلك ، ومن ثم فلا يكفى لتوافر هذه الحالة أن يعترف الشاهد بكذبه ، أو أن ترفع ضده الدعوى دون أن يصدر حكم بات فيها لوفاته أثناء نظرها أو للقضاء بعدم قبولها لسبب ما كالتقادم ، هذا بالإضافة إلى وجوب أن يكون الحكم بإدانة الشاهد أو الخبير أو تزوير الورقة لاحقاً على صدور الحكم المطعون فيه بطلب إعادة النظر ، وأن يكون للشهادة أو تقرير الخبير أو الورقة تأثير فى الحكم . لما كان ذلك ، وكانت طالبة إعادة النظر قد استندت فى طلبها إلى الحكم الصادر فى الدعوى رقم ...... لسنة ...... تجارى ...... ببراءة ذمتها من القرض الذى حصلت عليه من البنك المجنى عليه وهو حكم لا يدخل فى عداد الأحكام التى عناها الشارع فى الحالة الثالثة من المادة441 من قانون الإجراءات الجنائية والتى توجب إعادة النظر ولا تتوافر فيه الشروط التى تستلزمها هذه الحالة فإن طلب الالتماس يكون على غير أساس من القانون ويتعين الحكم بعدم قبوله وتغريم الملتمسة ...... جنيهات عملاً بالمادة 449 من قانون الإجراءات الجنائية .
2 – من المقرر أنه عن الوجه الثانى للالتماس والمبنى على الفقرة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن كلاً من الحكم الصادر ببراءة ذمتها فى الدعوى رقم ...... لسنة ...... تجارى ...... وصدر قانون البنوك الجديد رقم 88 لسنة 2004 والذى نص فى المادة 133 منه على انقضاء الدعوى العمومية بالسداد أو التصالح يعد واقعة جديدة ظهرت بعد الحكم المطعون فيه . فإن هذه المحكمة لا ترى موجباً لبحث هذا الوجه ذلك أن البين من الأوراق أن المكتب الفنى للسيد المستشار النائب العام قد أعد مذكرة بالرأى فى وجهى الالتماس وانتهى إلى رفضه مع عرض الأوراق على هذه المحكمة للنظر فى الالتماس فيما بنى عليه طبقاً للفقرة الثالثة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن عرض الطلب على محكمة النقض بالنسبة لهذه الحالة أمر لازم وقد وافق السيد النائب العام على ذلك ، فإن تصرفه فى الالتماس على هذا النحو يعد بمثابة قرار منه برفض الالتماس المبنى على الحالة الخامسة من نص المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الذكر ، وقراره فى هذا الشأن نهائى وغير قابل للطعن ومن ثم يمتنع على المحكمة معاودة بحث هذا الوجه فضلاً عن أنه لكى ينفتح لهذه المحكمة باب بحث هذا الوجه أن تكون إحالة الالتماس المبنى على هذه الحالة من اللجنة المشكلة وفقاً لنص المادة 443 من قانون الإجراءات الجنائية بناء على طلب النائب العام إذا رأى وجهاً لقبوله ، وهو ما لم يتبع فى الحالة المعروضة ، فإن هذا أو ذاك مما ينغلق به باب بحث هذا الوجه الثانى للالتماس .
-----------------
الوقائع
        اتهمت النيابة العامة الملتمسة وآخرين لأنهم : اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع موظفين عموميين ببنك .... هم : 1 ...... . 2 ...... . 3 ...... . 4 ...... أولهم : نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب . وثانيهم : رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب . وثالثهم : مساعد رئيس مجلس الإدارة . ورابعهم : مدير البنك فرع ...... فى الإضرار العمد بأموال ومصالح بنك ...... الخاضع لإشراف البنك المركزى المصرى بأن أصدروا تعهدات بنكية قيمتها ...... جنيه ومنحوا تسهيلات ائتمانية قيمتها ...... جنيه لشركات ...... و...... للتبريد و...... للتجارة و...... و ...... و ...... و...... و...... و...... و...... و...... و...... بصفته الشخصية وحساب ...... و ...... و ...... " الملتمسة " دون وجود صلاحيات تخولهم ذلك أو بالتجاوز عن الصلاحيات المخولة لهم ودون إعداد دراسات ائتمانية أو وضع حدود ائتمانية يتم التعامل مع العملاء من خلالها أو  وضع برامج زمنية للسداد ودون إجراء قيود محاسبية لإثبات التعهدات المنوه عنها بسجلات البنك ودون استيفاء الضمانات المتعلقة بمديونية بعض العملاء بل وتسليم بعضها قبل سداد المديونيات المضمونة بها وتخصيص نسبة الغطاء النقدى لخطابات الضمان الصادرة لبعض العملاء مع رد تلك النسبة ونسبة من الفوائد والعملات إليهم دون العرض على مجلس الإدارة وعدم التوقيع على مستندات مديونية بعضهم وإجراء تسويات مع البعض الآخر دون تفويض من مجلس إدارة البنك بالمخالفة لجدول الصلاحيات الائتمانية والمعمول به بالبنك وبما لا يتفق مع ما جرى عليه العرف المصرفى مما أدى إلى إضعاف ضمانات المديونيات القائمة لدى البنك وما ترتب على النحو المبين سلفاً وساعدوهم على ذلك بعدم تقديمهم الأوراق والمستندات التى تؤدى إلى إصدار المتهمين السابقين " من الأولى وحتى الرابع " أوامرهم تبليغهم قيمة تلك التعهدات والتسهيلات على نحو يحفظ حقوق البنك لديهم مما يترتب عليه الإضرار بأموال ومصالح البنك على النحو المشار إليه فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة . واحالتهم إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بالنسبة للمتهمة الثانية والعشرين " الملتمسة " عملاً بالمواد 40 / 2 ، 3 ، 41 ، 116 مكرراً ، 119 ، 119 مكرراً من قانون العقوبات والمواد 37 مكرراً ، 39 ، 39 مكرراً ، 54 ، 59 ، 60 من القانون رقم 163 لسنة 1957 المعدل مع إعمال المواد 17 ، 55/1 ، 56/1 من قانون العقوبات بمعاقبة الملتمسة بالحبس مع الشغل لمدة ... واحدة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ...... سنوات .
فطعنت المحكوم عليها والنيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض وقضت المحكمة بقبول الطعن المقدم من النيابة العامة وباقى الطاعنين شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لكافة المحكوم عليهم وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ...... لتحكم فيها من جديد دائرة آخرى .
ومحكمة الإعادة قضت حضورياً ( بهيئة مغايرة ) بمعاقبتها بالأشغال الشاقة لمدة .... سنوات وحرمانها من مزاولة مهنتها لمدة ..... سنوات وحظر تعاملها مع البنوك لمدة مماثلة .
فطعن وكيل المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض كما طعنت النيابة العامة وقضت المحكمة أولاً : بقبول طعن المحكوم عليهم شكلاً وفى الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء ما قضى به من عقوبتى الغرامة والرد بالنسبة لهم وبرفض الطعن فيما عدا ذلك. ثانياً : أ بعدم جواز طعن النيابة العامة ضد ورثة ...... المقضى بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة له بالوفاة . ب بعدم قبول طعن النيابة العامة شكلاً بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه من براءة المطعون ضدهم من تهمتى التربح وتسهيله . ج بقبول طعن النيابة العامة فيما عدا ما تقدم شكلاً وفى الموضوع برفضه.
فتقدم وكيل الملتمسة بطلب إلى السيد المستشار النائب العام بتاريخ ...... من ...... سنة ...... يلتمس فيه إعادة النظر فى الحكم تأسيساً على الفقرتين الثانية والخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قيد برقم 5 لسنة 2004 التماسات إعادة نظر . فقرر السيد المستشار النائب العام رفض الالتماس فيما يتعلق بالوجه المؤسس على الفقرة الخامسة .
وإحالته إلى محكمة النقض لنظره إعمالاً للمادة 441 فقرة ثالثاً من قانون الإجراءات الجنائية .
المحكمة
من حيث إن الوجه الأول من وجهى الالتماس قد استوفى المراحل التى يتطلبها القانون .
وحيث إن طلب إعادة النظر فى هذا الوجه قد بنى على الفقرة الثالثة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية على أساس أن الحكم الصادر بإدانة الملتمسة بجريمة الاشتراك فى الإضرار العمدى بأموال البنك المجنى عليه قد بنى على أقوال الشهود وتقرير لجنة الرقابة على البنوك بأنها لم تسدد القرض الذى حصلت عليه ، مما أثر فى عقيدة المحكمة بأن نية الإضرار قد تولدت لديها ، وهو قول ثبت عدم صحته بعد أن صار الحكم بإدانتها نهائياً وباتاً وذلك بصدور حكم نهائى وبات فى الدعوى رقم ...... لسنة ...... تجارى ...... فى ...... ببراءة ذمتها من هذا القرض وأن وفاءها به يرتد إلى تاريخ سابق على صدور الحكم بإدانتها ، وهو ما يعتبر حكماً بتزوير شهادة الشهود وتقرير اللجنة عماد حكم الإدانة .
وحيث إن المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الحالات التى يجوز فيها طلب إعادة النظر فى الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة فى مواد الجنايات والجنح ، وكانت الحالة المبينة فى الفقرة الثالثة من هذه المادة التى يجوز فيها طلب إعادة النظر هى " إذا حكم على أحد الشهود أو الخبراء بالعقوبة لشهادة الزور وفقاً لأحكام الباب السادس من الكتاب الثالث من قانون العقوبات ، أو حكم بتزوير ورقة قدمت أثناء نظر الدعوى ، وكان للشهادة أو تقرير الخبير أو الورقة تأثير فى الحكم " . فإنه يشترط لتوافر هذه الحالة أن يصدر حكم بالإدانة على الشاهد الذى سمع فى الدعوى أو الخبير الذى قدم تقريراً فيها أو أن يحكم بتزوير الورقة التى قدمت فى الدعوى ، ويتعين أن يكون حكم الإدانة من أجل شهادة الزور أو التزوير ، أن يكون باتاً ، إذ بهذا الشرط يمكن القول بأن خطأ الحكم المطعون فيه بإعادة النظر قد ثبت على نحو نهائى ، وأنه لا محل لأن يثبت عكس ذلك ، ومن ثم فلا يكفى لتوافر هذه الحالة أن يعترف الشاهد بكذبه ، أو أن ترفع ضده الدعوى دون أن يصدر حكم بات فيها لوفاته أثناء نظرها أو للقضاء بعدم قبولها لسبب ما كالتقادم ، هذا بالإضافة إلى وجوب أن يكون الحكم بإدانة الشاهد أو الخبير أو تزوير الورقة لاحقاً على صدور الحكم المطعون فيه بطلب إعادة النظر ، وأن يكون للشهادة أو تقرير الخبير أو الورقة تأثير فى الحكم . لما كان ذلك ، وكانت طالبة إعادة النظر قد استندت فى طلبها إلى الحكم الصادر فى الدعوى رقم ..... لسنة ..... تجارى ...... ببراءة ذمتها من القرض الذى حصلت عليه من البنك المجنى عليه وهو حكم لا يدخل فى عداد الأحكام التى عناها الشارع فى الحالة الثالثة من المادة441 من قانون الإجراءات الجنائية والتى توجب إعادة النظر ولا تتوافر فيه الشروط التى تستلزمها هذه الحالة فإن طلب الالتماس يكون على غير أساس من القانون ويتعين الحكم بعدم قبوله وتغريم الملتمسة خمسة جنيهات عملاً بالمادة 449 من قانون الإجراءات الجنائية .
وحيث إنه عن الوجه الثانى للالتماس والمبنى على الفقرة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن كلاً من الحكم الصادر ببراءة ذمتها فى الدعوى رقم ..... لسنة ...... تجارى ........ وصدر قانون البنوك الجديد رقم 88 لسنة 2004 والذى نص فى المادة 133 منه على انقضاء الدعوى العمومية بالسداد أو التصالح يعد واقعة جديدة ظهرت بعد الحكم المطعون فيه . فإن هذه المحكمة لا ترى موجباً لبحث هذا الوجه ذلك أن البين من الأوراق أن المكتب الفنى للسيد المستشار النائب العام قد أعد مذكرة بالرأى فى وجهى الالتماس وانتهى الى رفضه مع عرض الأوراق على هذه المحكمة للنظر فى الالتماس فيما بنى عليه طبقاً للفقرة الثالثة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن عرض الطلب على محكمة النقض بالنسبة لهذه الحالة أمر لازم وقد وافق السيد النائب العام على ذلك ، فإن تصرفه فى الالتماس على هذا النحو يعد بمثابة قرار منه برفض الالتماس المبنى على الحالة الخامسة من نص المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الذكر ، وقراره فى هذا الشأن نهائى وغير قابل للطعن ومن ثم يمتنع على المحكمة معاودة بحث هذا الوجه فضلاً عن أنه لكى ينفتح لهذه المحكمة باب بحث هذا الوجه أن تكون إحالة الالتماس المبنى على هذه الحالة من اللجنة المشكلة وفقاً لنص المادة 443 من قانون الإجراءات الجنائية بناء على طلب النائب العام إذا رأى وجهاً لقبوله ، وهو ما لم يتبع فى الحالة المعروضة ، فإن هذا أو ذاك مما ينغلق به باب بحث هذا الوجه الثانى للالتماس .

السبت، 27 يوليو 2013

الطعن 15810 لسنة 74 ق جلسة 21/ 12/ 2004 مكتب فني 55 ق 128 ص 868

جلسة 21 من ديسمبر سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عمر بريك، فرحان بطران، عبد التواب أبو طالب ومحمد سعيد نواب رئيس المحكمة.

----------------

(128)
الطعن رقم 15810 لسنة 74 القضائية

 (1)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اختلاس.
انتهاء الحكم إلى مسئولية الطاعن عن المبلغ محل الاستيلاء أخذًا من أدلة الثبوت التى أوردها وقصده بفعله إضافة المال المختلس إلى ملكه. كفايته لبيان العناصر القانونية لجريمة الاختلاس.
 (2)
اختلاس. محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
النعي بأن الواقعة مجرد إهمال جسيم. جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة. غير مقبول.
(3)
مسئولية إدارية. مسئولية جنائية. إثبات "قوة الأمر المقضي". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها".
لا تنافر بين المسئوليتين الإدارية والجنائية.
مجازاة الموظف بصفة إدارية أو توقيع عقوبة تأديبية عليه. لا يحول أيهما دون محاكمته جنائيًا. اختلاف الدعويين الجنائية والتأديبية. القضاء في الدعوى التأديبية لا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للدعوى الجنائية.
مثال لرد سائغ على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها
.
 (4)
اختلاس. نيابة عامة. دعوى جنائية "قيود تحريكها". ارتباط.
القيد على حرية النيابة في تحريك الدعوى الجنائية. استثناء. اقتصاره على الجريمة التي حددها القانون دون سواها ولو ارتبطت بها.
جريمة اختلاس الأموال الأميرية. ليست من الجرائم التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية فيها على شكوى المجنى عليه أو وكيله الخاص
.
 (5)
اختلاس. جريمة "أركانها". عقوبة "توقيعها".
رد مقابل المال المتصرف فيه. لا يؤثر في قيام جريمة الاختلاس. علة ذلك؟
 (6)
إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
تناقض الشهود أو تضارب أقوالهم أو تناقض روايتهم في بعض تفصيلاتها. لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه
.
(7)
دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تشكيك الطاعن في أقوال الشهود وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق الاتهام وعدم معقوليته. دفاع موضوعي. لا يستوجب ردًا صريحًا. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
 (8)
إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن. موضوعي.
أخذ المحكمة بتقرير الخبير. مفاده: أن ما وجه إليه من مطاعن لا تستحق الالتفات إليها.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام محكمة النقض
.
 (9)
نقض "أثر الطعن". محكمة الإعادة " سلطتها".
نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل صدور الحكم المنقوض.
حق محكمة الإعادة أن تستند في قضائها إلى الأدلة والإجراءات الصحيحة التي تضمنتها أوراق الدعوى وأن تورد في حكمها الأسباب التي أخذها الحكم المنقوض أسبابًا لحكمها. مادامت تصلح لذلك
.
 (10)
إجراءات "إجراءات التحقيق" . نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصلح سببًا للطعن على الحكم. العبرة بإجراءات المحاكمة والتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة.
مثال
.
 (11)
قانون " تطبيقه". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر الارتباط". ارتباط. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات؟
تقدير قيام الارتباط. موضوعي. متى كان ما حصله الحكم يتفق قانونًا مع ما انتهى إليه.
الارتباط بين الجرائم. مسألة موضوعية. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟

---------------
1 - لما كان الحكم قد انتهى في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى مسئولية الطاعن عن المبلغ محل الاختلاس أخذًا بأدلة الثبوت التي أوردها، وكان ما أورده الحكم في مدوناته من وقائع يفيد بذاته أن الطاعن قصد بفعله إضافة المال المختلس إلى ملكه، فإن ذلك كاف وسائغ في بيان العناصر القانونية لجناية الاختلاس التي قامت في حق الطاعن.
2 - من المقرر أن النعي بأن الواقعة مجرد إهمال جسيم لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب مادام قضاؤها في ذلك سليمًا - كحال هذه الدعوى.
3 - لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها واطرحه في قوله:"... إن الحكم الذى تنقضي به الدعوى الجنائية طبقًا للمادتين 454، 455 إجراءات جنائية هو الحكم النهائي الصادر في تلك الدعوى سواء بالإدانة أو بالبراءة ولا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون ومن ثم فإن مجازاة المتهم إداريًا عن إهماله في المحافظة على الاستمارات الموجودة في عهدته لا تحول دون محاكمته عن ذات الواقعة ويتعين لذلك رفض الدفع..". لما كان ذلك، وكان لا تنافر بين المسئولية الإدارية والمسئولية الجنائية فكل يجرى في فلكه وله جهة اختصاصه غير مقيد بالأخرى، وأن مجازاة الموظف بصفة إدارية أو توقيع عقوبة عليه من مجلس التأديب عن فعل منه لا يحول أيهما دون إمكان محاكمته أمام المحاكم الجنائية بمقتضى القانون العام عن كل جريمة قد تتكون من هذا الفعل، وذلك لاختلاف الدعويين التأديبية والجنائية في الموضوع وفى السبب وفى الخصوم، مما لا يمكن معه أن يحوز القضاء في إحداها قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للأخرى، وكان ما رد به الحكم على الدفع - على ما سلف بيانه - يتفق وصحيح القانون.
4 - من المقرر أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التى خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى دون سواها ولو كانت مرتبطة بها، وكانت جريمة اختلاس الأموال الأميرية ليست من الجرائم التي عددت حصرًا في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى الجنائية فيها على شكوى المجنى عليه أو وكيله الخاص، ومن ثم يكون نعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
5 - من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الاختلاس رد الجاني مقابل المال الذى تصرف فيه، لأن الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفى قيامها.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض - كما أن تناقض الشهود أو تضارب أقوالهم أو تناقض روايتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته مادام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه.
7 - من المقرر أن ما أثاره الطاعن من تشكيك في أقوال الشهود من موظفي مصلحة ضرائب التمغة، وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق الاتهام وعدم معقوليته، لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردًا صريحًا من المحكمة، ، بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
8 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء مادامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن جدلاً موضوعيًا لا شأن لمحكمة النقض به.
9 - من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتجرى فيها المحاكمة على ما هو ثابت بالأوراق وأنه لا يترتب على إعادة المحاكمة إهدار الأدلة والإجراءات الصحيحة التي تضمنتها أوراق الدعوى، بل تظل قائمة ومعتبرة وللمحكمة أن تستند إليها في قضائها، ولا ينال من عقيدتها أو يعيب حكمها أن تكون هي بذاتها التي عول عليها الحكم المنقوض بل ولها أن تورد في حكمها الأسباب التي اتخذها الحكم المنقوض أسبابًا لحكمها مادامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة، ومن ثم يكون نعى الطاعن على الحكم في خصوص الالتفات من الدفع ببطلان القبض والتفتيش غير مقبول.
10 - من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم إذ العبرة هي بإجراءات المحاكمة والتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، ومن ثم فإن النعي بعدم إطلاع اللجنة على أوراق وأختام مدعى بتزويرها لا يكون مقبولاً.
11 - من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها سالفًا، وأن تقدير توافر الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بلا معقب ، متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذى يحصله الحكم تتفق قانونًا مع ما انتهى إليه - كحال الحكم المطعون فيه - هذا فضلاً ، عن أن الأصل أن الارتباط بين الجرائم من المسائل الموضوعية التي تدخل في تقدير وقائع الدعوى فلا تسوغ إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وإذ لم يدفع الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم توافر الارتباط بين الجرائم المسندة إليه، فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: - بصفته موظفًا عامًا ومن الأمناء على الودائع - أمين المخزن الاستهلاكي بإدارة..... التعليمة - اختلس عدد عشرين ألف استمارة خاصة بمرحلة التعليم الأساسي البالغ قيمتها..... جنيهًا والمملوكة لجهة عمله سالفة البيان والمسلمة إليه من المطابع..... بسبب وظيفته. ثانيًا: - بصفته موظفًا عامًا أمين مخزن بإدارة "..... التعليمية" استولى بغير حق وبنية التملك على خاتم شعار الجمهورية الخاص بمدرسة "..... " الإعدادية بنات بالإدارة المذكورة على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثًا: - بصفته الوظيفية المبينة بالوصف الأول أضر عمدًا بأموال ومصالح مديرية التربية والتعليم ..... جهة عمله بأن حملها قيمة رسم الدمغة وتنمية موارد الدولة المستحقة على عدد ثمانية آلاف استمارة خاصة بمرحلة التعليم الأساسي والبالغ مقداره..... جنيهًا موضوع مطالبة مصلحة ضرائب الدمغة للجهة آنفة البيان على النحو المبين بالتحقيقات. رابعًا : - بصفته الوظيفية آنفة البيان ارتكب تزويرًا في محررات رسمية هي تفويض لاستلام وإقرار الخصم المنسوبين لإدارة "....." التعليمية والبطاقة العائلية رقم..... سجل مدنى "..... " بطريق الاصطناع ووضع أسماء وإمضاءات وصورة مزورة وذلك بأن اصطنع المحررات الثلاثة آنفة البيان على غرار الصحيح منها موقعًا عليها بتوقيعات عزاها زورًا للموظفين المختصين للجهات المنسوبة إليها ووضع صورته الشخصية على البطاقة آنفة الذكر الذى تسمى فيها باسم "..... " على النحو المبين بالتحقيقات. خامسًا: - استعمل المحررات المزورة المبينة بالتهمة السابقة فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن قدمها إلى الموظفين المختصين بمصلحة ضرائب الدمغة محتجًا بصحة ما جاء بهما على النحو المبين بالتحقيقات. سادسًا: - استحصل بغير حق على خاتم شعار الجمهورية الخاص بمدرسة "....." الإعدادية بنات موضوع التهمة الثانية واستعمله استعمالاً ضارًا بالمصلحة العامة بأن بصم به على تفويض الاستلام وإقرار الخصم موضوع التهمة الرابعة على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا..... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة.... سنوات وتغريمه..... جنيهًا وإلزامه برد مثله وعزله من وظيفته ومصادرة المستندات المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات "....." لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت بمعاقبة "....." بالسجن لمدة..... سنوات وبتغريمه مبلغ..... جنيهًا وإلزامه برد مبلغ ..... جنيهًا وبعزله من وظيفته عما أسند إليه وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن الأستاذ "....." المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية" ..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس والاستيلاء على مال عام والإضرار عمدًا، والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والاستيلاء بغير حق على خاتم لإحدى الجهات الحكومية واستعماله، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن أركان جريمة الاختلاس غير متوافرة، وأن ما وقع منه مجرد إهمال جسيم لم ينتج عنه ضرر للجهة الإدارية، إذ قام بسداد قيمة الاستمارات محل الجريمة خصمًا من راتبه - في الدعوى...../ ..... نيابة إدارية - مما يحول دون محاكمته جنائيًا عن ذات الواقعة، فضلاً عن أن النيابة العامة باشرت معه التحقيق دون طلب أو شكوى من الجهة الإدارية، وعول الحكم على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها وتلفيقها وعدم معقوليتها وعدم قيام دليل على ارتكابه لجريمة التزوير، فلم يقم أى من أعضاء اللجنة بالاطلاع على المستندات المزورة، وعول الحكم في هذا الشأن على تقرير الخبير رغم قصوره، والتفت عن دفعه ببطلان القبض والتفتيش دون إذن من النيابة العامة، هذا إلى أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن مرتبطة ارتباطًا لا يقبل التجزئة رغم أنها ليست كذلك، وأخيرًا فإن تقاعس الجهة الإدارية حال دونه وتقديم المستندات الدالة على السداد، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فيما مفاده أن الطاعن وهو أمين مخزن بإدارة..... التعليمية، تسلم بسبب وظيفته من الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية استمارات خاصة بمرحلة التعليم الأساسي قيمتها..... جنيهًا وأختلسها لنفسه، ثم قام بتسليمها لمصلحة الضرائب (.....) وتسلمها بعد تمغها بموجب محررات رسمية اصطنعها عبارة عن أربعة تفويضات تسليم واستلام منسوبة لإدارة..... التعليمية وبصمها بخاتم شعار الجمهورية - الذى استحصل عليه بغير حق - والخاص بمدرسة "...." الإعدادية بنات، كما اصطنع إقرارًا بقبول خصم نسبه للإدارة المذكورة وبصمه بالخاتم المشار إليه، كما اصطنع بطاقة عائلية رقم..... سجل مدنى..... باسم "....." ووضع عليها صورته هو ووقع بهذا الاسم على إذنى الصرف رقمي....،.... المنسوبين للإدارة المذكورة بوصفه مستلم تلك الاستمارات، وقدم هذه المحررات المزورة لمصلحة الضرائب وتسلم بناء عليها.... استمارة بيضاء، ومثلها ملونة بعد تمغها دون أن يوردها للإدارة المذكورة محملاً إياها مبلغ... جنيه قيمة رسم التمغة وتنمية موارد الدولة المستحقة على هذه الاستمارات هذا وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة وصحة نسبتها إلى الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال شهود الإثبات وأعضاء لجنة فحص أعماله وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، وإقراره بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيق النيابة العامة، وأورد كل منها في بيان كاف ثم خلص إلى أن الطاعن اختلس مبلغ.....، وأنه استولى على مال عام، وأضر عمدًا بأموال الجهة التي يعمل لديها، وأنه زور المحررات الرسمية المشار إليها واستعملها، واستولى بغير حق على خاتم لإحدى جهات الحكومة واستعمله استعمالا ضارًا، وعاقب الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد لما رآه من ارتباط الجرائم المنسوبة إليه ارتباطًا لا يقبل التجزئة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى مسئولية الطاعن عن المبلغ محل الاختلاس أخذًا بأدلة الثبوت التي أوردها، وكان ما أورده الحكم في مدوناته من وقائع يفيد بذاته أن الطاعن قصد بفعله إضافة المال المختلس إلى ملكه، فإن ذلك كاف وسائغ في بيان العناصر القانونية لجناية الاختلاس التي قامت في حق الطاعن. لما كان ذلك، وكان النعي بأن الواقعة مجرد إهمال جسيم لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب مادام قضاؤها في ذلك سليمًا - كحال هذه الدعوى - لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وأطرحه في قوله..." أن الحكم الذى تنقضي به الدعوى الجنائية طبقًا للمادتين 454، 455 إجراءات جنائية هو الحكم النهائي الصادر في تلك الدعوى سواء بالإدانة أو بالبراءة ولا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون ومن ثم فإن مجازاة المتهم إداريًا عن إهماله في المحافظة على الاستمارات الموجودة في عهدته لا تحول دون محاكمته عن ذات الواقعة ويتعين لذلك رفض الدفع...". لما كان ذلك، وكان لا تنافر بين المسئولية الإدارية والمسئولية الجنائية فكل يجرى في فلكه وله جهة اختصاصه غير مقيد بالأخرى، وأن مجازاة الموظف بصفة إدارية أو توقيع عقوبة عليه من مجلس التأديب عن فعل منه لا يحول أيهما دون إمكان محاكمته أمام المحاكم الجنائية بمقتضى القانون العام عن كل جريمة قد تتكون من هذا الفعل، وذلك لاختلاف الدعويين التأديبية والجنائية في الموضوع وفى السبب وفى الخصوم، مما لا يمكن معه أن يحوز القضاء في إحداها قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للأخرى، وكان ما رد به الحكم على الدفع - على ما سلف بيانه - يتفق وصحيح القانون. لما كان ذلك، وكان المقرر أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى دون سواها ولو كانت مرتبطة بها، وكانت جريمة اختلاس الأموال الأميرية ليست من الجرائم التي عددت حصرًا في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى الجنائية فيها على شكوى المجنى عليه أو وكيله الخاص، ومن ثم يكون نعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الاختلاس رد الجاني مقابل المال الذى تصرف فيه، لأن الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفى قيامها. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض، كما أن تناقض الشهود أو تضارب أقوالهم أو تناقض روايتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته مادام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الطاعن من تشكيك في أقوال الشهود من موظفي مصلحة ضرائب التمغة - وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق الاتهام وعدم معقوليته - لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردًا صريحًا من المحكمة، بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء مادامت قد أخذت بما جاء بها، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن جدلاً موضوعيًا لا شأن لمحكمة النقض به. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن نقض الحكم يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها الأولى قبل صدور الحكم المنقوض وتجرى فيها المحاكمة على ما هو ثابت بالأوراق وأنه لا يترتب على إعادة المحاكمة إهدار الأدلة والإجراءات الصحيحة التى تضمنتها أوراق الدعوى، بل تظل قائمة ومعتبرة وللمحكمة أن تستند إليها في قضائها، ولا ينال من عقيدتها أو يعيب حكمها أن تكون هي بذاتها التي عول عليها الحكم المنقوض بل ولها أن تورد في حكمها الأسباب التي اتخذها الحكم المنقوض أسبابًا لحكمها مادامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة، ومن ثم يكون نعى الطاعن على الحكم في خصوص الالتفات من الدفع ببطلان القبض والتفتيش غير مقبول. لما كان ذلك، وكان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببًا للطعن على الحكم إذ العبرة هي بإجراءات المحاكمة والتحقيقات التى تحصل أمام المحكمة، ومن ثم فإن النعي بعدم إطلاع اللجنة على أوراق وأختام مدعى بتزويرها لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها سالفًا، وأن تقدير توافر الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بلا معقب، متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذى يحصله الحكم تتفق قانونًا مع ما انتهى إليه - كحال الحكم المطعون فيه - هذا فضلاً عن أن الأصل أن الارتباط بين الجرائم من المسائل الموضوعية التي تدخل في تقدير وقائع الدعوى فلا تسوغ إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وإذ لم يدفع الطاعن أمام محكمة الموضوع بعدم توافر الارتباط بين الجرائم المسندة إليه، فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها. ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن والطعن برمته غير مقبول ويتعين رفضه
.