الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات مؤلفاتي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مؤلفاتي. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 18 أغسطس 2023

الطعن 2754 لسنة 91 ق جلسة 9 / 3 / 2023

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

دائرة الخميس (ه)

-----

المؤلفة برئاسة السيد القاضي / نادي عبد المعتمد أبو القاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت مكادي سامح حامد نائبي رئيس المحكمة جورج فرج وائل القاضي

وبحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / مصطفى عبد العزيز.

وأمين السر السيد / حسام خاطر

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.

في يوم الخميس 17 من شعبان سنة 1444 ه الموافق 9 من مارس سنة 2023 م.

أصدرت الحكم الآتي:

في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 2754 لسنة 91 القضائية.
المرفوع من
......  " الطاعن "
ضد
النيابة العامة " المطعون ضدها "

--------------

" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة ١- ....... (الطاعن) ۲- ...... وآخرين سبق الحكم عليهم في القضية رقم ۳۰۰۰ لسنة ۲۰۱۳ جنايات ساقلته والمقيدة بالجدول الكلي رقم ٦٠٠ لسنة 2013.
لأنهم في يوم 20 من أكتوبر سنة 2012 - بدائرة مركز ساقلته - محافظة سوهاج:
قتلوا وآخر متوفي / ....... عمداً من غير سبق اصرار أو ترصد بان أطلقوا صوبه عدة أعيرة نارية من أسلحة نارية (بنادق آليه) كانت بحوزتهم قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخري هو انه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر.
استعملوا القوة والعنف مع موظفين عمومين وهم الرائد محمد سعد فراج رئيس مباحث مركز شرطة ساقلته والعقيد / خالد حمادة قاسم الشاذلي (رئيس فرع بحث شرق) والنقيب/ عباس محمد نور الدين الشرنوبي والنقيب/ عبده السيد خطاب ضابط مباحث مركز ساقلته والقوة المرافقة لهم بان اطلقوا عليهم وابلاً من الأعيرة النارية من أسلحة بنادق الية كانت بحوزتهم لحملهم بغير حق عن الامتناع عن عمل من اعمال وظيفتهم وهو القبض عليهم نفاذ للأمر الصادر لهم بالضبط والاحضار وبلغوا بذلك مقصدهم وهو عدم التمكن من القبض عليهم علي النحو المبين بالتحقيقات.
أحرز كل منهم سلاحاً نارياً مششخناً (بندقية آلية) حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته او احرازها.
أحرز كل منهم ذخائر (عدة طلقات) استعملها على السلاح الناري سالف الذكر حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته او احرازه
أتلفوا عمداً السيارة رقم ٥١١٥٥ اجرة سوهاج والمملوكة ل / حنفي محمود احمد خليفة بان أطلقوا عليها عدة أعيرة نارية فحدثت بها التلفيات المبينة بتقرير الأدلة الجنائية على النحو المبين بالتحقيقات
وأحالتهم إلى محكمة جنايات سوهاج لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة
والمحكمة المذكورة قضت بإجماع الآراء غيابياً في 2 من مارس سنة 2014 بمعاقبة كلاً من ..... بالإعدام شنقاً عما نسب إليهم والزمتهم بالمصروفات الجنائية.
- إذ تقدم كلاً من 1- ...... الطاعن -۲ ....... وشهرته محمود بإعادة إجراءات محاكمتهما.
والمحكمة المذكورة قضت في 9 من ديسمبر سنة 2020 عملاً بالمواد ١٣٧ مكررا، ٢٣٦، 361/2،1 من قانون العقوبات والمواد 1/2، 6، 26/4،3 من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقوانين ارقام ٢٦ لسنة ۱۹۸۷، ۱۰۱ لسنة ۱۹۸۰، ١٦٥ لسنة ١٩٨١، والمرسوم بقانون رقم ٦ لسنة ۲۰۱۲ والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (۳) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم ١٣٣٥٤ لسنة ١٩٩٥. مع اعمال نص المادتين 17، 32/2 من قانون العقوبات حضورياً أولاً: بمعاقبة ...... بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً عما اسند اليه من اتهام والزمته بالمصاريف الجنائية.
ثانياً / ببراءة ........ وشهرته محمود مما نسب اليه من اتهام المحكمة عدلت القيد والوصف الي: -
ضرب المجني علية / ...... بان أطلق صوبه أعيرة نارية من سلاح ناري (بندقية آلية) ولم يقصد من ذلك قتله، ولكن أفضى الى موته الوارد بتقرير الصفة التشريحية
- استعمل القوة والعنف مع موظفين عموميين هم الرائد / محمد سعد فراج، والعقيد / خالد حماده قاسم، والنقيب عباس محمد نورالدين، والنقيب / عبده السيد خطاب، والقوة المرافقة لهم بأن أطلق عليهم وابلاً من الأعيرة النارية من سلاح ناري بندقية آلية كانت بحوزته لحمله بغير حق عن الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم وهو القبض عليه نفاذاً للأمر الصادر لهم بالضبط والاحضار وبلغ بذلك مقصده وهو عدم التمكن من القبض عليه
- أحرز سلاحاً نارياً مششخناً " بندقية آلية سريعة الطلقات" حال كونها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو أحرازها.
- أحرز ذخائر " عدة طلقات " استعملاها في السلاح الناري آنف البيان حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو أحرازه.
- اتلفا عمداً مالاً منقولاً السيارة رقم 51155 اجرة سوهاج والمملوكة للمجني علية / ..... بأن أطلق عليها عدة أعيرة نارية فحدثت بها التلفيات المبينة بتقرير الأدلة الجنائية على النحو المبين بالتحقيقات.
وأودعت مذكرة بأسباب طعنه بتاريخ 2 من فبراير سنة 2021 موقع عليها من الأستاذ / ...... المحامي المقبول أمام محكمة النقض.
فطعن السيد المستشار رئيس الاستئناف المحامي العام الأول لنيابة جنوب سوهاج مفوضاً من السيد الأستاذ المستشار رئيس الاستئناف القائم بأعمال المحامي العام الأول لنيابة استئناف اسيوط بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 18 من يناير سنة 2021 موقع عليه من السيد المستشار / وائل محمد علي حسين المحامي العام الأول.
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بذات التاريخ موقع عليها من السيد المستشار/ سامح خيري يني المحام العام.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
-----------------------

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر له في القانون.
اولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه ......
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجرائم احراز سلاح ناري مششخن "بندقية آلية" وذخائر مما تستعمل عليه حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته او احرازه ، واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق علي الإمتناع عن عمل من اعمال وظيفتهم، مع بلوغ مقصدهم من ذلك ، والضرب المفضي الي الموت ، والاتلاف العمدي قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك انه لم يحط بواقعة الدعوي وادلتها ، ولم يبينها بياناً تتحقق به اركان الجريمة التي دانه بها مكتفياً بايراد مضمون الاتهام ، دون أن يشر الي الوقائع التي تهدره ، مما ينبئ عن اضطراب صورة الواقعة في ذهن المحكمة ، واطرح بما لا يسوغ دفعه بانتفاء اركان جريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين، ولم يورد مؤدي اقوال شهود الاثبات في بيان واف، واحال في بيان مؤدي اقوال شهود الاثبات من ضباط وأفراد الشرطة، الي ما اورده من اقوال شاهد الاثبات الاول ، وعول علي اقوال شهود الاثبات رغم عدم صحة تصويرهم للواقعة، وعدم معقوليتها ، واستحالة حدوثها ، والتراخي في الابلاغ ، وتناقضهم في شأن عدد المتهمين ، وعدد الاسلحة المستخدمة، وكيفية الاطلاق ، واتجاهه ومستواه ، وعدم تحديدهم محدث اصابة المجني عليه ، وكمية الذخيرة التي اطلقت ، كما ان اقوال سائق السيارة الاجرة امليت عليه ، وجاءت التحريات مجاملة للشرطة، ولم تتوصل الي محدث اصابة شقيق الطاعن التي أودت بحياته ، واستحالة الرؤيا لحدوث الواقعة ليلاً ، وعدم ضبطه علي مسرح الجريمة ، وتلفيق الاتهام ، والتناقض بين الدليلين القولي والفني في شأن عدد الطلقات التي اطلقت وما اسفر عنها من اصابات ، ومستوي الاطلاق والتفت دون رد عن دفعه بتوافر حالة الدفاع الشرعي بدلالة ان امر الضبط والاحضار لم يصدر له او لشقيقه الذي قتلته الشرطة اثناء الواقعة . ، ولم يشر الي اقوال شهود النفي ، ولم تجبه المحكمة لطلباته بمناقشة شهود الاثبات ، ونائب كبير الاطباء الشرعيين ، وامين الشرطة احمد صلاح في شأن تسليح افراد الشرطة ، وضم دفتر السلاح ، واجراء معاينة لمكان الحادث ، ودانه الحكم باحراز سلاح ناري مششخن بندقية آلية رغم عدم ضبط ذلك السلاح ، وعدم فحصه ، واعمل المادة ۱۷ من قانون العقوبات دون ان ينزل بالعقوبة الي القدر المقرر قانوناً بتلك المادة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي ، وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً ، أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة ، والظروف التي وقعت ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يكتف بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة خلافاً لما يقوله الطاعن، هذا فضلاً عن أن صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ويكفي في بيان الواقعة الإحالة إليها، فإن النعي في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها، واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع، والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ من أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوي واحاطت بالاتهام المسند إلى المتهم ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينه من أمرها، فإن مجادلتها في ذلك بدعوي اضطراب صورة الواقعة وعدم استقرارها في عقيدة المحكمة ينطوي على منازعة موضوعية مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه، أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة، وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها، ومن ثم فلا مصلحة فيما يثيره بشأن جريمة استعمال القوة مع موظف عام، ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة إحراز سلاح ناري مششخن "بندقية ألية،" وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد، هذا فضلاً عن أن الحكم قد عرض لدفع الطاعن بانتفاء أركان جريمة استعمال القوة في حقه، واطرحه برد كاف وسائغ يستقيم به ما خلص اليه من رفضه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة، واستقرت في وجدانها، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، ومن ثم فإن منعي الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها ، كما أن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ، مادام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجنى عليه وباقي شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع بأن أقوال سائق السيارة الاجرة امليت عليه؛ ومن ثم فلا يسوغ له إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات و اطرحه برد سائغ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة مادام أنها اطمأنت إلى جديتها ، وكان عدم توصل التحريات إلى محدث اصابة شقيق الطاعن التي أودت بحياته - بفرض حصول ذلك لا يقطع بذاته في عدم جدية التحري ، وإذ كان الحكم قد عول في إدانة الطاعن على أقوال شهود الاثبات ، والتي تأيدت بما دلت عليه تحريات الشرطة ، وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية ، وهي أدلة سائغة ة من شأنها أن تؤدي ما رتبه الحكم عليها ؛ فإن ما يثيره الطاعن من أن التحريات جاءت مجاملة للشرطة ، ولم تتوصل الي محدث اصابة شقيق الطاعن التي أودت بحياته لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها منها مما لا يجوز اثارته أمام محكمة النقض ، فضلاً أنه لا يبين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن دفع بعدم جدية التحريات على الأساس الذي يتحدث عنه بأسباب طعنه ، وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع بعدم جدية التحريات أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان الدفع باستحالة الرؤية، وعدم ضبط الطاعن على مسرح الجريمة، وتلفيق الاتهام لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل الرد يُستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية منه بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق ، وإذ كان الحكم المطعون فيه فيما أورده من دليل قولي لا يتعارض مع ما حصله من التقرير الفني بل يتلاءم معه فإن هذا حسبه كيما يستقيم قضاؤه بغير تناقض بين الدليلين ، ولا على المحكمة إن هي أعرضت عن مسايرة الدفاع في هذا الصدد ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، ولا عليها إن لم ترد عليه ما دام الدفع ظاهر البطلان .لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي ، وكانت الواقعة كما حصلها الحكم لا ترشح لقيام هذه الحالة ؛ فليس له - من بعد - النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها ، ولا يقبل منه التحدي بذاك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها، ومن ثم يكون هذا النعي غير قويم. لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ ۹/ ۱۲ / ۲۰۲۰ أن الدفاع مع الطاعن طلب على سبيل الاحتياط سماع أقوال شهود الاثبات الثاني والثالث والسابع والثامن والحادي عشر ، ونائب كبير الاطباء الشرعيين ، وامين الشرطة احمد صلاح في شأن تسليح افراد الشرطة ، وضم دفتر السلاح ، واجراء معاينة لمكان الحادث ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة طلب الدفاع أو الرد عليه إلا إذا كان طلباً جازماً ، أما الطلبات التى تبدى من باب الاحتياط ، فللمحكمة أن تطرحها دون أن تكون مطالبة بالرد عليها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في هذا الصدد . كما انه من المقرر أنه ، وإن كان الأصل أن الأحكام في المواد الجنائية إنما تُبنى على التحقيقات التي تجريها المحكمة في الجلسة وتسمع فيها الشهود الذين حدد الخصوم أسماءهم وبياناتهم ووجه الاستدلال بهم متى كان سماعهم ممكناً ، إلا أن المادتين ۲۷۷ ، ۲۸۹ من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلتين بالقانون رقم ۱۱ لسنة ۲۰۱۷ - المنشور بالجريدة الرسمية في ٢٧ من إبريل سنة ۲۰۱۷ ، والمعمول به من اليوم التالي لتاريخ نشره - تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع أي من الشهود وتلاوة أقواله بالتحقيقات إذا تعذر سماعه لأي سبب من الأسباب أو إذا قدرت عدم لزوم سماع شهادته على أن تُسبب ذلك في حكمها ، وكان من المقرر أنه لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات ، وأنها لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته مادام أن الواقعة قد وضحت لديها ، ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى ، وطالما أن استنادها إلى الرأي الذي انتهى إليه الخبير هو استناد سليم لا يُجافي المنطق أو القانون ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن بسماع اقوال بعض شهود الاثبات ، ونائب كبير الاطباء الشرعيين ، واطرحه في قوله " اما عن طلبات هيئة الدفاع الخاصة بإعادة سماع شهادة بعض الشهود ، وكذا شهادة نائب كبير الاطباء الشرعيين فان المحكمة قد اكتفت ، واطمأنت الي اقوال الشهود في تحقيقات النيابة العامة ، ولما جاء بتقرير الصفة التشريحية للمجني عليه فلا حاجة لها لإعادة سماع أقوالهم ، وتعتبر هذه الطلبات من باب التشكيك في الادلة التي ساقتها المحكمة سلفا اطمأنت اليها ، ومن ثم فان المحكمة لا تري موجبا لإجابته الي هذا الطلب ، وهي غير ملزمة لمسايرة الدفاع في كل اوجه طلباته" لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه رداً على طلب مناقشة بعض شهود الاثبات ، ونائب كبير الاطباء الشرعيين - على النحو آنف الذكر - ينهض كافياً مبرراً للالتفات عن هذين الطلبين ، فلا جناح على المحكمة إن هي لم تجب طلب الدفاع في هذا الشأن ما دامت أن الواقعة قد وضحت لديها - وفقا لما أفصحت عنه في حكمها - ولم تر هي من جانبها حاجه إلى اتخاذ هذا الإجراء ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ، ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود ، بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة ، فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ، وكان الثابت من أسباب الطعن أن طلبات مناقشة امين الشرطة احمد صلاح في شأن تسليح افراد الشرطة ، وضم دفتر السلاح ، واجراء معاينة لمكان الحادث لا تتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة . أو استحالة حصول الواقعة، وإنما الهدف منه مجرد التشكيك فيها، وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة، فلا عليها إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بدعوى الإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً. لما كان ذلك ، وكان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها ، إلا ما استثنى منها بنص خاص ، جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال ، وكانت جريمة إحراز السلاح المششخن التي دين بها الطاعن لا يشملها استثناء بأنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات ، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على نسبة هذه الجريمة للطاعن من أقوال شهود الإثبات ، ومما جاء بتقرير الصفة التشريحية ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من عدم ضبط السلاح ، وعدم فحصه فنياً لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل ، وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى ، واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة للجريمة التي انتهى الحكم إلى إدانة الطاعن بها هي السجن المؤبد، وذلك إعمالاً لنص المادة ٢٦ / ٣ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل، وكانت المادة ١٧ من قانون العقوبات التي أعملها الحكم المطعون فيه في حق الطاعن تتيح تبديل العقوبة المذكورة إلى عقوبة السجن المشدد أو السجن، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: بالنسبة للطعن المقدم من النيابة العامة
حيث ان النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه انه اذ دان المطعون ضده بجريمة احراز سلاح ناري مششخن "بندقية آلية" مما لا يجوز الترخيص بحيازته او احرازه بحسبانها الجريمة ذات العقوبة الأشد قد أخطأ في تطبيق القانون لإغفال القضاء بعقوبة الغرامة المقررة قانوناً لتلك الجريمة.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة المطعون ضده بجرائم احراز سلاح ناري مششخن "بندقية آلية" وذخائر مما تستعمل عليه حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته او احرازه ، واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق علي الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم، مع بلوغ مقصدهم من ذلك ، والضرب المفضي الي الموت ، والاتلاف العمدي ، وقضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس عشر عاماً إعمالاً لنص المادة ٣٢ من قانون العقوبات لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحراز "سلاح ناري مششخن " "بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص بها هي الجريمة الأشد ، وإذ كانت عقوبة هذه الجريمة هي السجن المؤبد وغرامة لا تجاوز عشرين ألف جنيه وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة ٢٦ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل في شأن الأسلحة والذخائر . لما كان ذلك، وكان مقتضى تطبيق المادة ۱۷ من قانون العقوبات جواز تبديل عقوبة السجن المؤبد بعقوبة السجن المشدد أو السجن - بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها - لما هو مقرر من أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها - إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة -. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل المادة ۱۷ من قانون العقوبات في حق المطعون ضده، ونزل بالعقوبة المقيدة للحرية من السجن المؤبد للسجن المشدد خمس عشر عاماً على نحو صحيح، إلا أنه قد أغفل القضاء بعقوبة الغرامة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، مما يتعين معه تصحيحه بتغريم المطعون ضده مبلغ عشرين ألف جنيه بالإضافة إلى عقوبة السجن المشدد لمدة خمس عشر عاماً المقضي بها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: - أولاً: بقبول طعن المحكوم عليه شكلاً، وفي الموضوع برفضه. ثانياً: بقبول طعن النيابة العامة شكلاً، وفي الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بتغريم المطعون ضده عشرين ألف جنيه بالإضافة إلى عقوبة السجن المشدد المقضي بها.

الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

الطعن 830 لسنة 3 ق جلسة 13 / 12 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 27 ص 344

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وحسن أبو علم ومحيى الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي المستشارين.

---------------

(27)

القضية رقم 830 لسنة 3 القضائية

(أ) موظف 

- موظفو مجلسي البرلمان - استقلال كل من مجلسي البرلمان بوضع ميزانيته والنظم الخاصة بموظفيه - عدم تدخل السلطة التنفيذية في ذلك - مرد هذا إلى أصل دستوري هو مبدأ الفصل بين السلطات.
(ب) ديوان الموظفين 

- اختصاصات ديوان الموظفين المنصوص عليها في القانون رقم 190 لسنة 1951 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1952 والمرسوم بقانون رقم 158 لسنة 1952 - المادة الثانية من القانون رقم 210 لسنة 1951 - نصها على تبعية مراقبي ومديري ورؤساء المستخدمين ووكلائهم بالوزارات والمصالح ما عدا ديوان المحاسبة لديوان الموظفين ودرج وظائفهم بميزانيته - مجال مباشرة اختصاصات ديوان الموظفين هو الوزارات والمصالح التي تقوم عليها السلطة التنفيذية - رؤساء المستخدمين ووكلاؤهم بمجلس البرلمان - لا يتبعون ديوان الموظفين بل يتبعون مجالسهم - لا يغير من ذلك حل البرلمان وإلغاء الدستور - نقل وظيفتي رئيس ووكيل المستخدمين بمجلس النواب إلى ديوان الموظفين لا ينتج أثره إلا من تاريخ نفاذه.

-----------------
1 – إن كان مجلس من مجلسي البرلمان مستقل استقلالاً تاماً بوضع ميزانيته والنظم الخاصة بموظفيه وبأموره الداخلية كافة دون تدخل من السلطة التنفيذية في شيء من ذلك, فلا تشترك الحكومة في وضع ميزانية المجالس ولا تقوم بمراجعتها, أو مراقبة أوجه الصرف, كما لا تتدخل في تعيين موظفي المجالس أو ترقيتهم أو منحهم العلاوات وما إليها, يستوي في ذلك أن تكون التعيينات أو الترقيات أو العلاوات عادية أو استثنائية, وكل هذا مرده إلى أصل دستوري عريق هو مبدأ الفصل بين السلطات؛ إذ لا ينبغي أن تكون السلطة التشريعية, وهي التي تمثل الأمة وتتولى الرقابة العامة على السلطة التنفيذية, خاضعة لأية رقابة أو هيمنة في شئونها الداخلية من سلطة أخرى, كما أن هذا الاستقلال شرط جوهري لازم لتأدية المجالس لوظيفتها التشريعية مستقلة عن أي مؤثر خارجي. ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 222 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب التي وافق عليها المجلس في 24 من نوفمبر سنة 1941 من أنه "يطبق المجلس على موظفيه ومستخدميه وخدمة فئات الكادر العام وأحكامه وقاعدة التي تسري على موظفي الحكومة الداخلين في هيئة العمال والخدم الخارجين عن هيئة العمال"؛ ذلك أن الأصل هو أن للمجلس أن يضع لموظفيه ما يناسبه من أنظمة, فإن ارتأى أن يطبق عليهم الأحكام العامة للكادر الحكومي وآثر أن تسير الأوضاع بالنسبة لموظفيه على نسق الأوضاع السائدة في الحكومة بدلاً من أن توضع لهم لوائح جديدة, فإن هذا لا يعني خضوع موظفيه لرقابة الحكومة أو خروجهم من سلطان المجلس, كما لا يتعارض مع استقلال المجلس بشئون موظفيه, حسبما سلف البيان.
2 - في 22 من أكتوبر سنة 1951 صدر القانون رقم 190 لسنة 1951 بإنشاء ديوان الموظفين, ثم عدل بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1952 ثم بالمرسوم بقانون رقم 158 لسنة 1952, وقد بينت المادة الثانية من القانون الأخير اختصاص الديوان كما يلي "أولاً - الإشراف على تنفيذ لوائح الموظفين. ثانياً - النظر في تحديد عدد الموظفين ودرجاتهم في الوزارات والمصالح العامة بقدر ما تقضي به ضرورة العمل. ثالثاً - وضع نظم الامتحانات اللازمة للتعيين في وظائف الحكومة ولتموين الموظفين. رابعاً - مراجعة مشروعات ميزانيات الوزارات والمصالح العامة والاعتمادات الأخرى فيما يختص بالوظائف عدداً ودرجة وغير ذلك من شئون الموظفين, وإبداء ما قد يكون لديه من ملاحظات عليها, فإذا لم يؤخذ بهذه الملاحظات وجب إبلاغ البرلمان بوجهة نظر الديوان. خامساً - اقتراح التشريعات الخاصة بالموظفين. وعلى وجه العموم يختص الديوان بالنظر في نظام العمل الحكومي ووضع الاقتراحات المؤدية لضمان سير الأعمال على وجه مرضي, وله في سبيل ذلك كله ندب من يرى ندبه من موظفيه لإجراء الأبحاث اللازمة في الوزارات والمصالح العامة وحق طلب البيانات التي يرى لزوم طلبها". ونصت المادة الأولى من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة على أن "يعمل في المسائل المتعلقة بنظام موظفي الدولة بالأحكام المرافقة لهذا القانون, وتسري أحكامه على موظفي وزارة الأوقاف والجامع الأزهر والمعاهد الدينية, ويلغي كل حكم يخالف هذه الأحكام", ونصت المادة الثانية على أن "يعمل به من أول يوليه سنة 1952", وقد نصت المادة الثالثة من الباب الأول من ذلك القانون على أن "يكون مراقبو ومديرو ورؤساء المستخدمين ووكلاؤهم بالوزارات والمصالح ما عدا ديوان المحاسبة تابعين لديوان الموظفين وتدرج وظائفهم بميزانيته". ويبين من مراجعة اختصاصات ديوان الموظفين المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 158 لسنة 1952 المشار إليه أنها تنصب أساساً على مراجعة ميزانيات الوزارات والمصالح فيما يختص بالموظفين عدداً ودرجة وتحديد عدد الموظفين ودرجاتهم بالوزارات والمصالح ثم الإشراف على تنفيذ لوائح الموظفين. وليس من شك في أن مجال مباشرة هذا الاختصاص - على ما هو ظاهر من صريح نص المادة الثانية سالفة الذكر - هو الوزارات والمصالح, وهي تقسيمات في بنيان السلطة التنفيذية, أو هي مسميات تطابق المرافق العامة التي تقوم عليها السلطة التنفيذية؛ ومن ثم لا يمتد اختصاص الديوان إلى مجلسي البرلمان؛ ذلك أنه فضلاً عن أن هذه المجالس النيابية لا تعتبر من الوزارات والمصالح, فإنها - كما سلف البيان - تستقل بوضع ميزانياتها وبشئون موظفيها عامة, مما يتنافى معه إيجاد رقابة أو إشراف عليها في هذه الشئون من أي سلطة أخرى. وما دام الأمر كما ذكر وكان مراقبو ومديرو ورؤساء المستخدمين ووكلاؤهم هم عمال ديوان الموظفين في الإشراف على تنفيذ لوائح الموظفين, فلا وجه - والحالة هذه - لأن يتبع رؤساء المستخدمين ووكلاؤهم بمجلسي البرلمان ديوان الموظفين, بل يظلون تابعين لمجالسهم صاحبة الولاية عليهم, ولم يغير حل المجلسين وإلغاء الدستور من ذلك الأمر شيئاً؛ وآية ذلك أنه على إثر حل مجلسي البرلمان صدر قرار من مجلس الوزراء في 17 من ديسمبر سنة 1952 بإلحاق سكرتيرتي مجلس الشيوخ والنواب برياسة مجلس الوزراء, على أن يكون رئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء هما الجهة التي تتولى بالنسبة لشئونهما السلطات التي كانت مخولة لرئيس وهيئة مكتب كل منهما. وظاهر من هذا القرار أنه احتفظ لسكرتيرتي المجلسين باستقلالهما وكيانهما القانوني السابق, فهو لم يدمجهما في سكرتيرية مجلس الوزراء أو ينقلهما إليها أو إلى أية وزارة أو جهة أخرى, وإنما نظم الجهة الرياسية لهما فأصبحت رئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء بدلاً من رئيس المجلس أو هيئة المكتب؛ ويؤكد هذا النظر أن السيد وزير الدولة الذي عهد إليه رئيس مجلس الوزراء بتولي السلطة المخولة له في شئون موظفي سكرتيرتي المجلسين أصدر في 29 من يوليه سنة 1953 قرارين: الأول رقم 1676 بتقسيم الوظائف الداخلة في الهيئة بسكرتيرية مجلس النواب, والثاني رقم 1677 بتوزيع موظفي سكرتيرية المجلس على فئات الكادر المختلفة الداخلة في الهيئة محتفظاً بتقسيم الوظائف ومسمياتها طبقاً لما كان متبعاً قبل حل المجلس: مثال ذلك أنه احتفظ بوظائف السكرتير العام للمجلس ومدير الإدارة التشريعية ومدير إدارة المراقبة ثم بوظائف مديري ووكلاء أقسام ورؤساء فرق وسكرتير ولجان وأعضاء فرق, وهي الوظائف التي تتفق وأعمال المجلس, أي أنه - على ما سبق القول - احتفظ بالكيان والوضع القانوني لسكرتيرية المجلس. ويجلو ذلك أيضاً المناقشات التي دارت في مجلس الشيوخ بجلسته المنعقدة في 15 من أكتوبر سنة 1951 في صدد ما أدخل من تعديل على المادة الثالثة من قانون نظام موظفي الدولة, فقد كان نص المادة الثالثة في أول الأمر يجري كما يلي "يكون مراقبو ومديرو ورؤساء المستخدمين ووكلاؤهم بالوزارات والمصالح تابعين لديوان الموظفين وتدرج وظائفهم بميزانيته". فقدم أحد حضرات الشيوخ اقتراحاً بأن يعدل نص المادة الثالثة على النحو التالي "يكون مراقبو ومديرو ورؤساء المستخدمين ووكلاؤهم بالوزارات والمصالح, ما عدا ديوان المحاسبة, تابعين لديوان الموظفين وتدرج وظائفهم بميزانيته"، وقال إن هذا التعديل هو "تحقيق للتنسيق بين التشريعات القائمة, فقد سبق للبرلمان - تحقيقاً لاستقلال ديوان المحاسبة - أن جعل شأن موظفيه خاضعاً لرئيس الديوان ولجنة عليا, فإذا ما أتبعنا مدير الحسابات لديوان المحاسبة ووكيله لديوان الموظفين تعارض هذا مع فكرة الاستقلال الممنوحة لديوان المحاسبة بمقتضى قانون قائم". وقد عقب أحد حضرات الشيوخ على ذلك بقوله "إن مجلس الشيوخ ومجلس النواب وديوان جلالة الملك مستقلة كذلك تمام الاستقلال", فرد صاحب الاقتراح "سنجدها مستثناة فيما بعد". وقد وافق المجلس على هذا التعديل, ثم وردت بعد ذلك المادتان 132 و133 وتضمنت أولاهما أن أحكام هذا القانون تسري على موظفي ومستخدمي الحاشية الملكية المدنيين بغير مساس بالأحكام والقواعد المعمول بها الآن في شأن تعيينهم وترقيتهم وعلاواتهم ويطبق بالنسبة للموظفين منهم في شأن التأديب أحكام المرسوم الصادر في 28 من يونيه سنة 1922, وفي الأحوال التي تطبق فيها أحكام هذا القانون على الوجه المتقدم يكون لرئيس ديوان جلالة الملك ولوكيل هذا الديوان السلطة والاختصاصات المقررة في هذا القانون للوزير ولوكيل الوزارة على التوالي", وتضمنت المادة الثانية أن "يكون لمجلس الأوقاف الأعلى ولمجلس الأزهر الأعلى وللجنة العليا بديوان المحاسبة كل فيما يخصه الاختصاصات والسلطات الممنوحة لمجلس الوزراء بمقتضى هذا القانون, مع مراعاة اتباع ما يقضي به من اختصاص لوزارة المالية والاقتصاد ولديوان الموظفين في تلك الأحوال, ويكون لشيخ الجامع الأزهر والوكيل الاختصاصات والسلطات الممنوحة بهذا القانون للوزير ولوكيل الوزارة كل فيما يخصه". وظاهر مما تقدم أن البرلمان بمجلسيه اعتبر استقلال موظفيه عن رقابة ديوان الموظفين أمراً مفروغاً منه, فلم يثر في شأنه أي شبهة أو جدل, وإنما ثار ذلك حول ديوان المحاسبة فلزم النص على استثنائه بحكم استقلاله عن السلطة التنفيذية. أما بالنسبة لما تم أخيراً من نقل وظيفتي رئيس ووكيل المستخدمين بمجلس النواب إلى ديوان الموظفين فإنه لما سبق تفصيله لا ينتج أثره إلا من تاريخ نفاذه.


إجراءات الطعن

في 19 من يوليه سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 25 من أبريل سنة 1957 في الدعوى رقم 2036 لسنة 2 القضائية المرفوعة من وزارة المالية والاقتصاد ضد نجيب العشري, الذي قضى "بقبول الاستئناف شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف, وبعدم قبول الدعوى, وبإلزام المدعى عليه بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء الحكم المستأنف, وبعدم قبول الدعوى, وإلزام المدعى عليه بالمصروفات, والقضاء بتعديل حكم المحكمة الإدارية إلى أحقية المدعي في رد أقدميته في الدرجة الرابعة إلى 27 من يونيه سنة 1953 تاريخ صدور القرار المطعون فيه, وما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 14 من أكتوبر سنة 1957. وللخصم في 16 منه, وعين لنظره جلسة أول نوفمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات, ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه في 12 من يناير سنة 1954 قدم السيد/ نجيب العشري تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارة المالية وديوان الموظفين ضد ديوان الموظفين قيد برقم 771 لسنة 2 القضائية طلب فيه إلغاء قرار الديوان الصادر في 27 من يونيه سنة 1953 بترقية السيدين مصطفى علي حسن وأحمد لطفي السيد إلى الدرجة الرابعة وأحقية المتظلم في هذه الترقية اعتباراً من هذا التاريخ وما يترتب على ذلك من آثار, وقال في بيان ذلك إن المادة الثالثة من القانون رقم 210 لسنة 1951 قضت بأن يكون رؤساء ووكلاء المستخدمين بالمصالح عدا ديوان المحاسبة تابعين لديوان الموظفين من أول يوليه سنة 1952 بدء السنة المالية. ولما كان المتظلم يشغل وظيفة وكيل قلم المستخدمين بسكرتيرية مجلس النواب فهو يتبع ديوان الموظفين بقوة القانون اعتباراً من أول يوليه سنة 1952, وتسري على حالته أقدمية الديوان في الكادر الإداري الخاص بالمصالح, وفي 27 من يونيه سنة 1953 رقي السيدان مصطفى علي حسن وأحمد لطفي السيد وكانا يليان المتظلم في الأقدمية؛ إذ ترجع أقدمية أولهما في الدرجة الخامسة إلى 31 من أغسطس سنة 1950, وثانيهما إلى أول نوفمبر سنة 1950, بينما ترجع أقدمية المتظلم في تلك الدرجة إلى 16 من أغسطس سنة 1950, ولما كان يعلم علم اليقين بقرار الترقية سالف الذكر إلا في تاريخ تقديمه التظلم فإنه يبادر إلى التظلم طالباً إلغاء القرار المذكور وأحقيته في الترقية من تاريخ صدور القرار. وقد رد ديوان الموظفين على التظلم, فدفع: أولاً - بعدم اختصاص اللجنة القضائية لوزارة المالية والاقتصاد بنظر التظلم لرفعه على غير ذي صفة لانتفاء العلاقة بين المتظلم والديوان؛ إذ أنه كان وما زال تابعاً لمجلس النواب, ولم يتبع الديوان وقت نشأة النزاع ونظره, ثم دفع الديوان بعدم قبول التظلم لرفعه بعد الميعاد؛ ذلك أن حركة الترقيات المطعون فيها اعتمدها رئيس الديوان في 27 من يونيه سنة 1953, وأعلنت في نشرة رسمية بالديوان في 30 من يونيه سنة 1953, وعلقت في لوحة الإعلانات المعدة لذلك في 7 من يوليه سنة 1953, واستمر إعلانها باللوحة حتى 5 من أغسطس سنة 1953, ولما كان المتظلم لم يتقدم إلى اللجنة القضائية بتظلمه إلا في 12 من يناير سنة 1954, أي بعد انقضاء أكثر من ستة أشهر على تاريخ نشر القرار؛ من ثم يكون التظلم قد رفع بعد الميعاد. وفي الموضوع رد الديوان بأن المادة الثالثة من القانون رقم 210 لسنة 1951 تقضي بأن يكون مراقبو ومديرو ورؤساء المستخدمين ووكلاؤهم بالوزارات والمصالح ما عدا ديوان المحاسبة تابعين لديوان الموظفين, ولما كان البرلمان بمجلسيه ليس بوزارة أو مصلحة, بل هو هيئة تشريعية أوجدها الدستور الملغي؛ لها نظمها الخاصة؛ فمن ثم لا يعتبر المتظلم تابعاً لديوان الموظفين, كما لم يصدر قرار إداري يحدد علاقته به, وليست له أقدمية في سجلات الديوان, بل إن أقدميته مرتبة فعلاً في سجلات مجلس النواب, وتتقرر حقوقه في إجراء حركات الترقيات بين موظفي هذه الهيئة؛ يؤيد ذلك أنه رقي فعلاً إلى الدرجة الرابعة بحركة الترقيات التي أجريت بمجلس النواب في 29 من أبريل سنة 1954. وخلص الديوان من ذلك إلى أن التظلم قائم على غير أساس سليم من القانون. ورد المدعي على دفاع الديوان بمذكرة قال فيها: إنه بالنسبة لما دفع به الديوان من عدم قبول الدعوى فإن المادة 138 من القانون رقم 210 لسنة 1951 تحكم كيفية إخطار الموظفين بالقرارات, فقضت بنشرها في نشرة رسمية توزع على الجهات المختصة ليعلم بها الفريق الذي يزاول عمله خارج مبنى الوزارة أو المصلحة, كما قضت بتعليق هذه القرارات في لوحة لإخطار فريق موظفي الديوان العام, ولما كان المدعي من الفريق الأول فإنه يتحدى الديوان أن يثبت أنه قام بتوزيع نشرة تتضمن القرار المطعون فيه إلى الجهات المختصة, ومنها إدارة المستخدمين بسكرتيرية مجلس النواب, ثم قال المدعي بعد ذلك بالنسبة للموضوع: إن الهيئة التشريعية التي يتحدث عنها الديوان هي الهيئة النيابية وتشمل الشيوخ والنواب, أما السكرتيرية فشيء أخر يتكون من موظفين حكوميين مثلهم كمثل سكرتيرية مجلس الوزراء, على أن تبعية المدعي للديوان كانت محل بحث شعبة الشئون الداخلية والسياسية, وقد أفتت بتبعيته للديوان. وقد استطلع المجلس رأي الديوان في التبعية, فأرسل الديوان صورة فتوى الشعبة, فوافق المجلس على تبعيته للديوان, وأما ما يتعلل به الديوان من أن درجته لم تنقل إليه, ولم يصدر قرار إداري بتبعيته للديوان, كما أنه ليس له أقدمية في سجلات الديوان, ففضلاً عن أن في هذا القول اعترافاً من الديوان بتقصيره في مدى تعرفه على الموظفين التابعين له, فإنه سبق أن تعلل بأمثال هذه العلل في تظلمات سابقة أمام اللجنة القضائية, وقد قضت برفضها, وأيدتها الشعبة المختصة في ذلك, وأما عن ترقية المدعي بمجلس النواب, فيقول: إن هذه الترقية تمت قبل أن يبت الديوان في أمر تبعيته له, ثم صمم المدعي على طلباته. وبجلسة 16 من فبراير سنة 1955 حكمت المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين "برفض الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم القبول, وإلغاء القرار الصادر في 27 من يونيه سنة 1953 بترقية السيدين مصطفى علي حسن وأحمد لطفي السيد فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الرابعة, مع ما يترتب على ذلك من آثار", وقد قررت المحكمة فيما يتعلق بالدفع بعدم الاختصاص ضمه إلى الموضوع لارتباطه به, وقالت بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى: "إن الديوان لا ينكر أنه لم يرسل نشرة بالقرار المطعون فيه إلى إدارة المستخدمين لمجلس النواب باعتبار أن هذه الإدارة غير تابعة له"؛ ومن ثم "فيكون المدعي على غير علم بالقرار المطعون فيه, ويكون دفع الديوان بعدم قبول الدعوى على غير أساس سليم من القانون...". وبالنسبة للموضوع قالت المحكمة: "إن موظفي البرلمان سواء قبل إلغاء الدستور أو بعده موظفون عموميون, فهم لذلك يخضعون من حيث تعيينهم وترقياتهم وأجازاتهم وتأديبهم لما يخضع له سائر موظفي الدولة, وتسري في شأنهم كافة القواعد التنظيمية لعلاقة الدولة بموظفيها. وتفريعاً على ما تقدم فإنه كلما عن للدولة تحقيقاً للصالح العام أن تغير من القواعد التي تنظم علاقاتها بموظفيها, وأنفذت ذلك, سرت هذه القواعد الجديدة من تلقاء نفسها على موظفي البرلمان, فإذا رؤى أنه من الصالح العام تتبع رؤساء ووكلاء المستخدمين بالوزارات والمصالح لديوان الموظفين, ونص القانون رقم 210 لسنة 1951 على ذلك في مادته الثالثة, فإنه ينبغي تتبع مثل هؤلاء الموظفين بمكتب مجلسي البرلمان لديوان الموظفين ودرج وظائفهم بميزانيته". وأن مفهوم المادة الثالثة من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تقضي بتتبع مراقبي ومديري ورؤساء المستخدمين ووكلاؤهم بالوزارات والمصالح ما عدا ديوان المحاسبة لديوان الموظفين "أن هؤلاء الموظفين يتبعون إلى الديوان بمقتضى القانون, أي من أول يوليه سنة 1952, ولا عبرة بنقل درجاتهم في الميزانية؛ لأن هذا النقل يعتبر عملاً إدارياً لا يستطيع أن يخالف أحكام قانون قائم, وكان يجب على الديوان أن يدرج وظفيه المدعي في ميزانيته تنفيذاً للقانون"؛ ومن ثم "فإن إغفال ترقية المدعي في القرار المطعون فيه إنما كان بسبب خطأ الديوان الناتج من عدم نقل درجته مما يعيب القرار المطعون فيه ويبطله لمخالفته للقانون". ولما كان "الديوان لم ينكر على المدعي أقدميته وأنه يسبق المطعون في ترقيتهما", ولما كان "المدعي قد رقى إلى الدرجة الرابعة في 29 من أبريل سنة 1954", فإن دعواه "تكون قائمة على أساس سليم من القانون متعيناً قبولها". وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 3 من مايو سنة 1955 طعنت الحكومة في حكم المحكمة الإدارية سالف الذكر طالبة إلغاءه للأسباب التي وردت بدفاع ديوان الموظفين حسبما سلف البيان. وبجلسة 25 من أبريل سنة 1957 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف, وبعدم قبول الدعوى, وبإلزام المدعي بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد على "أن النشر بالصورة التي تم بها لا يدخل في عداد النشر الذي قصدته المادة 12 من القانون رقم 9 لسنة 1949 الخاص بمجلس الدولة؛ ومن ثم لا يجري من تاريخه العلم الذي يبدأ منه ميعاد الطعن وذلك حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة؛ ومن ثم يكون هذا الدفع غير صائب, ويكون رفض الدفع من جانب المحكمة الإدارية في محله متعيناً تأييده". وبالنسبة للموضوع على أنه "من المسلم به في هذه الدعوى أنه طبقاً للائحة الداخلية لمجلس النواب كان يطبق على موظفيه ومستخدميه وخدمة فئات الكادر العام وأحكامه وقواعده التي تسري على موظفي الحكومة الداخلين في هيئة العمال والخدمة الخارجين عن هيئة العمال, ولم يكن سريان الكادر العام على موظفي مجلس النواب وغيرهم ممن سبق ذكرهم مصدره الكادر العام بل كان طبقاً لما تقرر في اللائحة الداخلية لمجلس النواب؛ الأمر الذي يستشف منه مراعاة مبدأ فصل السلطات بعدم تدخل السلطة التنفيذية في أعمال السلطة التشريعية والتي من أجلها قضت المادة 119 من الدستور الملغي بأن يضع كل مجلس لائحته الداخلية مبيناً فيها طريقة السير في تأدية أعماله", وأن المادة الثالثة من القانون رقم 210 لسنة 1951 "قد خلت من النص على موظفي البرلمان؛ ومن ثم فإنه لا تسري نصوصه على موظفي البرلمان مع قيام المادة 119 من الدستور المغلي وقت العمل بهذا القانون, وإنما تسري عليهم ما نصت عليه اللائحة الداخلية صراحة أو بطريق الإحالة", وأنه "يبدو من طبيعة إنشاء ديوان الموظفين إلحاقه بوزارة المالية ثم تحديد اختصاصه بما سبق, وأنه لا اختصاص له في شئون موظفي البرلمان طبقاً للدستور الملغي, كما لا يكون له اختصاص في شئون مجلس الأمة الذي يضع لائحته الداخلية لتنظيم كيفية أداء أعماله طبقاً لحكم المادة 86 من دستور الجمهورية المصرية, والقول بعكس هذا معناه تدخل السلطة التنفيذية في شئون السلطة التشريعية بقدر ما, ولا يعقل ألا تسري أحكام المادة 3 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على ديوان المحاسبة مع سريانها على مجلسي البرلمان قبل سقوط دستور سنة 1923 , وعلى مجلس الأمة بعد صدور دستور الجمهورية المصرية", وأن "المادة 3 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وقد نصت على الوزارات والمصالح فإنها لا تسري على البرلمان أو مجلس الأمة مهما اتسع مدى لفظها, وسقوط البرلمان بسقوط دستور سنة 1923 قد استدعى - علاجاً لهذا الوضع - صدور قرار مجلسي الوزراء في 17 من ديسمبر سنة 1952 بإلحاق سكرتيرتي مجلس الشيوخ والنواب برياسة مجلس الوزراء, على أن يكون رئيس مجلس الوزراء الجهة التي تتولى بالنسبة لشئونهما السلطات التي كانت مخولة أصلاً لرئيس وهيئة مكتب كل منهما, ولا يجوز أن يفسر قرار مجلس الوزراء المشار إليه بأكثر مما ورد فيه, ويتمشى هذا القرار مع المادة 9 من الإعلان الدستوري الصادر في 10 من فبراير سنة 1953 التي قضت بأن يتولى مجلس الوزراء سلطته التشريعية", وأن "النظر المتقدم ذكره قد تأيد بما اتخذ فعلاً من إجراءات؛ حيث رقى المدعي إلى الدرجة الرابعة الإدارية بالقرار رقم 1728 الصادر في 29 من أبريل سنة 1954 من وزير الدولة, ومن أن درجتي مدير المستخدمين ووكيله بكل من مجلسي الشيوخ والنواب قد طلب نقلهما إلى ميزانية الديوان اعتباراً من السنة المالية 1954/ 1955 ولم ينقلا من قبل ولم يكونا من درجات ديوان الموظفين في وقت صدور القرار المطعون فيه, وليس في هذا النقل اللاحق مهما كان سنده ما يؤثر على ما تره هذه المحكمة فيما سبق تفصيله, وأنه لذلك يكون طعن المدعي في قرار الترقية المطعون فيه غير مقبول لانعدام المصلحة الشخصية, ويتعين قبول الاستئناف شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف, وعدم قبول دعوى المستأنف ضده لانعدام المصلحة...".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه يبين من الاطلاع على نص المادتين 1 و131 من قانون موظفي الدولة أنه صدر ليسري على موظفي ومستخدمي الحكومة المركزية المدنيين الذين لم يصدر بقواعد توظيفهم قوانين خاصة, أي موظفي ومستخدمي السلطة التنفيذية المركزية؛ وعلى ذلك فهو لا يسري من تلقاء نفسه على موظفي ومستخدمي البرلمان؛ لأن هؤلاء وإن كانوا موظفين عموميين بالمعنى الواسع إلا أنهم ليسوا من موظفي ومستخدمي السلطة التنفيذية, بل هم من موظفي ومستخدمي السلطة التشريعية, كما يبين من الرجوع إلى نص المادة 3 من القانون المشار إليه أنه صريح في أن يكون تتبع مراقبي ومديري ورؤساء المستخدمين ووكلائهم لديوان الموظفين بالوزارات والمصالح, أي بالسلطة التنفيذية؛ وعلى ذلك فلا يسري النص من تلقاء نفسه على رؤساء المستخدمين بالسلطة التشريعية, غير أن المادة 222 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب نصت على أن "يطبق المجلس على موظفيه ومستخدميه وخدمة فئات الكادر العام وأحكامه وقواعده التي تسري على موظفي الحكومة الداخلين في هيئة العمال والخدمة الخارجين عن الهيئة", وقد جاء هذا النص مطلقاً وعاماً؛ وعلى هذا فإنه يسري على رؤساء المستخدمين بالسلطة التشريعية نص المادة الثالثة سالفة الذكر بحسبان أنها من الأحكام العامة لموظفي السلطة التنفيذية والتي تسري على موظفي السلطة التشريعية. ولا يرد على ذلك بأن هذه الإحالة إنما هي قاصرة على القواعد والأحكام العامة لقانون التوظف؛ ذلك لأن نص المادة الثالثة هو من بين الضمانات المرتبطة بأحكام قانون التوظف ارتباطاً وثيقاً, كما لا تعارض بين مبدأ فصل السلطات وسريان حكم المادة الثالثة من قانون التوظف على رؤساء المستخدمين بالبرلمان ؛ ذلك لأنه ليس المقصود من هذا فصل السلطات فصلاً تاماً, إنما يتضمن الفصل تعاون السلطات الثلاث على القيام بالأعمال الداخلة في اختصاص كل واحدة منها في حدود الدستور والقانون وعدم اعتداء كل سلطة على حقوق الأخرى المقررة دستورياً, وظاهر أنه لا يخل بمبدأ الفصل بين السلطات المشرب بروح التعاون تقرير تبعية رؤساء المستخدمين بالبرلمان لديوان الموظفين, حتى يسري على موظفيه كافة الأحكام المقررة لموظفي السلطة التنفيذية. ووفقاً لما تقدم فإن المطعون ضده هو موظف عمومي تابع لسلطة التشريعية ويسري عليه نص المادة الثالثة من قانون التوظف بالإحالة بمقتضى المادة 222 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب بوصفه وكيلاً لمستخدمي سكرتيرية هذا المجلس؛ الأمر الذي يترتب عليه تبعيته لديوان الموظفين, ونقله إليه بقوة القانون اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 تاريخ نفاذ قانون التوظف, ومتى كان من المسلم أن المطعون ضده سابق في الأقدمية على المطعون في ترقيتهما, وأن التخطي كان مرجعه خطأ قانونياً وقع فيه الديوان, فإن قرار الترقية الصدر في 27 من يونيه سنة 1953 - والحالة هذه - يكون قد وقع باطلاً فيما تضمنه من تخطي المطعون ضده في الترقية إلى الدرجة الرابعة وما يترتب على ذلك من آثار. ولما كان المطعون ضده قد رقي إلى الدرجة الرابعة بحركة الترقيات التي أجريت بمجلس النواب في 29 من أبريل سنة 1954 فإنه يكون مستحقاً لرد أقدميته في هذه الدرجة إلى 27 من يونيه سنة 1953 تاريخ صدور القرار المطعون فيه. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب, فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه حصل على شهادة الدراسة الثانوية القسم الأول سنة 1921, وعين بمجلس النواب بوظيفة كاتب بقلم النسخ بمرتب شهري قدره ثمانية جنيهات واعتباراً من 6 من يوليه سنة 1930. في 30 من نوفمبر سنة 1932 أصدر السيد رئيس مجلس النواب - بعد اطلاعه على المادة 144 من القانون رقم 88 لسنة 1931 الخاص بالنظام الداخلي للبرلمان وعلى قرار الهيئة المشكلة من مكتب المجلس ولجنة المحاسبة بجلستها المنعقدة في 28 من نوفمبر سنة 1932 - قراراً بتعيين المدعي وآخرين في الدرجات الثامنة الخالية داخل هيئة العمال بصفة استثنائية, كما أصدر رئيس المجلس قراراً آخر في 6 من فبراير سنة 1933 بإعفائهم من الكشف الطبي بصفة استثنائية, وعلى أن تعتبر ترقيتهم ابتداء من أول مايو سنة 1932, مع صرف علاوة الترقية لهم من هذا التاريخ. وفي مارس سنة 1933 نقل المدعي إلى وزارة الداخلية ثم أعيد إلى المجلس مرة أخرى اعتباراً من 27 من يوليه سنة 1936. وفي 19 من يوليه سنة 1939 أصدر رئيس مجلس النواب - بعد اطلاعه على قرار مجلس النواب الصادر في 2 من أغسطس سنة 1926 والقاضي باستقلال المجلس بجميع شئونه وعلى قرار هيئة مكتب المجلس - قراراً بترقية المدعي وآخرين إلى الدرجة السابعة بصفة استثنائية اعتباراً من 19 من يوليه سنة 1939, ثم رقى إلى الدرجة السادسة اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1945 وإلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 16 من أغسطس سنة 1950, وبعد أن حل مجلسا البرلمان وألغي دستور سنة 1923 صدر قرار من مجلس الوزراء في 17 من ديسمبر سنة 1952 بإلحاق سكرتيرتي مجلسي الشيوخ والنواب برياسة مجلس الوزراء, على أن يكون رئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء هما الجهة التي تتولى بالنسبة لشئونهما السلطات التي كانت مخولة لرئيس وهيئة مكتب كل منهما. ومنذ ذلك الحين كانت القرارات الخاصة بشئون موظفي المجلسين تصدر من السيد نائب رئيس مجلس الوزراء. وفي 28 من يونيه سنة 1953 أصدر السيد رئيس مجلس الوزراء قراراً بأن يعهد إلى السيد وزير الدولة بتولي السلطة المخولة في شئون موظفي سكرتيرتي مجلسي الشيوخ والنواب, واستناداً إلى هذا التفويض أصدر السيد وزير الدولة القرار رقم 1677 في 29 من يوليه سنة 1953 بتوزيع موظفي سكرتيرية مجلس النواب على فئات الكادر المختلفة الداخلة في الهيئة بحسب البيان المرافق لهذا القرار، فوضع المدعي في إحدى الدرجات الخامسة الإدارية التي انتظمت وظائف "مساعدو سكرتيري لجان وأعضاء فرق ومراجعون ورؤساء ووكلاء أقسام وموظفون". وفي 29 من أبريل سنة 1954 أصدر السيد وزير الدولة القرار رقم 1728 متضمناً حركة ترقيات بمجلس النواب رقى فيها المدعي إلى الدرجة الرابعة الإدارية اعتباراً من أول مايو سنة 1954. وفي 28 من أبريل سنة 1954 أرسل السيد رئيس ديوان الموظفين إلى السيد وزير الدولة المشرف على موظفي مجلس النواب كتاباً جاء به ما يأتي: "أتشرف بالإحاطة بأن المادة الثالثة من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تقضي بتتبع مراقبي ومديري ورؤساء المستخدمين ووكلائهم بالوزارات والمصالح, ما عدا ديوان المحاسبة, لديوان الموظفين؛ لذلك نرجو التكرم بالتنبيه إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتخصيص وظائف لمدير المستخدمين ووكيله بكل من مجلسي الشيوخ والنواب ونقل درجاتهم إلى ميزانية الديوان اعتباراً من ميزانية السنة المالية المقبلة 1954/ 1955, هذا ونرجو موافاة الديوان بأسماء الشاغلين للوظائف سالفة الذكر وملفات خدمتهم للاطلاع عليها". فرد السيد وزير الدولة على ذلك بأن "وظيفتي مدير المستخدمين ووكيله يشغلهما بسكرتيرية مجلس النواب السيدان أحمد عبد الفتاح نصير ونجيب العشري وهما من موظفي الدرجة الرابعة, وسيعمل المجلس على استبعاد درجتي هاتين الوظيفتين من ميزانية المجلس عن السنة المالية المقبلة..". اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1956 نقل المدعي وكيلاً لمستخدمي مصلحة الأرصاد الجوية, فمديراً لمستخدمي مصلحة طب العيون اعتباراً من 15 من نوفمبر سنة 1956, ثم رقى إلى الدرجة الثالثة اعتباراً من أول يوليه سنة 1958, ثم أحيل إلى المعاش اعتباراً من 17 من أكتوبر سنة 1958 لبلوغه سن القانونية.
ومن حيث إن المادة 119 من دستور سنة 1923 الملغي كانت تنص على أن "يضع كل مجلس لائحته الداخلية مبيناً فيها طريقة السير في تأدية أعماله", وقد نصت المادة 144 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب التي وضعت سنة 1924 على أن "يقوم المراقبون بتحضير ميزانية المجلس وتتولى لجنة المحاسبة درسها وفحص أقلامها وكتابة بيان بنتيجة أعمالها ترفعه للمجلس", ونصت المادة 145 على أن "يتولى الصرف المراقب الذي يندبه مكتب المجلس لذلك وتبين لائحة الإدارة الداخلية الأوضاع والشروط التي يجب استيفاؤها لإمكان الصرف", ونصت المادة 146 على أن "يقدم المراقبون في آخر كل سنة مالية حسابها الختامي إلى لجنة المحاسبة لفحصه ومراجعته ورفع تقرير للمجلس عنه", كما نصت المادة 159 من اللائحة المذكورة على أن "يضع مكتب المجلس لائحة للإدارة الداخلية لتقرير القواعد الواجب اتباعها في تعيين الموظفين والخدمة وتحديد مرتباتهم وترقيتهم وتأديبهم وعزلهم وتقاعدهم وإقالتهم من الخدمة ونحو ذلك...". وفي 29 من يونيه سنة 1926 رفع مراقبو مجلس النواب مذكرة إلى هيئة المكتب جاء بها ما يأتي. "1 - مبدأ فصل السلطات أولاً, وحق السلطة التشريعية في الإشراف على السلطة التنفيذية ثانياً، - يستلزمان استقلال كل من مجلسي البرلمان بجميع شئونه الداخلية بحيث لا يجوز أن يكون لأية سلطة خارجية عنه حق التدخل في هذه الشئون أو الرقابة عليها. 2 - وقد أخذت اللائحة الداخلية لمجلس النواب بهذا المبدأ فنصت: (أولاً) في المادة 159 على حق المجلس في وضع لائحة خاصة لإدارته الداخلية تتضمن القواعد الواجب اتباعها في معاملة موظفيه, (ثانياً) في المادتين 145 و146 على استقلاله في شئون ميزانيته وحسابه الختامي. 3 - ولم يكن بد من أن تسلم الحكومة بهذا المبدأ, وهو ما فعلته في جلسة 10 من يوليه سنة 1924؛ إذ صرحت بأنها لا تمانع في أن يكون لكل من المجلسين حق وضع ميزانيته الخاصة, وإذا كان المجلس قد قبل بهذه المناسبة أن يطبق لوائح الحكومة على حساباته وموظفيه, فالمفهوم أنه فعل ذلك على أن يستقل هو بتطبيق تلك اللوائح على شئونه بلا تدخل في ذلك من أية سلطة أخرى. 4 - إذا تقرر مبدأ استقلال المجلس بشئونه العامة, وهو ما لا سبيل إلى الشك فيه, فإننا نقترح لتمام تحقيقه وتطبيقه ما يأتي: (أولاً) فيما يختص بالصرف ومسك الحسابات يقرر المجلس صراحة أنه في هذه الشئون غير خاضع لأية رقابة أو مراجعة من قبل سلطة أخرى, وأنه بناء على ذلك عول على مسك حساباته بنفسه, وأن أذونات الصرف الموقع عليها من أحد المراقبين والسكرتير العام تعتبر معتمدة مراجعة فتصرف بغير مراجعة جديدة ما دامت لم تتجاوز الاعتماد الخاص بالمجلس في الميزانية (ثانياً) فيما يختص بالموظفين يخول مكتب المجلس سلطة معاملتهم طبقاً للوائح الحكومة على أن يكون له حق الاستثناء, وهذا هو المعمول به في البرلمانات الأجنبية والذي أقره مجلس الشيوخ عندنا في جلسة 16 من يونيه سنة 1926. هذه هي المسائل التي رأينا من واجبنا - لحسن سير العمل - أن نعرضها على هيئة مكتب المجلس رجاء النظر فيها وإجراء اللازم نحوها". وقد وافق مكتب المجلس على هذه المذكرة بجلسته المنعقدة في يوم 28 من يوليه سنة 1926, على أن ترفع لهيئة مجلس النواب ليقرر بشأنها ما يراه. ووافق مجلس النواب بجلسته المنعقدة في يوم الاثنين 2 من أغسطس سنة 1926 بالإجماع على تلك المذكرة. وقد اتخذ مجلس الشيوخ قراراً مماثلاً بجلسته المنعقدة في 15 من يونيه سنة 1926 حين وافق على الاقتراح التالي "يقرر المجلس أنه متمسك باستقلاله استقلالاً تاماً عن مصالح الحكومة في إدارة شئونه عامة, وأنه هو الذي يتولى إدارة هذه الشئون بنفسه بوساطة هيئاته بدون أي تدخل من أية وزارة, مع تبليغ هذا القرار للحكومة", كما وافق مجلس الشيوخ بعد ذلك على أنه "في حالة عدم وجود مكتب مجلس النواب لأي سبب من الأسباب تكون السلطة التي قررها المجلس للمكتب في جلسة 2 من أغسطس سنة 1926 بالنسبة لميزانية المجلس وموظفيه من اختصاص مكتب الشيوخ". وقد أدخلت على اللائحة الداخلية لمجلس النواب عدة تعديلات آخرها المشروع الذي وافق عليه المجلس بجلسة 24 من نوفمبر سنة 1941 وقرر العمل به فوراً, ولم يتناول المشروع الأخير ولا التعديلات السابقة عليه أي تعديل لحق المجلس واستقلاله بوضع ميزانيته وبشئون موظفيه. وقد اشتمل الباب السادس عشر من لائحة سنة 1941 على أحكام ميزانية المجلس وحساباته (المواد من 197 - 206), كما تضمنت المواد من 220 إلى 224 من تلك اللائحة مسائل الموظفين, ونصت المادة 222 على حكم جديد لم يرد باللائحة القديمة, وهو أن "يطبق المجلس على موظفيه ومستخدميه وخدمة فئات الكادر العام وأحكامه وقواعده التي تسري على موظفي الحكومة الداخلين في هيئة العمال والخدمة الخارجين عن هيئة العمال, ويطبق عليهم كذلك أحكام المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية". وقد درج مجلس النواب على اتباع ما قرره المجلس بجلسة 2 من أغسطس سنة 1926 من استقلاله بجميع شئونه إلى أن حل البرلمان وألغي دستور سنة 1923, وهذا أصل من الأصول المسلمة ردده دستور سنة 1956 ومشروع لائحة المجلس الداخلية؛ فقد نصت المادة 86 من ذلك الدستور على أن "يضع مجلس الأمة لائحته الداخلية لتنظيم كيفية أدائه لأعماله", وتضمن الباب الخامس عشر من مشروع اللائحة الخاص بميزانية المجلس وحساباته (المواد من 249 إلى 256) نفس الأحكام الواردة باللوائح القديمة الخاصة باستقلال المجلس بوضع ميزانيته ومراجعتها, ثم تضمنت اللائحة بعد ذلك مادة جديدة تؤكد استقلال المجلس في هذا الشأن؛ فقد نصت المادة 253 على أنه "لا يخضع المجلس في ميزانيته وحساباته لرقابة ديوان المحاسبة أو ديوان الموظفين, وللرئيس أن يطلب إلى رئيس ديوان المحاسبة ندب من يراه لوضع تقرير استشاري يرفع إلى الرئيس عن طريقة تنفيذ ميزانية المجلس", وتضمن الباب السادس عشر من مشروع اللائحة (المواد من 257 إلى 263) الأحكام نفسها الواردة باللوائح القديمة الخاصة باستقلال المجلس بشئون موظفيه.
ومن حيث إنه يبين مما سبق تفصيله أن كل مجلس من مجلسي البرلمان مستقل استقلالاً تاماً بوضع ميزانيته والنظم الخاصة بموظفيه وبأموره الداخلية كافة دون تدخل من السلطة التنفيذية في شيء من ذلك, فلا تشترك الحكومة في وضع ميزانية المجالس، ولا تقوم بمراجعتها أو مراقبة أوجه الصرف, كما لا تتدخل في تعيين موظفي المجالس أو ترقيتهم أو منحهم العلاوات وما إلى ذلك, يستوي في ذلك أن تكون التعيينات أو الترقيات أو العلاوات عادية أو استثنائية, وكل هذا مرده إلى أصل دستوري عريق هو مبدأ الفصل بين السلطات؛ إذ لا ينبغي أن تكون السلطة التشريعية - وهي التي تمثل الأمة وتتولى الرقابة العامة على السلطة التنفيذية - خاضعة لأية رقابة أو هيمنة في شئونها الداخلية من سلطة أخرى, كما أن هذا الاستقلال شرط جوهري لازم لتأدية المجالس وظيفتها التشريعية مستقلة عن أي مؤثر خارجي. ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 222 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب التي وافق عليها المجلس في 24 من نوفمبر سنة 1941 من أنه "يطبق المجلس على موظفيه ومستخدميه وخدمة فئات الكادر العام وقواعده التي تسري على موظفي الحكومة الداخلين في هيئة العمال والخدم الخارجين عن هيئة العمال"؛ ذلك أن الأصل هو أن للمجلس أن يضع لموظفيه ما يناسبه من أنظمة, فإن ارتأى أن يطبق عليهم الأحكام العامة للكادر الحكومي وآثر أن تسير الأوضاع بالنسبة لموظفيه على نسق الأوضاع السائدة في الحكومة بدلاً من أن توضع لهم لوائح جديدة, فإن هذا لا يعني خضوع موظفيه لرقابة الحكومة أو خروجهم من سلطان المجلس, كما لا يتعارض مع استقلال المجلس بشئون موظفيه, حسبما سلف البيان.
ومن حيث إنه في 22 من أكتوبر سنة 1951 صدر القانون رقم 190 لسنة 1951 بإنشاء ديوان الموظفين, ثم عدل بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1952 ثم بالمرسوم بقانون رقم 158 لسنة 1952, وقد بينت المادة الثانية من القانون الأخير اختصاص الديوان كما يلي: "(أولاً) الإشراف على تنفيذ لوائح الموظفين. (ثانياً) النظر في تحديد عدد الموظفين ودرجاتهم في الوزارات والمصالح العامة بقدر ما تقضي به ضرورة العمل. (ثالثاً) وضع نظم الامتحانات اللازمة للتعيين في وظائف الحكومة ولتمرين الموظفين. (رابعاً) مراجعة مشروعات ميزانيات الوزارات والمصالح العامة والاعتمادات الأخرى فيما يختص بالوظائف عدداً ودرجة وغير ذلك من شئون الموظفين, وإبداء ما قد يكون لديه من ملاحظات عليها, فإذا لم يؤخذ بهذه الملاحظات وجب إبلاغ البرلمان بوجهة نظر الديوان. (خامساً) اقتراح التشريعات الخاصة بالموظفين, وعلى وجه العموم يختص الديوان بالنظر في نظام العمل الحكومي ووضع الاقتراحات المؤدية لضمان سير الأعمال على وجه مرضي, وله في سبيل ذلك كله ندب من يرى من موظفيه لإجراء الأبحاث اللازمة في الوزارات والمصالح العامة وحق طلب البيانات التي يرى لزوم طلبها". ونصت المادة الأولى من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة على أن "يعمل في المسائل المتعلقة بنظام موظفي الدولة بالأحكام المرافقة لهذا القانون, وتسري أحكامه على موظفي وزارة الأوقاف والجامع الأزهر والمعاهد الدينية ويلغي كل حكم يخالف هذه الأحكام", ونصت المادة الثانية على أن "يعمل به من أول يوليه سنة 1952", وقد نصت المادة الثالثة من الباب الأول من ذلك القانون على أن يكون مراقبو ومديرو ورؤساء المستخدمين ووكلاؤهم بالوزارات والمصالح ما عدا ديوان المحاسبة تابعين لديوان الموظفين وتدرج وظائفهم بميزانيته".
ومن حيث إنه مثار هذه المنازعة ينحصر فيما إذا كان صدور القانونين رقم 158 لسنة 1952 ورقم 210 لسنة 1951 قد غير من تبعية رئيس ووكيل مستخدمي مجلس النواب للمجلس المذكور وأنهما أصبحا من تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 تابعين لديوان الموظفين, أم أن صدور القانونين المذكورين لم يغير من تبعية الموظفين المذكورين لمجلس النواب.
ومن حيث إنه يبين من مراجعة اختصاصات ديوان الموظفين المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 158 لسنة 1952 المشار إليه أنها تنصب أساساً على مراجعة ميزانيات الوزارات والمصالح فيما يختص بالموظفين عدداً ودرجة وتحديد عدد الموظفين ودرجاتهم بالوزارات والمصالح ثم الإشراف على تنفيذ لوائح الموظفين. وليس من شك في أن مجال مباشرة هذا الاختصاص - على ما هو ظاهر من صريح نص المادة الثانية سالفة الذكر - هو الوزارات والمصالح , وهي تقسيمات في بنيان السلطة التنفيذية, أو هي مسميات تطابق المرافق العامة التي تقوم عليها السلطة التنفيذية؛ ومن ثم لا يمتد اختصاص الديوان إلى مجلسي البرلمان، ذلك أنه فضلاً عن أن هذه المجالس النيابية لا تعتبر من الوزارات أو المصالح, فإنها - كما سلف البيان - تستقل بوضع ميزانياتها وبشئون موظفيها عامة مما يتنافى معه إيجاد رقابة أو إشراف عليها في هذه الشئون من أية سلطة أخرى, وما دام الأمر كما ذكر وكان مراقبو ومديرو ورؤساء المستخدمين ووكلاؤهم هم عمال ديوان الموظفين في الإشراف على تنفيذ لوائح الموظفين, فلا وجه - والحالة هذه - لأن يتبع رؤساء المستخدمين ووكلاؤهم بمجلسي البرلمان ديوان الموظفين, بل يظلون تابعين لمجالسهم صاحبة الولاية عليهم, ولم يغير حل المجلسين وإلغاء الدستور من ذلك الأمر شيئاً؛ وآية ذلك أنه على إثر حل مجلسي البرلمان صدر قرار من مجلس الوزراء في 17 من ديسمبر سنة 1952 بإلحاق سكرتيرتي مجلس الشيوخ والنواب برياسة مجلس الوزراء على أن يكون رئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء هما الجهة التي تتولى بالنسبة لشئونهما السلطات التي كانت مخولة لرئيس وهيئة مكتب كل منهما. وظاهر من هذا القرار أنه احتفظ لسكرتيرتي المجلسين باستقلالهما وكيانهما القانوني السابق, فهو لم يدمجهما في سكرتيرية مجلس الوزراء أو ينقلهما إليها أو إلى أية وزارة أو جهة أخرى, وإنما نظم الجهة الرياسية لهما فأصبحت رئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء بدلاً من رئيس المجلس أو هيئة المكتب؛ ويؤكد هذا النظر أن السيد وزير الدولة الذي عهد إليه رئيس مجلس الوزراء بتولي السلطة المخولة له في شئون موظفي سكرتيرتي المجلسين أصدر في 29 من يوليه سنة 1953 قرارين: الأول رقم 1676 بتقسيم الوظائف الداخلة في الهيئة بسكرتيرية مجلس النواب, والثاني رقم 1677 بتوزيع موظفي سكرتيرية المجلس على فئات الكادر المختلفة الداخلة في الهيئة محتفظاً بتقسيم الوظائف ومسمياتها طبقاً لما كان متبعاً قبل حل المجلس. مثال ذلك أن احتفظ بوظائف السكرتير العام للمجلس ومدير الإدارة التشريعية ومدير إدارة المراقبة ثم بوظائف مديري ووكلاء أقسام ورؤساء فرق وسكرتيري لجان وأعضاء فرق, وهي الوظائف التي تتفق وأعمال المجلس, أي أنه - على ما سبق القول - احتفظ بالكيان والوضع القانوني لسكرتيرية المجلس. ويجلو ذلك أيضاً المناقشات التي دارت في مجلس الشيوخ بجلسته المنعقدة في 15 من أكتوبر سنة 1951 في صدد ما أدخل من تعديل على المادة الثالثة من قانون نظام موظفي الدولة؛ فقد كان نص المادة الثالثة في أول الأمر يجري كما يلي "يكون مراقبو ومديرو ورؤساء المستخدمين ووكلاؤهم بالوزارات والمصالح تابعين لديوان الموظفين وتدرج وظائفهم بميزانيته". فقدم أحد حضرات الشيوخ اقتراحاً بأن يعدل نص المادة الثالثة على النحو التالي "يكون مراقبو ومديرو ورؤساء المستخدمين، ووكلاؤهم بالوزارات والمصالح, ما عدا ديوان المحاسبة, تابعين لديوان الموظفين، وتدرج وظائفهم بميزانيته"، وقال إن هذا التعديل هو "تحقيق للتنسيق بين التشريعات القائمة؛ فقد سبق للبرلمان تحقيقاً لاستقلال ديوان المحاسبة أن جعل شأن موظفيه خاضعاً لرئيس الديوان ولجنة عليا, فإذا ما أتبعنا مدير الحسابات لديوان المحاسبة ووكيله لديوان الموظفين تعارض هذا مع فكرة الاستقلال الممنوحة لديوان المحاسبة بمقتضى قانون قائم". وقد عقب أحد حضرات الشيوخ على ذلك بقوله "إن مجلس الشيوخ ومجلس النواب وديوان جلالة الملك مستقلة كذلك تمام الاستقلال", فرد صاحب الاقتراح "سنجدها مستثناة فيما بعد"، وقد وافق المجلس على هذا التعديل. ثم وردت بعد ذلك المادتان 132 و133، وتضمنت أولاهما أن أحكام هذا القانون تسري على موظفي ومستخدمي الحاشية الملكية المدنيين بغير مساس بالأحكام والقواعد المعمول بها الآن في شأن تعيينهم وترقيتهم وعلاواتهم، ويطبق بالنسبة للموظفين منهم في شأن التأديب أحكام المرسوم الصادر في 28 من يونيه سنة 1922, وفي الأحوال التي تطبق فيها أحكام هذا القانون على الوجه المتقدم يكون لرئيس ديوان جلالة الملك ولوكيل هذا الديوان السلطة والاختصاصات المقررة في هذا القانون للوزير ولوكيل الوزارة على التوالي", وتضمنت المادة الثانية أن "يكون لمجلس الأوقاف الأعلى ولمجلس الأزهر الأعلى وللجنة العليا بديوان المحاسبة كل فيما يخصه الاختصاصات والسلطات الممنوحة لمجلس الوزراء بمقتضى هذا القانون مع مراعاة اتباع ما يقضي به من اختصاص لوزارة المالية والاقتصاد ولديوان الموظفين في تلك الأحوال, ويكون لشيخ الجامع الأزهر والوكيل الاختصاصات والسلطة الممنوحة بهذا القانون للوزير ولوكيل الوزارة كل فيما يخصه". وظاهر مما تقدم أن البرلمان بمجلسيه اعتبر استقلال موظفيه عن رقابة ديوان الموظفين أمراً مفروغاً منه, فلم يثر في شأنه أي شبهة أو جدل, وإنما ثار ذلك حول ديوان المحاسبة، فلزم النص على استثنائه بحكم استقلاله عن السلطة التنفيذية.
ومن حيث إنه بالنسبة لما تم أخيراً من نقل وظيفتي رئيس ووكيل المستخدمين بمجلس النواب إلى ديوان الموظفين فإنه لما سبق تفصيله لا ينتج أثره إلا من تاريخ نفاذه.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما قضى به من رفض الدعوى, ويكون الطعن - والحالة هذه - غير قائم على أساس سليم من القانون, متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.

الجمعة، 28 يوليو 2023

الطعن 643 لسنة 13 ق جلسة 27 / 2 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 44 ص 283

جلسة 27 من فبراير سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضه رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر ومحمد عوض الله مكي.. المستشارين.

-------------------

(44)

القضية رقم 643 لسنة 13 القضائية

1 - دعوى الإلغاء "ميعاد رفعها".
صدور قرار من اللجنة القضائية بأحقية العامل في تسوية حالته - تراخي جهة الإدارة في تنفيذ هذا القرار - ميعاد الطعن في قرار الترقية الذي صدر بعد قرار اللجنة القضائية وقبل تنفيذه - يبدأ من التاريخ الذي تصدر فيه جهة الإدارة قرارها بتنفيذ قرار اللجنة القضائية - بيان ذلك (1).
2 - عاملون مدنيون "ترقية. تسوية. قواعد الإنصاف".
صدور قرار بالترقية إلى الدرجة السادسة في الكادر الفني المتوسط - ليس للعامل الذي كان معيناً في تاريخ هذه الترقية في كادر العمال أن يزاحم من كان يشغل الدرجة السابعة فعلاً - لا يغير ذلك أن تسوى حالة هذا العامل في الكادر الفني المتوسط بعد إجراء الترقية وترد أقدميته فرضاً إلى ما قبل ذلك - كما لا يغير منه أن يكون للعامل الحق في تسوية حالته طبقاً لقواعد الإنصاف - أساس ذلك أن تطبيق قواعد الإنصاف على عمال اليومية يقتصر على منحهم أجوراً موازية لمؤهلاتهم دون منحهم الدرجات التي تقررها هذه القواعد - بيان ذلك.

-------------------
إن وضع المدعي القانوني لم يتحدد وفقاً لقرار اللجنة القضائية الصادر لصالحه في التظلم رقم 1373 لسنة 1 القضائية على نحو يتبين منه حقيقة مركزه في الطعن على القرار الذي تخطاه في الترقية إلى الدرجة السادسة الفنية المتوسطة، إلا بعد أن قامت الجهة الإدارية بتسوية حالته وفقاً لقرار اللجنة المشار إليه بتاريخ 30 من يونيه سنة 1962 - حيث وضع على الدرجة السابعة الفنية المتوسطة التي يستحقها اعتباراً من 17 من أغسطس سنة 1948 - وبذلك انحسم مركزه القانوني وتحدد بصفة نهائية، وأرسخ اليقين لديه بحقيقة وضعه من القرار المطعون فيه وأفسح له ميعاد التظلم منه ومن هذا التاريخ راعى المدعي المواعيد المقررة للطعن.
إن وضع المدعي الوظيفي - عند صدور قرار الترقية المطعون فيه بتاريخ 25 من يناير سنة 1958 وقبل تعيينه بالدرجة السابعة في الكادر الفني المتوسط بتاريخ 5 من فبراير سنة 1962 - كان مستقراً في كادر العمال بينما الحركة المطعون فيها صادرة بالترقية إلى الدرجة السادسة في الكادر الفني المتوسط ومن ثم فإن المدعي لم يعين في هذا الكادر إلا بعد صدور القرار المطعون فيه وبهذه المثابة لم يكن له أصل حق في أن يتزاحم في الترقية مع من كان ينظمهم هذا الكادر ممن كانوا يشغلون فعلاً الدرجة السابعة الفنية وقت صدور الحركة المطعون فيها، وكان لابد لكي يكون له هذا الحق أن يكون القرار الصادر بتعيينه في هذا الكادر قد صدر سابقاً على هذه الحركة، أما وقد صدر بعد هذه الحركة فإنه بذلك ينهار الأساس القانوني الذي يقيم عليه المدعي هذه الدعوى.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم - أن المدعي قد سويت حالته في 30 من يونيه سنة 1962 - أي في تاريخ لاحق لتعيينه في الكادر الفني المتوسط تنفيذاً لقرار اللجنة القضائية - فردت أقدميته في الدرجة السابعة في هذا الكادر إلى 17 من أغسطس سنة 1948 فرضاً مما يؤهله للترقية في الحركة المطعون فيها - لا يغير هذا مما تقدم ذلك أنه مهما يكن من أمر أقدميته هذه التي لم ترتب له في هذه الدرجة إلا بعد تسوية حالته وبعد الحركة المطعون فيها - فإنه ما كان ممكناً ولا جائزاً أن ترتب له هذه الأقدمية قبل تعيينه في الكادر الفني المتوسط، ومن ثم فليس من شأن إرجاع أقدميته في الدرجة السابعة في هذا الكادر على النحو المشار إليه أن يتزاحم في الترقيات التي تمت به قبل تعيينه وإلا أدى ذلك إلى أن يقع المساس بالحقوق التي اكتسبت لذويها من موظفي هذا الكادر الأمر الذي لا يجوز قانوناً.
ومن حيث إنه لا حجة فيما استند إليه الحكم المطعون فيه - من أن العبرة بتقرير حق المدعي في أقدمية الدرجة السابعة بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1951 والذي منحه الحق في هذه الدرجة المقررة لمؤهله من بدء تعيينه في 17 من أغسطس سنة 1948 الأمر الذي أقرته اللجنة القضائية في قرارها المشار إليه - لا حجة في ذلك، إذ أن منح الدرجات والمرتبات التي تقررها قواعد الإنصاف لا يكون إلا لمن كانوا في سلك الدرجات أما من لم يكونوا في هذا السلك وإنما كانوا معينين في كادر عمال اليومية فإن حق هؤلاء يقتصر على منحهم أجوراً موازية لمؤهلاتهم قياساً على مرتبات نظرائهم المؤهلين والمعينين في سلك الدرجات، ومن ثم فإنه لما كان وضع المدعي الوظيفي - قبل تعيينه في الكادر الفني المتوسط - كان مستقراً في كادر عمال اليومية فإنه من شأن قرار اللجنة القضائية الذي قضى بأحقيته في تسوية حالته وفقاً للقواعد الواردة في قرارات مجلس الوزراء الصادرة في أول يوليه و9 من ديسمبر سنة 1951 - ليس من شأن هذا القرار أن يمنحه الدرجة المقررة لمؤهله وهو في هذا الكادر وإنما كل ما يمكن أن يمنحه له هو تسوية أجره اليومي قياساً على ما هو مقرر لنظيره المعين على درجة بالميزانية بأن يرفع أجره إلى ما يعادل مرتب هذا النظير، وتتمخض هذه التسوية في النهاية عن مصرف مالي في الكادر الذي ينتمي إليه وهو كادر العمال.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 399 لسنة 10 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية وطلب فيها الحكم "بإلغاء القرار الصادر في 25 من يناير سنة 1958 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة السادسة بالكادر الفني المتوسط مع ما يترتب على ذلك من آثار" وبجلسة 2 من سبتمبر سنة 1964 قضت المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الإدارية للرئاسة والمؤسسات والهيئات العامة، وقد أحالتها هذه المحكمة بدورها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص تنفيذاً لحكم القانون 144 لسنة 1964 وقيدت بسجل المحكمة برقم 2540 لسنة 19 القضائية، وتخلص الدعوى في أن المدعي عين بمصلحة الميكانيكا والكهرباء في 17 من أغسطس سنة 1948 ثم نقل إلى إدارة الغاز والكهرباء في 13 من فبراير سنة 1956 وصدر لصالحه حكم من اللجنة القضائية في الدعوى 1373 لسنة 1 القضائية قضى بأحقيته في تسوية حالته وفقاً للقواعد الواردة في قرار مجلس الوزراء في أول يوليه و2 و9 ديسمبر سنة 1951 وأصبح الحكم نهائياً، وقد تباطأت إدارة الغاز والكهرباء في تنفيذ الحكم المشار إليه إلى أن أصدرت القرار الوزاري رقم 14 لسنة 1962 في 30 من يونيه سنة 1962 بإرجاع أقدميته في الدرجة السابعة إلى 17 من أغسطس سنة 1948، وقد صدر قرار في 25 من يناير سنة 1958 بترقية زميله السيد/ سعيد علي خليل إلى ذات الدرجة وذلك بعد نقل المدعي لإدارة الغاز والكهرباء بأكثر من سنة، ولما كان المدعي يسبق المطعون في ترقيته في أقدمية الدرجة السابعة فقد كان من المتعين إرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى تاريخ القرار كأثر للحكم، وقال أنه بمجرد علمه بقرار تسوية حالته تنفيذاً للحكم بطريقة مبتورة بادر بتقديم تظلمه في 19 من أغسطس سنة 1962 ولما لم يصله رد على تظلمه مما يعتبر رفضاً ضمنياً بادر بتقديم طلب إعفاء من الرسوم قيد برقم 57 لسنة 10 وتقرر رفضه في 20 من فبراير سنة 1963 فبادر بتقديم دعواه هذه في الميعاد. وقد أجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي عين في وظيفة سائق ديزل باليومية بدرجة دقيق بأجر يومي قدره 320 مليماً اعتباراً من 17 من أغسطس سنة 1948 وهو حاصل على دبلوم المدارس الصناعية نظام حديث خمس سنوات عام 1948 ثم نقل إلى إدارة الغاز والكهرباء بتاريخ 13 من فبراير سنة 1956 وكان أجره اليومي قد بلغ 380 مليماً ثم رقى إلى درجة دقيق ممتاز في 29 من أبريل سنة 1958 فبلغ أجره 440 مليماً وصدر القرار الوزاري رقم 14 لسنة 1962 متضمناً تسوية حالته باعتباره في الدرجة السابعة الفنية المتوسطة من 17 من أغسطس سنة 1948 وتدرج حالته وفقاً لما هو وارد بهذا القرار وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك وكان ذلك استناداً إلى قرار اللجنة القضائية لوزارة الأشغال الصادر بجلسة 12 من مارس سنة 1953 وقالت الجهة الإدارية أن الطعن على القرار رقم 140 لسنة 1958 الصادر في 25 يناير سنة 1958 لم يقدم في الميعاد مما يجعل القرار حصيناً من الإلغاء ولا دخل لتراخي الإدارة في تسوية حالته طبقاً لقرار اللجنة القضائية في تحصن القرار المطعون فيه، وعقب المدعي على هذا الرد بأن العبرة بالقرار الصادر بتسوية حالته والذي به يتحدد مركزه وهو لم يتراخ في طلب تنفيذه وبجلسة 16 من فبراير سنة 1967 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى ويقضي "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة السادسة الفنية المتوسطة إلى 25 من يناير سنة 1958 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المؤسسة المصروفات" وأقامت قضاءها فيما يتعلق بقبول الدعوى شكلاً على أن قرار تسوية حالة المدعي الذي صدر في 30 من يونيه سنة 1962 هو الذي أرسى اليقين لديه بحقيقة مركزه القانوني، وقد تظلم من القرار المطعون في 20 من أغسطس سنة 1962 وتقدم بطلب الإعفاء من الرسوم القضائية في 15 من أكتوبر سنة 1962، ولما رفض طلبه في 10 من فبراير سنة 1963 أقام دعواه في الموعد القانوني. وفيما يتعلق بالناحية الموضوعية أقامت المحكمة قضاءها على أنه لا محل لما تذهب إليه جهة الإدارة من أن تعيين المدعي في الدرجة السابعة كان لاحقاً على صدور القرار المطعون فيه، لأن العبرة بتاريخ تقرير حقه في أقدمية الدرجة السابعة بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1951 والذي منحه الحق في الدرجة السابعة المقررة لمؤهله الدراسي من بدء تعيينه في 17 من أغسطس سنة 1948 وهو ما أقرته اللجنة القضائية بمقتضى حكمها الحائز لقوة الشيء المقضى فيه، وأصبح نهائياً بعدم الطعن عليه، وكان يتعين إجراء تسوية حالته على مقتضاه قبل إجراء الحركة المطعون فيها، ولكن جهة الإدارة تراخت في إجراء هذه التسوية حتى 30 من يونيه سنة 1962 وكان نتيجة ذلك أن تخطته في الترقية بالأقدمية المطلقة، وبناء على ذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر على خلاف القانون إذ أن المطعون في ترقيته ترجع أقدميته في الدرجة السابعة إلى أول يناير سنة 1949 بينما ترجع أقدمية المدعي في هذه الدرجة إلى 17 من أغسطس سنة 1948 ولما كان المدعي قد رقى إلى الدرجة السادسة اعتباراً من 15 من أغسطس سنة 1962 فإن مصلحته تصبح قاصرة على إرجاع أقدميته في الدرجة المشار إليها إلى 25 من يناير سنة 1959 تاريخ نفاذ الحركة المطعون فيها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون لأن المدعي لا يطعن في القرار رقم 140 لسنة 1958 الصادر في 25 يناير سنة 1958 في المواعيد القانونية ومن ثم فقد أصبح حصيناً وتكون الدعوى غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد، كما جانب الحكم المطعون فيه جادة الصواب عندما ألقى على عاتق جهة الإدارة مسئولية عدم تنفيذ قرار اللجنة القضائية إذ أن هذه المسئولية تقع على المدعي وحده الذي لم يطلب تنفيذ هذا القرار، وقد منحه القانون الوسائل اللازمة لإجبار الإدارة على ذلك، كذلك فإن المطعون ضده لم يكن قد عين في الكادر الفني المتوسط وقت صدور القرار المطعون فيه، ذلك أن تاريخ تعيينه بالدرجة السابعة الفنية المتوسطة كان في 5 من فبراير سنة 1962 وهو تاريخ لاحق على صدور القرار المطعون فيه الذي صدر في 25 من يناير سنة 1958 ومن البديهي أن حقه في الترقية إلى الدرجة المشار إليها لن يترتب إلا إذا كان معيناً بهذا الكادر في تاريخ سابق على التاريخ الذي يطلب إرجاع أقدميته في هذه الدرجة.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول من الطعن المتعلق بالدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد فإن الحكم المطعون فيه سليم فيما انتهى إليه في هذا الخصوص ذلك:
أن وضع المدعي القانوني لم يتحدد وفقاً لقرار اللجنة القضائية الصادر لصالحه في التظلم رقم 1373 لسنة 1 القضائية على نحو يتبين منه حقيقة مركزه في الطعن على القرار الذي تخطاه في الترقية إلى الدرجة السادسة الفنية المتوسطة، إلا بعد أن قامت الجهة الإدارة بتسوية حالته وفقاً لقرار اللجنة المشار إليه بتاريخ 30 من يونيه سنة 1962 - حيث وضع على الدرجة السابعة الفنية المتوسطة التي يستحقها اعتباراً من 17 من أغسطس سنة 1948 - وبذلك انحسم مركزه القانوني وتحدد بصفة نهائية، وأرسخ اليقين لديه بحقيقة وضعه من القرار المطعون فيه وأفسح له ميعاد التظلم منه ومن هذا التاريخ راعى المدعي المواعيد المقررة للطعن.
وبذلك تكون دعواه قد استوفت أوضاعها الشكلية ورفعت في الميعاد فهي مقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه بالنسبة لوجه الطعن المتعلق بالموضوع، فإن الثابت من الأوراق أن وضع المدعي الوظيفي - عند صدور قرار الترقية المطعون فيه بتاريخ 25 من يناير سنة 1958 وقبل تعيينه بالدرجة السابعة في الكادر الفني المتوسط بتاريخ 5 من فبراير سنة 1962 - كان مستقراً في كادر العمال بينما الحركة المطعون فيها صادرة بالترقية إلى الدرجة السادسة في الكادر الفني المتوسط, ومن ثم فإن المدعي لم يعين في هذا الكادر إلا بعد صدور القرار المطعون فيه, وبهذه المثابة لم يكن له أصل حق في أن يتزاحم في الترقية مع من كان ينتظمهم هذا الكادر ممن كانوا يشغلون فعلاً الدرجة السابعة الفنية وقت صدور الحركة المطعون فيها، وكان لابد لكي يكون له هذا الحق أن يكون القرار الصادر بتعيينه في هذا الكادر قد صدر سابقاً على هذه الحركة، أما وقد صدر بعد هذه الحركة فإنه بذلك ينهار الأساس القانوني الذي يقيم عليه المدعي هذه الدعوى.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم - أن المدعي قد سويت حالته في 30 من يونيه سنة 1962 - أي في تاريخ لاحق لتعيينه في الكادر الفني المتوسط - تنفيذاً لقرار اللجنة القضائية, فردت أقدميته في الدرجة السابعة في هذا الكادر إلى 17 من أغسطس سنة 1948 فرضاً مما يؤهله للترقية في الحركة المطعون فيها - لا يغير هذا مما تقدم, ذلك أنه مهما يكن من أمر أقدميته هذه التي لم ترتب له في هذه الدرجة إلا بعد تسوية حالته وبعد الحركة المطعون فيها, فإنه ما كان ممكناً ولا جائزاً أن ترتب له هذه الأقدمية قبل تعيينه في الكادر الفني المتوسط، ومن ثم فليس من شأن إرجاع أقدميته في الدرجة السابعة في هذا الكادر على النحو المشار إليه, أن يتزاحم في الترقيات التي تمت به قبل تعيينه, وإلا أدى ذلك إلى أن يقع المساس بالحقوق التي اكتسبت لذويها من موظفي هذا الكادر الأمر الذي لا يجوز قانوناً.
ومن حيث إنه لا حجة فيما استند إليه الحكم المطعون فيه, من أن العبرة بتقرير حق المدعي في أقدمية الدرجة السابعة بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1951 والذي منحه الحق في هذه الدرجة المقررة لمؤهله من بدء تعيينه في 17 من أغسطس سنة 1948 الأمر الذي أقرته اللجنة القضائية في قرارها المشار إليه - لا حجة في ذلك، إذ أن منح الدرجات والمرتبات التي تقررها قواعد الإنصاف لا يكون إلا لمن كانوا في سلك الدرجات أما من لم يكونوا في هذا السلك وإنما كانوا معينين في كادر عمال اليومية فإن حق هؤلاء يقتصر على منحهم أجوراً موازية لمؤهلاتهم قياساً على مرتبات نظرائهم المؤهلين والمعينين في سلك الدرجات، ومن ثم فإنه لما كان وضع المدعي الوظيفي - قبل تعيينه في الكادر الفني المتوسط - كان مستقراً في كادر عمال اليومية فإنه ليس من شأن قرار اللجنة القضائية الذي قضى بأحقيته في تسوية حالته وفقاً للقواعد الواردة في قرارات مجلس الوزراء الصادرة في أول يوليه و9 من ديسمبر سنة 1951 - ليس من شأن هذا القرار أن يمنحه الدرجة المقررة لمؤهله وهو في هذا الكادر وإنما كل ما يمكن أن يمنحه له هو تسوية أجره اليومي قياساً على ما هو مقرر لنظيره المعين على درجة بالميزانية بأن يرفع أجره إلى ما يعادل مرتب هذا النظير، وتتمخض هذه التسوية في النهاية عن مصرف مالي في الكادر الذي ينتمي إليه وهو كادر العمال.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم تكون دعوى المدعي غير قائمة على أساس سليم من القانون، وإذا أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد جانب الصواب في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين لذلك الحكم بإلغائه ورفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.


(1) راجع حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1965 في القضية رقم 1418 لسنة 8 ق المنشور بمجموعة السنة الحادية عشرة قاعدة رقم 4 ص 28 - وقارن حكمها الصادر بجلسة 23 من مارس سنة 1969 في القضية رقم 853 لسنة 10 ق المنشور بمجموعة السنة الرابعة عشرة قاعدة رقم 67 ص 525.