الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 9 فبراير 2013

عدم نشر القرار فى الجريدة الرسمية ” الوقائع المصرية ” يزيل عن قواعده صفتها الإلزامية

قضية رقم 95 لسنة 23  قضائية  المحكمة الدستورية العليا "دستورية"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
          بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، الثالث من يونيه سنة 2012م ، الموافق الثالث عشر من رجب سنة 1433 ه .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان      رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : الدكتور حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبدالحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى        
                                       نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو         رئيس هيئة  المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبدالسميع             أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 95 لسنة 23 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / رشدى أحمد إبراهيم يوسف
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
3 السيد محافظ المنوفية
4 السيد رئيس مجلس مدينة قويسنا
الإجراءات
          بتاريخ 31 مايو سنة 2001 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، بطلب الحكم بعدم دستورية قرار محافظ المنوفية رقم 482 الصادر فى 5/12/1987 ، فيما تضمنه من اشتراطات وقواعد الحصول على تصريح بالإحلال والتجديد للمبانى ، أو ضرورة التقيد ببعد معين للطرق بهدف توسعتها ، وتجريم المخالف جنائيًا وإداريًا ، وذلك كله بالنسبة لقرى المحافظة ، ومنها قرية عرب الرمل مركز قويسنا منوفية .
          وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت ، فيها الحكم برفض الدعوى .
          وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
          ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 1041 لسنة 3 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بطنطا ، ضد المدعى عليهما الثالث والرابع ، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ المنوفية رقم 482 لسنة 1987 ، وما يترتب على ذلك من آثار ، على سند من أن الوحدة المحلية بعرب الرمل قامت بتحرير محضر مخالفة مبان ضده ، وتم قيده برقم 183 لسنة 1996 إدارى مركز قويسنا ، وذلك لقيامه بهدم وإعادة بناء منزله دون الحصول على تصريح من الوحدة المحلية ، وعدم التزامه بالردود المطلوبة بالنسبة للسور ، وذلك بالمخالفة لقرار محافظ المنوفية المشار إليه ، وقد قررت النيابة العامة حفظ المحضر إداريًا ، إلا أن الوحدة المحلية حاولت هدم السور ، بقالة وجوب الارتداد به حتى يكتمل عرض شارع داير الناحية الذى يطل عليه المنزل ستة أمتار تنفيذًا للقرار المشار إليه ، الذى نعى عليه المدعى مخالفته أحكام
الدستور ، لتضمنه نزعًا للملكية الخاصة دون تعويض ، فضلاً عن عدم انطباقه على منزله المقام فى الخمسينات وقبل العمل بقانون التخطيط العمرانى ، وأن الشارع الذى يطل عليه المنزل ليس داير الناحية أو من مداخل القرية ، ومن ثم أقام المدعى دعواه سالفة الذكر توصلاً للقضاء له بطلباته المتقدمة . وبجلسة 26/3/1996 قضت المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وإذ لم يرتض المدعى هذا القضاء ، فقد طعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا ، وقيد طعنه برقم 3450 لسنة 42 قضائية عليا ، وأثناء نظر الطعن دفع بعدم دستورية القرار الآنف الذكر ، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع ، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام دعواه الماثلة .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع . وكان القرار المطعون فيه قد تضمن وضع قواعد واشتراطات التخطيط العمرانى بمدن وقرى المحافظة ، بصفة مؤقتة ، إلى أن يتم إعداد التخطيط العام والتخطيط التفصيلى ، واشترط فى المادة الأولى منه بالنسبة للقرى ، ألا يقل عرض شارع داير الناحية والمداخل عن ستة أمتار ، فإذا كانت أقل من ذلك لزم الارتداد بمقدار نصف الفرق بين الطريق والستة أمتار على الجانبين ، كما حظر إقامة أى بناء إلا بعد الحصول على تصريح من المجلس القروى المختص ، وهى الأحكام التى ارتكنت إليها الجهة الإدارية فى تحرير المحضر المقيد برقم 183 لسنة 1996 إدارى مركز قويسنا ، ضد المدعى ، والتى تستند إليها فى اتخاذ إجراءات هدم وإزالة العقار المملوك له ، وهى فوق هذا محل طلب وقف التنفيذ والإلغاء ، وما يترتب على كل ذلك من آثار ، المطروحة أمام محكمة الموضوع ، كما انصبت عليها طلبات المدعى الختامية الواردة بصحيفة دعواه ، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون متحققة بالنسبة للطعن على هذا القرار .
وحيث إن المدعى ينعى على القرار المطعون فيه مخالفة نصوص المواد (34 ، 36 ، 61 ، 64 ، 65 ، 66 ، 68 ، 86 ، 144) من دستور سنة 1971 ، على سند من أن هذا القرار صدر من غير مختص أو مفوض
بإصداره ، وتضمن اعتداء على اختصاص السلطة التشريعية ، ومد سريان قانون التخطيط العمرانى إلى القرى والمبانى المقامة قبل صدور هذا القانون ، واعتماد التخطيط العمرانى العام والخاص ، دون وجه حق وبأثر رجعى ، كما تضمن مساسًا بسيادة القانون ، ومصادرة للأموال ، ونزعًا للملكية الخاصة دون سلوك الإجراءات القانونية ، ودون الالتجاء إلى القضاء أو دفع تعويض عادل ، هذا فضلاً عن مخالفته للقانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء ، وقانون التخطيط العمرانى الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 1982 .
وحيث إنه عن النعى الأخير ، فمردود بأن الرقابة القضائية التى تباشرها هذه المحكمة فى شأن دستورية النصوص القانونية – على ما جرى به قضاؤها – مناطها مخالفة تلك النصوص لقاعدة تضمنها الدستور ، ولا شأن لها بالتعارض بين نصين قانونيين جمعهما قانون واحد أو تفرقا بين قانونين مختلفين ، وكذا التعارض بين اللائحة والقانون ، ما لم يكن هذا التعارض منطويًا – بذاته – على مخالفة دستورية ، الأمر الذى يتعين معه الالتفات عن ذلك النعى .
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية ، يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض فى عيوبها الموضوعية ، كما أن الأوضاع الشكلية ، سواء فى ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط نفاذها ، إنما تتحدد فى ضوء ما قررته فى شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها ، ومن ثم فإن نصوص دستور سنة 1971 ، الذى صدر القرار المطعون فيه فى ظل العمل به ، تكون هى الواجبة التطبيق فى هذا الشأن .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدولة القانونية – وعلى ما تنص عليه المادة (65) من دستور سنة 1971 – هى التى تتقيد فى ممارستها لسلطاتها – أيًا كانت وظائفها أو غاياتها – بقواعد قانونية تعلو
عليها ، وتردها على أعقابها إن هى جاوزتها ، فلا تتحلل منها ، ذلك أن سلطاتها هذه – وأيًا كان القائمون عليها – لا تعتبر امتيازًا شخصيًا لمن يتولونها ، ولا هى من صنعهم ، بل أسستها إرادة الجماهير فى تجمعاتها على امتداد الوطن ، وضبطتها بقواعد آمرة لا يجوز النزول عنها ، ومن ثم تكون هذه القواعد قيدًا على كل أعمالها وتصرفاتها ، فلا تأتيها إلا فى الحدود التى رسمها الدستور ، وبما يرعى مصالح مجتمعها .
وحيث إن مضمون القاعدة القانونية التى تعتبر إطارًا للدولة القانونية تسمو عليها وتقيدها ، إنما يتحدد – من منظور المفاهيم الديمقراطية التى
يقوم نظام الحكم عليها على ما تقضى به المواد 1 ، 3 ، 4 من دستور سنة 1971 – على ضوء المعايير التى التزمتها الدول الديمقراطية فى ممارستها لسلطاتها ، واستقر العمل فيما بينها على انتهاجها باطراد فى مجتمعاتها ، فلا يكون الخضوع لها إلا ضمانًا لحقوق مواطنيها وحرياتهم ، بما يكفل تمتعهم بها أو مباشرتهم لها دون قيود جائرة تنال من محتواها أو تعطل جوهرها .
وحيث إن إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية ، بمضمونها ، يعتبر شرطًا لإنبائهم بمحتواها ، وكان نفادها ، تبعًا لذلك ، يفترض إعلانها من خلال
نشرها ، وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها . وكان ذلك مؤداه أن دخول هذه القاعدة مرحلة التنفيذ مرتبط بواقعتين تجريان معًا وتتكاملان – وإن كان تحقق ثانيتهما معلقًا على وقوع أولاهما – هما نشرها وانقضاء المدة التى حددها المشرع لبدء العمل بها ، وكان من المقرر أن كل قاعدة قانونية – سواء تضمنها قانون أو لائحة – لا يجوز اعتبارها كذلك ، إلا إذا قارنتها صفتها الإلزامية التى تمايز بينها وبين القاعدة الخلقية ، فإن خاصيتها هذه تعتبر جزءًا منها ، فلا تستكمل مقوماتها بفواتها .
وحيث إن ما تقدم مؤداه إن نشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها ، وامتناع القول بالجهل بها ، وكان هذا النشر يعتبر كافلاً وقوفهم على ماهيتها ومحتواها ونطاقها ، حائلاً دون تنصلهم منها ، ولو لم يكن علمهم بها قد صار يقينيًا ، أو كان إدراكهم لمضمونها
واهيًا . وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها – وهم من الأغيار فى مجال تطبيقها – متضمنًا إخلالاً بحرياتهم أو بالحقوق التى كفلها الدستور ، دون التقيد بالوسائل القانونية التى حدد تخومها وفصل أوضاعها ، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التى لا تنشر ، لا تتضمن إخطارًا كافيًا بمضمونها ولا بشروط تطبيقها ، فلا تتكامل مقوماتها التى اعتبر الدستور تحققها شرطًا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والحريات على اختلافها ، وعلى ما اتصل منها بصون الحرية الشخصية ، والحق فى الملكية .
وحيث إن من المقرر أن كل قاعدة قانونية لا تكتمل فى شأنها الأوضاع الشكلية التى تطلبها الدستور فيها ، كتلك المتعلقة باقتراحها وإقرارها وإصدارها وشروط نفاذها ، إنما تفقد مقوماتها باعتبارها كذلك ، فلا يستقيم بنيانها ، وكان تطبيقها فى شأن المشمولين بحكمها – مع افتقارها لقوالبها الشكلية – لا يلتئم ومفهوم الدولة القانونية التى لا يتصور وجودها ولا مشروعية مباشرتها لسلطاتها ، بعيدًا عن خضوعها للقانون وسموه عليها ، باعتباره قيدًا على كل تصرفاتها وأعمالها .
وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه لم ينشر فى الجريدة الرسمية " الوقائع المصرية " بالمخالفة للنصوص المتقدمة ونص المادة (188) من دستور سنة 1971 ، ومن ثم فإن تطبيقه على المدعى قبل نشره ، يزيل عن القواعد التى تضمنها صفتها الإلزامية ، فلا يكون لها قانونًا من وجود .
وحيث إن مؤدى ما تقدم مخالفة أحكام القرار المطعون فيه ، جميعها ، لنصوص المواد 1 ، 3 ، 4 ، 64 ، 65 ، 188 من دستور سنة 1971 ، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستوريته برمته .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية قرار محافظ المنوفية رقم 482 الصادر بتاريخ 5/12/1987 ، وألزمت الحكومة بالمصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق